بدون مجاملة: المرأة في المجتمع المدني
المرأة هي المرأة، الشريك والصديق والحبيب، الأم، الابنة، الأخت، الزوجة، مهما اختلفت العصور، فلكل زمان ظروفه واحتياجاته وسماته، والمرأة في المجتمع المدني ما زالت الأنثى الحنونة المصاحبة، إلا أنها تتحمل مسؤوليات مستجدة مرتبطة بزمانها.
فهل سلبت الحياة الحديثة المرأة حقوقها وانتزعت رقتها؟ أم مكنتها وآمنت بها أكثر؟
إن لكل زمن طابعه وأحواله، مزاياه وتحدياته، لكن المهم ألا نتخلى عن طبيعتنا، والمرونة موجودة دائماً، وإن واقع الزمن الذي نعيشه يفرض واجبات ومهام لم تكن موجودة أساساً، وطالما أن المرأة- كما يقال تنجب نصف المجتمع وتربي النصف الآخر- فلا شك أن المستجدات ستطولها وتؤثر فيها وتتأثر بها، (الحياة المدنية) لها خصائص ومتطلبات تتفاعل معها المرأة كفرد له كيانه وحضوره، ومؤسسات المجتمع المدني متنوعة، منها مركز الشرطة مثلاً، الذي يرى بعض الناس أن دخوله أمر مخزٍ! فكيف بدخول المرأة إليه مع أن هذا المركز يؤدي دوراً قانونياً لحفظ حقوق الناس في المجتمع، ويتعامل مع قضايا بصفة اختصاصية رسمية، فأين الخطأ في دخوله؟!
المرأة في الدولة المدنية تريد أن تتعايش، أن تكون عملية وتشطب سطراً تلو الآخر في لائحة المهام! المرأة خرجت للعمل، وأحيانا لغاية شخصية لا معاشية، لها الحق أن تبقى في المنزل، أو تستكمل دراستها، أو تثابر لنيل مسمى وظيفي، أو تنال ذلك كله! تعددت الخيارات وتنوعت الأنماط، فهي تمارس أدواراً متعددة مهما كان موقعها، ولها بصمة تميزها لأنها تمثل نموذجاً صريحاً للرعاية والاحتواء، وهذا كله يعد جزءاً من المشاركة الاجتماعية.
وما يجب أن نحرص عليه هو ألا تتنازل المرأة عن حقوقها الفطرية المتصلة بطبيعتها كأنثى، والاجتماعية كفرد في جماعة، وهنا نتوقف لنفرق بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول، بين ما يحفظ للمرأة خصوصياتها وبين ما يسلبها ذلك، كما أن ارتيادها مواقع معينة أو ذهابها إلى ورشة لصيانة سيارتها، أو خروجها متأخراً لحاجة أو ظرف ليس إلا إنجازاً لضروريات مرتبطة بطبيعة الحياة، وليس أمرا مستقبحاً! وهو نوع من التكافل مع الرجل.
ونرى أن معتقدات المجتمع متغيرة، بتغير الوقت والحاجة، وعملية تنقيح الثقافة حقيقية، وتحصل بمرور الأجيال في كل المجتمعات البسيطة والمعقدة، ذلك لأن التغير سنة كونية، والتجاوب معه يعتبر الفيصل في الاستمرار والمواكبة بل التحسين، وهو مصطلح (التكيف).
تشير الدراسات الإنسانية إلى أن الأشخاص الأعلى ذكاءً يتسمون بقدرتهم على التكيف مع المستجدات، وإيجاد الحلول والبدائل، فالتقبل والتكيف ليس عملية عشوائية ولا هوجاء، هو عملية عقلية مدروسة، وفي حالة ما يُقبل ويُرفض تكون المرجعية للأخلاق والقيم والقدرات وما هو متاح وممكن، وعلى المستوى الجمعي بما لا يتعارض مع المصالح العامة، وطبعا ما يحترم ويحفظ الهوية.
فاللهم ارزقنا التكيف الجميل.