منذ آخر مقال وأنا لا أجد داعياً أن أكتب شيئاً عن أي شيء، فكل الأشياء بدت في فوضى عارمة، الحياة والإنسانية، فقد ابتُلينا بأن نعيش حياةً فيها كل شيء عدا الحياة، تبدلت أوجهنا وصرنا نتعايش رغم المآسي والحروب من حولنا، تعلمنا النفاق رغم كرهنا له، فلابد لك أن تبتسم في وجه عدوك، كي تمضي المصالح والحياة.
نعرف عدونا جيدًا، ومع ذلك نحن قليلو حيلة، لا نملك سوى الخنوع والخضوع وأن نسير كما يسير غيرنا، وبات القتل والحربُ عادة، والموت حالة عابرة، لم تلبث الإنسانية كما هي، تجد الناس في طوائف، كل منحازٌ لفرقته! قليلون جدًا من يهزُ وجدانهم أوجه الطغيان.
أرضٌ تصرخ ظُلمًا وقصفًا، وأخرى مجاورة تسهرُ على حفلة غنائية، تنفجرُ وسائل الميديا بفيديوهات وصور لجرحى وقتلى، ويحتل سخفاء البثوث والرقص «الترند» والمركز الأول! نحن أنفسنا صرنا نناقض إنسانيتنا، نتفادى متابعة الأخبار حتى لا تعكر مشاهد الواقع «مزاجنا» وخطط الترفيه لدينا!
تفاعلنا مع كل شيء صار مؤقتا ولحظيًا، وكأن الأحداث المتوالية روّضتنا على أن نحمل مشاعر مؤقتة، وتعاطفا زائلاً إنسانيتنا تهشمّت، ليكبُر جيل مستهتر، ليس واعياً وغير آبه لأهل، ولا لوطن ولا لعروبة!
نلطُمُ حزنًا على ما آلت إليه الحياة، نشكو صمت العالم، ونتساءل «كيف بالله أصبحت المجازر والمآسي شيئاً عابراً؟»، نحن أنفسنا، نبكي على حال أمتنا، ونربي أبناءنا على «هاي» بدلًا من «السلام عليكم»!
خِلِصْ كل شي، الإنسانية والوجع والحكي...