سافرت إلى بغداد قبل أيام تقريبا، بعد أن تلقيت دعوة كريمة من صديقي الفنان العراقي الكبير محمد هاشم لحضور مسرحية بعنوان (قطار بصرة لندن) وهي من بطولته وإخراج الدكتور مناضل داود، وقد عرضت على مسرح الرشيد وسط بغداد، وتعدّ هذه أول مسرحية في حياتي أدخلها وأشاهدها، ومن سوء حظي أن أحداثها تدور حول الحروب بشكل عام وتأثيرها النفسي على كل من يعايشها ويذوق مرها، وكعادة الفنان محمد هاشم كان مبهراً في أدائه بالرغم من مرضه.
وقد التقيت على مدى ثلاثة أيام بفنانين ومثقفين عراقيين، وبمستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي الذين أخجلوني بدماثة خلقهم وكرم ضيافتهم، وأتحفوني بالثناء على دور دولة الكويت البارز على جميع المستويات، وفي سياق المسرحية فإن ما دار فيها من أحداث تتشابه مع واقع الشعوب العربية التي تعد من أكثر شعوب العالم التي عانت ويلات الحروب وما خلفته من كوارث وتهجير ومازالت آثارها ومآسيها لا تفارق وجه الوطن العربي الذي يعيش منذ زمن أزمات متتالية وحروبا تفتك به سواء كانت أهلية أو ضد العدو الصهيوني.
فلا يوجد عاقل على هذه الأرض يحب الحرب أو يتمناها لأنها ليست رحلة سعيدة، إلا إذا فرضت عليه أن يسير بطريقها الوعر كما هو حاصل الآن مع الشعبين الغزاوي واللبناني اللذين لم يطلباها أو يسعيا لها بل يلعناها ويبغضاها ويرفضاها جملة وتفصيلاً، فهي أكلت وشربت معهم لسنوات طويلة، وفُرضت عليهم بسبب قرارات عنجهية لم تكن مدروسة من قبل أحزاب تحكمت برقابهم ومصير حياتهم ومستقبل أبنائهم الذين يتمنون أن يعيشوا بسلام مثل باقي الشعوب المستقرة.
فالخطأ الذي ارتكبته «حماس» لم يتعظ منه حزب الله فكانت الذريعة والضوء الأخضر للعدو الصهيوني الذي استباح أرواح الأبرياء وتفنن في قتلهم وتدمير مساكنهم، ولن يتوقف هذا الكيان المجرم ومن يدعمه عند هذا الحد، والقادم غير مبشر بالخير، وقد ذكرت سابقا أن من يدّعون أن الجيش الإسرائيلي على وشك الانهيار وأن المقاومة انتصرت ينطبق عليهم قول حسان بن ثابت «أجسام البغال وأحلام العصافير».
ثم أما بعد:
الأحزاب في الوطن العربي تتشابه في النهج، «لا هم نافعين بلادهم بالخير ولا هم كافّين شرهم عن العباد والبلاد».