مع بلوغ المواجهة الدائرة بين إيران وإسرائيل، على هامش حرب غزة، حافة هاوية قد تقودهما إلى الانزلاق لصراع شامل تهدد شظاياه بإشعال المنطقة برمتها، أفادت هيئة البث العبرية الرسمية، اليوم، بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوجيه ضربة عسكرية كبيرة وشديدة لطهران رداً على قصفها الصاروخي للدولة العبرية الثلاثاء الماضي.
وأشارت الهيئة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقد بأن الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني «لم يسبب أضراراً كبيرة»، لكنه يصرّ على توجيه ضربة شديدة رداً عليه.
وزعمت أن إسرائيل «تتوقع أن تشارك جهات أخرى في التحالف ضد إيران في الهجوم»، لافتاً إلى أن الدولة العبرية «تتلقى الدعم على الساحة الدولية من دول أخرى تنظر إلى المشكلة الإيرانية على أنها مشكلتها أيضاً».
وأوضحت أن كبار مسؤولي الجيش اجتمعوا مع قائد القيادة الوسطى الأميركية مايكل كوريلا في تل أبيب، اليوم، مشيرة إلى توقع إسرائيلي بأن يقوم الأميركيون بدور نشط في الرد على إيران.
في موازاة ذلك، كشفت «يديعوت أحرونوت» نقلاً عن مصادر عسكرية، أن «مسؤولين أوروبيين اجتمعوا بمقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب لتنسيق العملية ضد طهران».
خلافات بلا ضمانات
وبينما أشارت تحليلات غربية مستقلة إلى أن الصواريخ الإيرانية تمكنت من تجاوز الدفاعات الإسرائيلية ببعض الأماكن، وهو ما قد تكون له عواقب أكثر خطورة في حال التعرض لضربة جديدة، أفادت تقارير عبرية بأن الجيش لا يستبعد احتمال إطلاق إيران صواريخ مرة أخرى بعد تعرضها للانتقام الوشيك.
ونقلت «يديعوت أحرنوت» عن مسؤولين أميركيين أن طائرات بلدهم لن تشارك بالهجوم رغم التنسيق بين الجانبين.
وبحسب موقع «والاه» و«القناة الـ12» العبريين احتدم جدال جديد بين إدارة الرئيس جو بايدن وحكومة بنيامين نتنياهو، خلال الساعات الأخيرة، حول إدراج تل أبيب المنشآت النووية الإيرانية على قائمة الرّد على وابل الصواريخ الإيرانية الذي استهدف 3 قواعد جوية رئيسية ومقر الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد».
وبينما توقع خبراء أن ينتهي الأمر إلى فرض سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية على واشنطن، ذكرت أوساط أميركية أن حكومة نتنياهو لم تتعهد بتجنب الإضرار بالمنشآت النووية.
وعندما سئل مسؤول أميركي عما إذا كانت إسرائيل قد تعهدت بعدم مهاجمة المواقع النووية الإيرانية، قال: «نأمل ونتوقع أن نرى بعض الحكمة كذلك القوة، ولكن كما تعلمون، لا توجد وعود».
ووفقاً له، تعمل الولايات المتحدة منذ عام تقريباً على منع تحول الصراع إلى حرب أكبر، وقد فعلت ذلك حتى الآن بنجاح كبير. إلا أنه حذّر من أن الوضع الآن «على الحافة»، ملمحاً إلى احتمال التصعيد في الوضع الحالي.
ومن الغاضبين من النهج الإسرائيلي، وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي قال «إنه اهتز بسبب سلوك إسرائيل» الذي لم يراعِ إبلاغ واشنطن قبل شن عمليات كبيرة على غرار التوغل البري بلبنان من أجل زيادة أنظمة الدفاع لجنودها في المنطقة خوفاً من «رد فعل إيراني».
كما لفتت «سي إن إن» إلى عدم دراية المسؤولين الأميركيين بنوايا إسرائيل إذا ما كانت ستتجنب أم ستستغل ذكرى هجوم «حماس»، في السابع من أكتوبر، لشن الانتقام.
بدائل أخرى
وفي إيجاز عقده في البيت الأبيض، اليوم، أشار الرئيس الأميركي، إلى احتمال مهاجمة منشآت النفط الإيرانية، وزعم أن «الإسرائيليين لم يقرروا بعد ماذا سيفعلون، وهذا الموضوع لا يزال قيد المناقشة». وقال بايدن: «لو كنت مكانهم لفكرت في بدائل أخرى».
ورداً على سؤال: هل لديكم أي تأثير على تصرفات إسرائيل، نظراً إلى حقيقة أنكم لا تتحدثون مع نتنياهو؟ قال بايدن: «طواقمنا على اتصال 12 ساعة يومياً، نحن على اتصال طوال الوقت».
وسئل فيما بعد عما إذا كان يعتقد أن إسرائيل ستستمع للولايات المتحدة فأجاب: «ما أعرفه هو أن الخطة التي قدمتها حظيت بدعم الأمم المتحدة».
وشدد على أن «لإسرائيل الحق الكامل في الرد على الأعمال الفظيعة ضدها، ليس فقط من الإيرانيين، ولكن من حزب الله والحوثيين ولكن عليهم أن يكونوا أكثر حذراً فيما يتعلق بحياة المدنيين».
وأشار إلى الجهود المبذولة لمنع نشوب حرب إقليمية شاملة.
حرب الطاقة
وفي وقت أكدت سلطات إيران أنها مستعدة لصد الهجوم الإسرائيلي في جميع أنحاء الأراضي الإيرانية، عبر وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد عن «عدم قلقه» إزاء التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على بلده قد يشمل مواقع نفطية.
وجاءت تصريحات نجاد خلال زيارة إلى عسلوية، «عاصمة الطاقة الإيرانية»، وبعد ساعات من تلويح مسؤول «كتائب حزب الله» العراقية المرتبطة بطهران، أبوعلي العسكري، بأنه «إذا بدأت حرب الطاقة فسيخسر العالم 12 مليون برميل نفط يومياً».
كما اعتبر المتحدث باسم كتائب «سيد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، أن «الدستور العراقي لا يمنع الفصائل من الرّد على إسرائيل»، مهدداً بإمكانية استهداف القواعد في الخليج العربي، ومشيراً إلى أن «ملف الطاقة هو الفيصل».
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي أعلنت في اجتماع استثنائي لوزراء خارجيتها في الدوحة واجتماع آخر غير رسمي مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي أنها لا تريد تصعيداً في المنطقة وأنها لن تسمح لإسرائيل أو الولايات المتحدة باستخدام قواعدها الخليجية لضرب إيران.
كما أعربت عن معارضتها لتعريض أمن الطاقة للخطر وسط تهديدات اسرائيلية وأخرى إيرانية بإطلاق حرب طاقة في المنطقة.
عراقجي ودمشق
وفي تحرك دبلوماسي، جدّد عراقجي، التأكيد على أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وغزة.
وقال وزير الخارجية الإيراني، فور وصوله إلى العاصمة السورية دمشق، غداة زيارة إلى بيروت: «هناك مبادرات في هذا الصدد، وكانت هناك مشاورات نأمل أن تكون ناجحة»،
وطالبَ المجتمع الدولي ببذل جهده في وجه العمليات والجرائم الإسرائيلية في المنطقة.
وعقب ذلك التقى الوزير الإيراني بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي رأى أن «الردّ الإيراني على ما قام به الكيان الإسرائيلي من انتهاكات واعتداءات متكررة على شعوب المنطقة وسيادة دولها، كان رداً قوياً، وأعطى درساً. بأن محور المقاومة قادر على ردع العدو وسيبقى قوياً ثابتاً».
وجاء اللقاء على وقع غارات إسرائيلية استهدفت محافظة حمص وسط سورية، فيما ذكر «المرصد السوري» المعارض أن ضربة جوية أدت إلى مقتل وإصابة 4 أشخاص باستهداف مسيرة لسيارة قرب جسر مصياف.
وسبقت تلك الضربة تعرض مطار تدمر العسكري في حمص لغارات جوية استهدفت مستودع ذخيرة لمجموعات مدعومة إيرانياً.
كما سمع دوي انفجارات في مطار التيفور العسكري شرقي حمص، الذي تستخدمه جماعات مسلحة مدعومة من طهران كقاعدة لتطوير وإنتاج الصواريخ والذخيرة والتدريب العسكري.
دعوة عُمانية
إلى ذلك، حذر وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، من أنه من السهل على بعض الحكومات اتخاذ موقف متفرج وإدانة الأفعال الإيرانية، «لكن هذه التصريحات لا تسهم في حل أي أزمة».
وقال البوسعيدي، في بيان عبر «إكس»، إن الدفاع التقليدي عن إسرائيل، مهما كانت نتائجه، لا يعالج جذور المشكلة، لافتاً إلى أهمية معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة الحالية.
وأضاف أنه لا يمكن تحقيق السلام في المنطقة والعالم إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني لفلسطين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأوضح الوزير العماني، الذي تؤدي بلده دوراً رئيسياً في الوساطة بين طهران والغرب، أن «أي شخص يعتقد بأن السلام يمكن تحقيقه بطرق أخرى، مثل احتواء إيران أو القضاء على حماس أو دعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً، هو إما مخدوع أو ساذج أو يحاول عمداً تجنب الحقيقة».
ترامب يدعو إلى ضرب منشآت إيران النووية
في تصعيد مرتبط على الأرجح بحملات الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة الشهر المقبل، دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة، إسرائيل إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية أولاً قبل أن تهاجم أهدافاً أخرى.
وفي تجمع انتخابي بولاية كارولاينا الشمالية، قال ترامب، إنه لا يرى أي مبرر لتأجيل ضرب إيران وسط التهديدات النووية المتزايدة، مشيراً إلى رفض الرئيس الديموقراطي جو بايدن هذه الخطوة.
وأشار إلى سؤال طُرح على بايدن منتصف الأسبوع حول إمكانية استهداف إسرائيل منشآت نووية إيرانية، قائلاً: «لقد طرحوا عليه هذا السؤال، وكان ينبغي أن تكون الإجابة اضربوا النووي أولاً واهتموا بالباقي لاحقاً، فالنووي هو أكبر خطر نواجه».
والخميس الماضي، اعتبر ترامب أن الأسلحة النووية تشكل التهديد الأكبر على السلام العالمي، مشيراً إلى أن الرد الأنسب من بايدن كان يجب أن يتضمن توجيه ضربة فورية للمنشآت الإيرانية، ووصف تعليق بايدن بأنه «أكثر شيء جنوني سمعه على الإطلاق، إذا امتلكت إيران أسلحة نووية، فسنواجه مشاكل كبرى».