من المفترض ألا يمر السادس من أكتوبر على المصريين دون تأبينهم للرئيس السادات، الذي اغتيل في مثل هذا اليوم من عام 1981 خلال عرض عسكري بمناسبة الاحتفال بحرب أكتوبر.

العرب قاطعوا السادات لتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، لكنه استرجع سيناء دون إطلاق رصاصة، فأيقن العرب حكمته بعد أربعة وعشرين عاماً، وحاولوا تكرارها بمبادرة قمة بيروت، فرفضتها إسرائيل.

Ad

الشيء نفسه فعلته طهران ما بعد الشاه، وذلك دون إطلاق رصاصة، لا لتسترجع حقاً لها، بل لإعادة أمجاد فارسية قديمة، واحتلال وتدمير دول عربية، وقتل وتهجير الملايين من شعوبها، كلبنان، واليمن، والعراق، وسورية، ومؤخراً غزة، التي استغلتهم وضحَّت بدمائهم وموَّلتهم، ليقيموا عنها حروباً بالوكالة، إما مشعلين فتناً مذهبية داخلية تسبَّبت في القتل والدمار لبلدانهم، أو في الحروب، كالأخيرة مع إسرائيل، لتستخدمهم إيران كأوراق ضغط لتحسين شروط تفاوضها مع أميركا وأوروبا، وتطبيع علاقاتها وتبادلها التجاري ومشروعها النووي!

ومن هنا ننصح ونحذِّر الموالين لإيران من العرب المترفين من الانصياع لمشروعها التوسعي الذي سيدمرهم كما دمرت حلفاءها!

والأدلة على ذلك كثيرة وموثقة، منها بداية الثورة التي أطلقت على أميركا «الشيطان الأكبر»، وفي الوقت نفسه اشترت منها أسلحة عن طريق إسرائيل فيما عُرف بفضيحة «إيران كونترا»، فتطوَّر بينهم تحالف للمصالح سماه أستاذ بجون هوبكينز «الغادر»، وسميناه «القذر»، واستمر حتى يومنا هذا.

فبعد أسبوعين تقريباً من توريط إيران لـ «حماس» في حربها مع إسرائيل حصلت على مكافأتها، بقيام مجلس الأمن بإلغاء جميع العقوبات عن طهران، كما ورَّطت إيران حزب الله بحربه مع إسرائيل أيضاً، وضحَّت برئيس الحزب، ليتم اغتياله، فيما يصرح رئيس إيران بزشكيان: «نحن إخوة للأميركيين، ولسنا مُعادين لهم»!

***

لابد من التأكيد على مفاهيم، أولها أن حزب الله الإيراني في لبنان كان قد أعلن أن «موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران»، وكان هذا الحزب، الإيراني المنشأ، قد قام بعمليات إجرامية بالمنطقة منذ الثمانينيات، في الكويت من اختطاف الطائرات إلى تفجير وقتل مواطنين، ومحاولة اغتيال أميرها، آنذاك، ومؤخراً إنشاء خلية العبدلي المجرمة، التي نشكر القيادة السياسية على سحب الجنسية من رئيسها، وعلى أمل سحبها من بقية أعضائها.

كما قام هذا الحزب بعد الثورة السورية بعمليات إرهابية موثقة لدعم الرئيس بشار، فأجرم بحق الشعب السوري، كما أجرم في السابق بحق اللبنانيين، حتى اغتال رئيسهم الحريري، مما يجعلنا نفسِّر ردود أفعال الشعوب العربية التي سخطت على مَنْ أيَّد أو برَّر لكل مَنْ استغل أرضه ومواطنيه لتنفيذ أجندات أجنبية، سواء كانت من الغرب أو من الشرق، وهم على يقين بسخط الناس عليهم، لكن لعلهم طامحون للرئاسة والشهرة، من خلال المشي عكس السير، ليلاحظهم الناس، أو متشبهون بالأعرابي كليب بن الأبرص، الذي أراد أن يدخل التاريخ ويتذكره الناس، فبال في بئر زمزم!

****

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.