قصيدة: بلادُ الرافدَين
بلادُ الرافدينِ لها استباقُ
بتاريخٍ بدا فيه اتساقُ
فكانَ العهدُ فيها أقدميًّا
وأرضُ الأنبياءِ لها وثاقُ
بأبناءٍ لها راموا الثُّريَّا
طُموحًا للعُلا نظروا وتاقوا
وأجيالٍ بها رفعوا لواها
بمضمارٍ يحفِّزهُ سباقُ
هي الدارُ التي حضنتْ قديمًا
حضاراتٍ تسوقُ ولا تساقُ
فعندَ الرافدين عروقُ زرعٍ
وأنواع الثمارِ لها اشتقاقُ
وأرضُ الرافدينِ رياضُ نخلٍ
نضيدِ الطلعِ، كم لذَّ المذاقُ!
كأنَّ الغَورَ بينما اقتسامٌ
أوَ انَّ الرِّيَّ بينهما اتفاقُ
وفي الأرضينَ يجري ثَمَّ نهرٌ
وفيها اثنانِ ضمَّهما عناقُ
وعندَ الشطِّ جمعٌ والتقاءٌ
لأهلِ الرافدينِ إذا أراقوا
لهم في الليلِ أرزاقٌ بنهرٍ
همُ الإصباحُ ناموا أو أفاقوا
فما أزهى الطبيعةَ في النواحي
وما أجلى الصباحَ له رِواقُ!
وأطفالاً بأحياءٍ ترامتْ
يُحَيِّيهِم إذا مرِحوا رفاقُ
وأما صفحةُ الماضي فملأى
بأزمانٍ لها شهِدَ السياقُ
عركتَ الصعبَ بحثًا عن كنوزٍ
صحبتَ المجدَ طفلًا يا عراقُ
حفرتَ الصخرَ عهدًا بعد عهدٍ
فصار التُّربُ تبرًا لا يُراقُ
وكان الجُهدُ ليلًا ألمعيًّا
لأن العزَّ فجرٌ وانبثاقُ
فبابلُ، سومرٌ، آشورُ، كُلٌّ
عَلا في الخالدينَ لها اعتناقُ
وفي القانونِ قد نبغوا وصاغوا
فكَم قد علَّموا الدنيا وفاقوا
بنو العباسِ فيها قد أقاموا
خلافتَهم ومنها الانطلاقُ
لآفاقٍ، وفتحٍ قد تتالى
له في كل أنحاءٍ نطاقُ
وصلى اللهُ في الأكوانِ جمًّا
على مَن دينُهُ نورٌ وفاقُ
وآل البيتِ ثم الصحبِ طرًّا
وقد سبقوا إلى الحُسنى وذاقوا
وزدني يا إلهي فيضَ جودٍ
فإن الوصلَ حبٌّ واشتياقُ