نقلت صحيفة «بولتيكو» عن مسؤولين كبار في البيت الأبيض، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منحت بحذر شديد إسرائيل ضوءاً أخضر بتكثيف الضغوط العسكرية ضد «حزب الله» في لبنان رغم معارضتها هذا الأمر علناً.
وبحسب تقرير نشرته الصحيفة قبل أيام، فقد أبلغ المستشار الرئاسي آموس هوكشتاين ومنسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك، كبار المسؤولين الإسرائيليين مؤخراً أن الولايات المتحدة وافقت على استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحويل التركيز العسكري الإسرائيلي إلى الشمال ضد «حزب الله».
وأشار التقرير إلى أن قرار التركيز على الحزب أثار انقساماً داخل الإدارة من أشخاص داخل «البنتاغون» ووزارة الخارجية ومجتمع الاستخبارات الذين أبدوا تخوفاً من أن تجر «حرب لبنان الثالثة» القوات الأميركية إلى صراع آخر في الشرق الأوسط. لكن الصحيفة أضافت أن ما يبدو كأنه صدع ليس سوى سعي إدارة بايدن إلى مسارات متعددة في وقت واحد.
ونقلت عن مسؤول أميركي كبير قوله: «يمكن أن يكون كلا الأمرين صحيحاً، يمكن للولايات المتحدة أن تكون راغبة في الدبلوماسية وتدعم أهداف إسرائيل الأكبر ضد حزب الله»، مضيفاً «من الواضح أن الإدارة تتبع خطاً، لكن ليس من الواضح ما هو هذا الخط».
ونشرت «واشنطن بوست» أمس الأول مقالاً للكاتب الصحافي المخضرم في شؤون الشرق الأوسط ديفيد اغناشيوس، جادل فيه بأنه رغم فشل إدارة بايدن في كبح جماح إسرائيل وتهدئة الصراع في الشرق الأوسط، لكنها تمتلك الآن فرصة جديدة «للمرة الأولى منذ جيل كامل» لمساعدة لبنان على استعادة سيادته عبر مساعدة الجيش اللبناني في ملء الفراغ الذي خلفه انهيار «حزب الله»، مشيراً إلى أنه لا يبدو أن إسرائيل لديها أي خطة للمستقبل، وهنا يمكن للولايات المتحدة أن تحدث فرقاً حاسماً.
واستذكر اغناشيوس تفجير السفارة الأميركية وثكنات مشاة البحرية في بيروت في عام 1983 ما أدى إلى مقتل أكثر من 250 من عناصر المارينز، ووقتها كانت الولايات المتحدة تأمل تثبيت استقرار الدولة اللبنانية بعد الغزو الإسرائيلي المؤلم عام 1982، مضيفاً أن أي وجود أميركي على أرض لبنان هذه المرة يجب أن يكون محدوداً جداً ومحمياً جيداً لتجنب تكرار كارثة عام 1983، لكن هذا لا يعني أنه مستحيل.
وتحدثت تسريبات واسعة في الأيام الماضية عن أن واشنطن ترى أن قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الذي عملت معه عن كثب في السنوات الأخيرة المرشح الأنسب لملء الفراغ الرئاسي المتواصل منذ 2022، وقادر على توحيد البلاد تحت راية الجيش في ظل فقدان الثقة بالسياسيين.
ويواجه جوزف عون معارضة من «حزب الله» الذي لديه تجربة سابقة مع قائد آخر للجيش هو ميشال سليمان الذي تحول إلى خصم جدي للحزب خلال رئاسته. كما يلقى معارضة من طرف مسيحي وزان هو زعيم التيار الوطني الحرّ جبران باسيل الذي يعتبر عون منافساً سياسياً.
وقال باسيل أمس الأول: «لن اقبل استغلال نتيجة وضع عسكري خارجي وفرض رئيس على لبنان حتى لو تصرف أحدهم بهذه الطريقة في السابق». وكان يشير على ما يبدو إلى انتخاب بشير الجميل في عام 1983 عندما اجتاحت إسرائيل لبنان وصولاً إلى العاصمة بيروت. واغتيل الجميل بعد قليل من انتخابه على يد مسلحين موالين لسورية والفلسطينيين.
وكتب نيكولاس كريستوف في «نيويورك تايمز» مقالاً تحت عنوان «بايدن سعى إلى السلام لكنه سهل الحرب»، وقال، إنه بين «الصقور الأميركيين هناك حديث حالم عن بناء لبنان جديد وإعادة تشكيل الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «هذا التفاخر يذكر بالحديث المتغطرس قبل عام عن عزم إسرائيل على تدمير حماس في غضون بضعة أشهر، والتنبؤات الحماسية قبل 21 عاماً بأن دخول العراق والإطاحة بصدام حسين من شأنه أن يبشر بعصر جديد من الديموقراطية والهدوء».
وأشار كريستوف كذلك إلى أنه «أثناء غزو إسرائيل للبنان في عام 1982 أطلق على هذه العملية اسم عملية السلام للجليل، وكان الهدف منها إقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان وحكومة صديقة في بيروت وقد أدى هذا الغزو إلى خلق مستنقع أطلق عليه أحياناً فيتنام الإسرائيلية، وأدى إلى ميلاد حزب الله».
وتابع أنه في «1992 اغتالت إسرائيل زعيم حزب الله عباس الموسوي وقد أثار ذلك شعوراً وجيزاً بالنصر، لكن حسن نصر الله حل محل الموسوي، وأثبت أنه عدو أكثر فعالية لإسرائيل». وختم باستنتاج: «لقد تعلمت أن أدير وجهي عندما يعدني الصقور بأن حرباً صغيرة رائعة ستجلب السلام».