لبنان: توغلات إسرائيلية جنوباً وأعنف غارات على الضاحية

مواقف «ملتبسة» لـ «حزب الله» من فصل جبهة الجنوب عن غزة... وميقاتي يدعو للضغط على تل أبيب

نشر في 07-10-2024
آخر تحديث 06-10-2024 | 20:33

فيما شنّت إسرائيل أعنف غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت منذ أن صعّدت إسرائيل حملتها على «حزب الله» الشهر الماضي، علمت «الجريدة» من مصادر محلية في جنوب لبنان، أن القوات الإسرائيلية قامت بتوغلات برية واسعة نسبياً أمس، في القطاع الأوسط للحدود اللبنانية، بعد معارك عنيفة ليل السبت ـ الأحد وصباح يوم أمس.

وبحسب المصادر، تمكنت القوات الإسرائيلية في اليومين الماضيين من تثبيت نقاط عسكرية في بلدتي يارون ومارون الراس، بعد أن تعرضت في الأيام السابقة لمقاومة عنيفة من مقاتلي حزب الله وتكبدت خسائر.

وقالت المصادر، إن القوات الإسرائيلية خاضت معارك عنيفة في وادي يارون وهي منطقة تقع في خراج بلدات يارون وبنت جبيل ورميش وعين ابل. وفي الوقت نفسه، تحركت قوات برية أخرى باتجاه بلدة بليدا القريبة من السياج الحدودي، التي تقع في الطرف الشرقي الجنوبي من القطاع الأوسط.

كما قامت القوات الإسرائيلية بنسف مسجد في بلدة يارون حيث أظهر شريط مصور وجود دبابات إسرائيلية داخل البلدة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي القضاء على قائد سرية كفركلا التابعة لحزب الله، مشيرة إلى أنه مسؤول عن إطلاق المئات من المقذوفات والصواريخ المضادة للدبابات نحو شمال إسرائيل.

وتفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، قواته المنتشرة عند الحدود الشمالية، بعد نحو أسبوع من بدء عملياتها البرية في جنوب لبنان، وفق ما ذكر مكتبه في بيان الذي جاء فيه: «زار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليوم (أمس) قاعدة الفرقة 36 في منطقة الحدود اللبنانية».

في المقابل، قال حزب الله، إن مقاتليه تصدّوا لتوغلات متفرقة في جنوب لبنان، وأنه تم استهداف تجمعات للجنود الإسرائيليين في مغاليوت بالصواريخ، كما شن هجوماً جوياً ‏بسرب من المسيرات الانقضاضية على قاعدة (7200) للصيانة والتأهيل جنوب مدينة حيفا.

في شمال إسرائيل، دوت صفارات الإنذار من ضربات جوية أمس، وقال الجيش الإسرائيلي، إنه اعترض أكثر من 25 صاروخاً انطلقت من لبنان.

وخلال ليل السبت ـ الأحد، أرسلت الانفجارات دويها إلى أنحاء بيروت ونجم عنها ومضات باللونين الأحمر والأبيض ظلت مرئية لنحو 30 دقيقة من على بعد عدة كيلومترات.

وقال شهود ومحللون عسكريون على شاشات قنوات تلفزيونية محلية، إن ذلك هو أكبر هجوم في الحملة الإسرائيلية على بيروت حتى الآن.

وخيم صباح أمس، ضباب رمادي على أنحاء المدينة بينما تناثرت الأنقاض في شوارع الضاحية الجنوبية وتصاعدت أعمدة الدخان في المنطقة.

وأظهرت مقاطع مصورة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتسن لـ»رويترز» التحقق منها بعد، أضراراً جديدة على الطريق السريع الذي يمتد من مطار بيروت عبر الضاحية الجنوبية إلى وسط المدينة.

وقالت إسرائيل، إن قواتها الجوية «نفذت سلسلة من الضربات محددة الأهداف على عدد من مستودعات الأسلحة ومواقع بنية تحتية إرهابية تابعة لمنظمة حزب الله الإرهابية في منطقة بيروت».

وجاءت الضربات قبل أن تحل اليوم الاثنين الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من أكتوبر 2023 عندما شنّت حركة «حماس» هجوماً على إسرائيل أدى وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية إلى مقتل 1200 واحتجاز نحو 250 رهينة.

ووجه الجيش الاسرائيلي إنذاراً إلى سكان عدد من القرى في جنوب لبنان لاخلائها لتنضم إلى أكثر من 100 قرية فرّ معظم سكانها. وتحدث مسؤولون لبنانيون عن أكبر موجة نزوح في تاريخ لبنان.

وقبل أيام قُدر عدد النازحين بنحو مليون و200 ألف معظمهم من منطقة الجنوب. وفي اجتياح جنوب لبنان العام 1978 نزح نحو 200 ألف شخص، فيما نزح نحو 400 ألف في اجتياح العام 1982 وخلال حرب 2006 نزح نحو مليون لبناني بما في ذلك من الضاحية الجنوبية لبيروت.

القوات الإسرائيلية تنسف مسجداً في بلدة يارون الجنوبية وتنذر 25 قرية إضافية بالإخلاء

والبلدات التي طلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها والتوجه إلى شمال نهر الأوّلي هي: حولا، ميس الجبل، بليدا، محيبيب، شقرا، برعيشت، مجدل سلم، قبريخا، كونين، بيت ياحون، جميجمه، الطيري، بني حيان، التمريه، تولين، دير سريان، القصير، بفليا، جبل العدس، بياض، صربين، برج رحال، عين بعال، الرشيدية، وحنيه.

وزعم الجيش الاسرائيلي أن «نشاطات حزب الله تجبر الجيش على العمل ضده بقوة وهو لا ينوي المساس بكم، لذلك من أجل سلامتكم عليكم إخلاء بيوتكم فوراً والتوجه إلى شمال نهر الأوّلي فوراً». واعتبر أن «كل من يوجد بالقرب من عناصر حزب الله ومنشآته ووسائله القتالية يعرض حياته للخطر. أي بيت يستخدمه حزب الله لحاجاته العسكرية من المتوقع استهدافه.

إلى ذلك، أكّد نقيب المستشفيات سليمان هارون، أنّ القطاع الاستشفائي «دخل في دائرة الخطر»، مذكراً بأن إسرائيل تضرب حوالي المستشفيات ما يخرجها على الخدمة، ويتسبّب ذلك بعبء على مستشفى آخر.

ودعا هارون الحكومة إلى الوصول إلى حل لتحييد المستشقيات ومحيطها من القصف الإسرائيلي.

ميقاتي

سياسياً، دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أمس، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.

وقال ميقاتي، في بيان، «نطالب بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 فوراً»، معرباً عن تأييده «النداء المشترك الذي أصدرته فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بدعم من الاتحاد الأوروبي ودول عربية وأجنبية»، من أجل وقف إطلاق النار.

ودعت باريس وواشنطن، وانضمت إليهما دول عربية هي السعودية والإمارات وقطر، وغربية، وأوروبية، في 26 سبتمبر إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً بين إسرائيل وحزب الله في لبنان «لمنح فرصة للدبلوماسية» في لبنان وغزة.

وقالت الحكومة اللبنانية، إنها ترحب بالبيان لكنها لم توقع عليه. ولم يتضح إذا كانت الحكومة، التي تضم وزراء من حزب الله موافقة فعلاً على فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان من خلال وقف إطلاق النار الفوري في لبنان، وهو الأمر الذي يرفضه حزب الله.

وفيما نفى رئيس مجلس النواب نبيه بري صحة كلام نسب إليه بأنه لا تفاوض تحت النار وبأن مسارات الدبلوماسية أغلقت بالكامل، أثارت تصريحات للنائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله حسين الحاج حسن على قناة الجزيرة مزيداً من الالتباس حول الموقف الرسمي اللبناني.

وقال الحاج حسن، إن موقف لبنان الرسمي قبل بمقترح تم طرحه لوقف القتال وفصل الجبهات لكن الاحتلال لم يلتزم به رغم إعلان رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو القبول به.

وأكد أن الأولوية حالياً «هي وقف إطلاق النار»، وقال إن بقية الأمور يمكن بحثها لاحقاً. وأكد الحاج حسن أن «المقاومة الإسلامية اللبنانية ثابتة وتنتظر قوات الاحتلال في الميدان لردعها»، معتبراً أن «الموقف الأميركي هو السبب الرئيسي في عدم وقف الحرب حتى الآن سواء في قطاع غزة أو في لبنان».

بدوره، قال النائب عن حزب الله أمين شري أمس، إن «المطلوب وقف العدوان على لبنان، وأن تطبق اسرائيل القرارات الدولية بشان غزة».



ولفت شري الى أن بيانات حزب الله العسكرية لا تزال تذكر أن العمليات «هي إسناد لغزة ودفاع عن لبنان»، مضيفاً أن «المطلوب وقف العدوان على لبنان، وحين يتوقف لكل حادث حديث ونقطة على السطر».

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس عن 9 مسؤولين مطلعين قولهم، إن «مسار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله كان متقدماً أكثر مما كان معروفاً». وأضافت نقلاً عن المصادر، أن «المسار توقف فجأة بعد قتل إسرائيل لأمين عام حزب الله حسن نصر الله».

back to top