لوّح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بـ «حرب القيامة» خلال إحياء ذكرى عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، في وقت أبقت إيران على استنفارها، بعد أن تطلب التنسيق بين تل أبيب وواشنطن تأجيل الهجوم الإسرائيلي الانتقامي على إيران لـ «ساعات أو أيام» للحؤول دون الانزلاق إلى حرب إقليمية واسعة، وذلك مع مواصلة القوات الإسرائيلية عدوانها على غزة، وعلى لبنان، حيث ضغطت براً وجواً، وسط مساعي الحكومة اللبنانية إلى ترتيب أوراقها وصياغة موقف سياسي يحظى بإجماع وطني، في محاولة لإقناع واشنطن بإعدة تفعيل الحلول الدبلوماسية للوصول إلى وقف لإطلاق النار.
وشارك الألوف في مختلف أنحاء العام بمسيرات ومراسم لإحياء الذكرى الأولى لهجوم «7 أكتوبر» الذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز نحو 250 رهينة. وخلال المراسم الرسمية بالقدس تعهد نتنياهو بعدم وقوف الحرب حتى تحقيق «جميع الأهداف»، متحدثاً عن خوض معركة وجودية.
في المقابل، قال رئيس «حماس» في الخارج خالد مشعل في كلمة متلفزة إن «معركة طوفان الأقصى أعادت الاحتلال لنقطة الصفر وهددت وجوده»، معتبراً أن «خسائرنا تكتيكية، وخسائر العدو استراتيجية».
وفي كلمة وجهها إلى منتدى في ماليزيا، دعا مشعل إلى «فتح جبهات جديدة للمقاومة»، وحض الشعوب العربية إلى النزول للشوارع للضغط على الحكومات، مطالباً بدعم مالي عربي.
من ناحيته، دعا أبوعبيدة الناطق باسم الجناح العسكري لحماس «علماء الأمة إلى بيان فريضة الجهاد ضد عدو الأمة»، مؤكداً أن حركته ستواصل كمعركة استنزاف طويلة مع إسرائيل.
وفي لبنان، صعّدت الآلة الإسرائيلية العسكرية عدوانها جواً وبراً. وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، مقتل جنديين في معارك على الحدود مع لبنان، بعد ساعات من إعلان بدء عملية برية «محدودة ومحددة الهدف» في الجنوب وحشد مزيد من القوات على الحدود.
وشن الجيش غارات عنيفة على قرى الجنوب مروراً بالضاحية، وصولاً إلى البقاع، في حين قالت وزارة الصحة اللبنانية، إن 2083 شخصاً قتلوا و9869 جرحوا منذ بدء العدوان على لبنان.
من جانبه، قال «حزب الله»، أمس، في بيان بمناسبة ذكرى 7 أكتوبر، إنه سيواصل «صدّ العدوان» الإسرائيلي، رغم «الأثمان الباهظة» التي يتكبّدها، ودافع عن «فتح جبهة الإسناد»، معتبراً أنه «قرار بالدفاع عن لبنان وشعبه».
ومنذ مساء أمس الأول، أطلق الحزب أكثر من 300 صاورخ على إسرائيل، بينها أعنف هجوم على مدينة حيفا ثالث أكبر مدينة في إسرائيل.
دبلوماسياً، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن الحكومة تدعم وقفاً فورياً لإطلاق النار، وأنه في حال وافقت تل أبيب على وقف النار فستكون الحكومة مدعومة برئيس مجلس النواب نبيه بري، قادرة على إقناع «حزب الله» بوقف إطلاق النار وجاهزة لتطبيق القرار 1701 الذي يدعو إلى نشر الجيش اللبناني في الجنوب.
بدوره، جدد بري في مقابلة صحافية نُشرت أمس، التزام لبنان «بالنداء المشترك الأميركي ــ الفرنسي ــ الأوروبي ــ العربي الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مدة 21 يوماً». وفي موقف لافت، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، أمس: «لن نربط مصيرنا بغزة، ولسنا بحاجة لأحد ليعلمنا الصمود» في رسالة إلى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي طالب خلال زيارته لبيروت اللبنانيين بالصمود، ورفض فصل جبهة لبنان عن غزة.
جاء ذلك، في حين أبقت إيران أمس، على استنفارها العسكري تحسباً لهجوم إسرائيلي انتقامي من الضربة البالستية الإيرانية الأسبوع الماضي، التي أصابت للمرة الأولى قواعد عسكرية إسرائيلية. وألغت طهران ليل الأحد ـ الاثنين بعد ساعات من إعلانه حظراً على الطيران في جميع مطاراتها، ما أوحى بأن الهجوم الإسرائيلي مؤجل، وهو ما ذكرته مصادر إيرانية بأن الأميركيين نجحوا، على ما يبدو، في تأجيله ربما لساعات أو أيام، لتصميم ردّ لا يتسبب في اندلاع حرب إقليمية واسعة.
من ناحيته، أكد قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، أن بلاده ستعتمد سياسة التريث في التعامل مع الهجوم الإسرائيلي، بعد تقارير تحدثت عن احتمال شن طهران هجوماً انتقامياً فورياً، وهو إجراء يهدد بخروج الأمور عن السيطرة.
وقال سلامي، في رسالة وجهها إلى قائد القوات الجوفضائية أمير علي حاجي زادة، أمس، إن «القوات الإيرانية ملتزمة باستراتيجية المرشد الأعلى علي خامنئي بعدم التسرع أو التباطؤ» في الرد على إسرائيل.
وأضاف أن الحرس في «قمة الجاهزية للدفاع عن البلاد» ضد أي تحركات إسرائيلية.
وفي تفاصيل الخبر:
شارك الألوف في مختلف أنحاء العام بمسيرات ومراسم لإحياء الذكرى الأولى لاندلاع «معركة طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي، التي أسفرت عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز نحو 250 رهينة وأشعلت فتيل العدوان الغاشم على غزة، الذي تسبب بمقتل نحو 42 ألف فلسطيني، إلى جانب نزوح كل سكان القطاع تقريباً، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وفي أعقاب احتجاجات خرجت بعواصم عربية وأوروبية وواشنطن ونيويورك، انطلقت تظاهرات داعمة للفلسطينيين في مدن كبرى من جاكرتا وإسطنبول إلى بوينس آيرس، في حين نظمت الجاليات اليهودية في مدن مختلفة حول العالم مراسم لإحياء الذكرى.
وأحيا الإسرائيليون ذكرى هجوم 7 أكتوبر في موقع مهرجان «نوفا 2023» على حدود غزة بفعاليات واحتجاجات في القدس وجنوب إسرائيل في نفس التوقيت، الذي أطلقت فيه حركة «حماس» عمليتها غير المسبوقة العام الماضي.
وأمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس، وقف المئات تقودهم عائلات الرهائن دقيقة صمت حداداً على أرواح القتلى وهم يرفعون صور ذويهم مع انطلاق صفارات الإنذار.
وخلال المراسم الرسمية بالقدس تعهد نتنياهو بإعادة الرهائن إلى ديارهم، واقترح تغيير اسم عدوانه على غزة من «السيوف الحديدية» إلى «حرب القيامة»، مشيراً إلى أنه «سينهي الحرب عندما يكمل جميع الأهداف التي حددها».
وفي اجتماع لحكومته قال نتنياهو: «نحن نقوم بتغيير الواقع الأمني في منطقتنا من أجل أطفالنا، ومن أجل مستقبلنا، لضمان عدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر مرة أخرى» متحدثاً عن خوض معركة وجودية.
وشدد وزير الدفاع يوآف غالانت على أن الجيش مصمم على محاربة أعداء إسرائيل. وقال، في بيان، «ملتزمون بحزم بمواصلة اتخاذ كل التدابير الضرورية للانتصار على أعدائنا والدفاع عن بلادنا».
وفي موقع مهرجان «نوفا»، الذي شهد الهجوم، دعا الرئيس إسحاق هرتسوغ العالم لدعم إسرائيل في قتالها ضد أعدائها، معتبراً أن «7 أكتوبر ندبة للإنسانية وندبة على وجه الأرض».
وقال هرتسوغ: «نحن نخوض معركة العالم الحرّ، ويتعين على العالم أن يدرك ويفهم أنه من أجل تغير مسار التاريخ وإحلال السلام وتحقيق مستقبل أفضل للمنطقة، عليه دعم إسرائيل في معركتها ضد أعدائها».
مشعل وحماس
في المقابل، قال رئيس «حماس» في الخارج خالد مشعل، إن «معركة طوفان الأقصى أعادت الاحتلال لنقطة الصفر وهددت وجوده»، معتبراً أن «خسائرنا تكتيكية وخسائر العدو استراتيجية».
وفي كلمة متلفزة وصف مشعل عملية «طوفان الأقصى» بأنها «رد طبيعي على الاحتلال ونقلة موضوعية في مسار تطور المقاومة وتراكم قوتها وخبرتها وإبداعها».
ووجه الشكر إلى لبنان وايران والعراق واليمن و»كل من قدم الدعم والسند».
وفي كلمة وجهها إلى منتدى في ماليزيا، دعا مشعل إلى «فتح جبهات جديدة للمقاومة وهذا واجب شرعي وجهادي على كل الأمة».
من ناحيتها أكدت «حماس» في بيان، أنها «مستمرة في المقاومة ولن تساوم على حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، واعتبرت أن «توسيع العدو الصهيوني دائرة عدوانه، ليشمل دولاً عربية وإسلامية، في لبنان وسورية واليمن والعراق وإيران، يثبت مجدّداً أنه يشكّل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار المنطقة، وعلى السلم والأمن الإقليمي والدولي».
وقالت الحركة: «منذ 7 أكتوبر وعلى مدار عام كامل، ارتكب هذا العدو النازي ولا يزال أبشع الجرائم والمجازر، وشنّ على شعبنا أفظع حرب إبادة جماعية يشهدها التاريخ المعاصر»، وشددت على أنها «بذلت ولا تزال جهوداً كبيرة لوقف العدوان، وتعاطت بكل إيجابية مع كل المبادرات، مع تمسّكها الرّاسخ بوقف دائم للعدوان والانسحاب الكامل، وحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته وتطلعاته».
وحمّلت «الإدارة الأميركية الشريكة في هذا العدوان، المسؤولية الكاملة، عن استمرار هذه الجرائم والإبادة الجماعية»، ودعتها «للكف عن سياسة الانحياز والدعم للاحتلال، والعمل فوراً لوقف هذه الإبادة الوحشية».
وجدّدت الدعوة للدول العربية والإسلامية «لاتخاذ خطوات عاجلة تقود إلى وقف العدوان والإبادة المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، وتنفيذ قرارات القمة العربية والإسلامية المشتركة المنعقدة في الرياض، في 11 نوفمبر 2023».
بايدن وهاريس
وفي بيانين منفصلين بذكرى هجمات 7 أكتوبر، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، التزامهما بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حزب الله وحماس والحوثيين وإيران.
وقال بايدن: «أصبح 7 أكتوبر هو اليوم الأكثر دموية للشعب اليهودي منذ المحرقة»، موضحاً أن «الهجوم أعاد ذكريات مؤلمة خلفتها آلاف السنين من الكراهية والعنف».
وإذ جدد التأكيد على أنه «لن يستسلم أبداً حتى يعيد جميع الرهائن المتبقين بأمان»، شدد على أن «الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء يستحقون العيش في أمن وكرامة وسلام».
من جهتها، قالت هاريس: «التزامي بأمن إسرائيل لا يتزعزع، وسأضمن دائماً أن لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد إيران والمدعومين منها مثل حماس»، مضيفة: «سأبذل ما في وسعي لضمان القضاء على التهديد الذي تشكله حماس، وعدم قدرتها على حكم غزة مرة أخرى، وفشلها في مهمتها المتمثلة في إبادة إسرائيل».
وأضافت: «حان الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار لإنهاء معاناة الأبرياء. وسأناضل دائماً من أجل أن يتمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقه في الكرامة والحرية والأمن وتقرير المصير».
موقف غربي
وفي فرنسا، أكد الرئيس إيمانويل ماكرون أن «الألم لا يزال حياً كما قبل عام وألم الشعب الإسرائيلي، ألم البشرية الجريحة»، متوجهاً بـ«أفكاره الأخوية» إلى الضحايا والرهائن وعائلاتهم.
وقال وزير خارجيته جان نويل بارو، الذي شارك بمراسم الذكرى بالقدس، «فرنسا حريصة بشكل راسخ على أمن إسرائيل» و«لن تتوقف عن المطالبة بالافراج غير المشروط عن الرهائن».
وفي بريطانيا، أكد رئيس الوزراء كير ستارمر أن «سعيه لن يضعف لتحقيق السلام. في يوم الألم والحزن هذا، نكرم الذين فقدناهم ونظل عازمين على إعادة الرهائن ومساعدة الذين يعانون وضمان مستقبل أفضل للشرق الأوسط».
وفي ألمانيا، التي نشرت أكثر من ألفي شرطي لتأمين فعاليات ذكرى 7 أكتوبر، جدد المستشار أولاف شولتس دعمه لإسرائيل في حربها مع «حماس»، بقوله: «نشارككم مشاعر الرعب والألم وعدم اليقين والحزن التي تشعرون بها. نحن نقف إلى جانبكم يجب محاربة إرهابيي حماس».
وأشار شولتس إلى معاناة الفلسطينيين في غزة قائلاً، إن «الناس بحاجة إلى أمل إذا أرادوا نبذ الإرهاب، ولهذا السبب تدعو ألمانيا إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وإلى عملية سياسية حتى لو بدا أن ذلك صعب اليوم أكثر من أي وقت مضى».
حزب الله وخامنئي
بدوره، اعتبر «حزب الله» أن «عملية طوفان الأقصى البطولية سيكون لها آثار تاريخية ونتائج استراتيجية على مجمل الأوضاع في المنطقة إلى أن يتحقق العدل بزوال الاحتلال، وينال الشعب الفلسطيني حقّه المشروع في أرضه الحرة الكاملة من البحر إلى النهر».
وفي تغريدة بالعبرية، اعتبر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن عملية «طوفان الأقصى» «أعادت الكيان الصهيوني 70 عاماً إلى الوراء».
وفي تركيا، شدد الرئيس رجب طيب إردوغان على أن إسرائيل «ستدفع ثمن الإبادة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني منذ عام وتواصلها».
ومع بدء مراسم إحياء الذكرى، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض القبة الحديدية ما لا يقل عن 5 قذائف، وتحدثت وسائل إعلام عن «سقوط شظايا في مدينة حولون جنوب تل أبيب».
وأعلنت كتائب حماس أنها «قصفت عمق الاحتلال بمدينة تل أبيب برشقة صاروخية من نوع «مقادمة M90»، ضمن معركة الاستنزاف المستمرّة، رداً على المجازر الصّهيونيّة بحقّ المدنيّين والتّهجير المتعمّد للشعب».
وفي غزة، كثفت جيش الاحتلال عملياته وقصفه لمخيم جباليا ما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، وأصدر أوامر إخلاء جديدة لبلدات ومناطق عدة في شمال قطاع غزة منها بيت حانون وبيت لاهيا.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن تقديرات للجيش، بأن حركة حماس لا تزال تمتلك عشرات الصواريخ بعيدة المدى.
كما دعا مشعل الشعوب العربية إلى التظاهر للضغط على الحكومات، مطالباً في الوقت نفسه الدول العربية بالدعم المالي والاغاثي.
من ناحيته، قال المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لـ «حماس»، إن خيار الحركة هو «الاستمرار في المواجهة في معركة استنزاف للعدو طويلة وممتدة ومؤلمة ومكلفة له بشدة، طالما أصر العدو على استمرار العدوان والحرب».