أبقت إيران أمس، على استنفارها العسكري تحسباً لهجوم إسرائيلي انتقامي من الضربة البالستية الإيرانية الأسبوع الماضي، التي أصابت للمرة الأولى قواعد عسكرية إسرائيلية.

جاء ذلك، بعد أن ألغت طهران ليل الأحد ـ الاثنين بعد ساعات من إعلانه حظراً على الطيران في جميع مطاراتها أوحى بأن الهجوم الإسرائيلي سينفذ في الساعات المقبلة.

Ad

وأفادت مصادر إيرانية، بأن الأميركيين نجحوا على ما يبدو في تأجيل الهجوم الإسرائيلي ربما لساعات أو أيام، لتصميم ردّ لا يتسبب باندلاع حرب إقليمية واسعة.

وأوضح الجيش الإسرائيلي، أمس، أن قائد القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم» الجنرال مايكل كوريلا زار إسرائيل لإجراء «تقييم للوضع» تمحور على التحديات التي تطرحها إيران و«حزب الله»، فيما يصل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن غداً لعقد مباحثات مع نظيره الأميركي لويد أوستن.

وبحسب المعلومات، أشار تقييم أميركي أُبلغ لتل أبيب، بأن المواقع الإيرانية النووية تنتشر بتعقيدات جغرافية وتحتاج إلى توفير موارد ضخمة لاستهدافها. وقال قائد «سنتكوم» السابق فرانك ماكنزي، إن الدولة العبرية تمتلك جزءاً من تلك القدرات.

وقدرت صحيفة «فايننشال تايمز» بأن إسرائيل تحتاج 100 طائرة وقنابل «إم أو بي» التي يمكنها اختراق الأرض بعمق 60 متراً قبل أن تنفجر إذا أرادت «محو برنامج إيران الذري».

وأمس الأول، أفادت تقارير عبرية بأن إسرائيل تلقت عروضاً أميركية بالحصول على مساعدات دبلوماسية وعسكرية إضافية لإقناعها بعدم استهداف المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية.

وكانت تسريبات أشارت إلى احتمال أن يستهدف الهجوم مجمع المرشد الأعلى علي خامنئي وآخر يتبع للرئاسة وقواعد عسكرية إيرانية خصوصاً تلك التي انطلقت منها الصواريخ الإيرانية يوم الثلاثاء الماضي.

وفيما رأى زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد أن «إسرائيل يجب أن تهاجم حقول النفط الإيرانية، وأن تحشد تحالفاً واسعاً لمهاجمة المنشآت النووية»، واصلت أسعار النفط من خام برنت صعودها منذ شنت الجمهورية الإسلامية هجومها على إسرائيل لتحقق مكاسب بمقدار 9 دولارات للبرميل.

لا تهور ولا تباطؤ

وفي طهران، أكد قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، أن بلاده ستعتمد سياسة التريث في التعامل مع الهجوم الاسرائيلي، بعد تقارير تحدثت عن احتمال شن طهران هجوماً انتقامياً فورياً، وهو إجراء يهدد بخروج الأمور عن السيطرة.

وقال سلامي، في رسالة وجهها إلى قائد القوات الجوفضائية أمير علي حاجي زادة، أمس، إن «القوات الإيرانية ملتزمة باستراتيجية المرشد الأعلى علي خامنئي بعدم التسرع أو التباطؤ» في الرد على إسرائيل.

وأضاف أن الحرس في «قمة الجاهزية للدفاع عن البلاد» ضد أي تحركات إسرائيلية. وأكد على «استمرار الدعم الإيراني لحزب الله في لبنان وحماس في غزة من أجل سحق العدو».

في موازاة ذلك، شدد قائد الجيش الإيراني اللواء عبدالرحيم موسوي، على أن ردّ طهران على أي ردّ إسرائيلي أمر حتمي. وأوضح أن طهران قد تصبر قليلاً وتتحمل مرارة ضبط النفس، لكن تحركها سيكون حتمياً.

وتابع قائلاً، إن إسرائيل في حال حاولت شن أي هجوم، فإنها ستقابل برد أقوى وأكثر تدميراً.

أتى ذلك بينما نشرت قناة منسوبة لـ»فيلق القدس» المسؤول عن العمليات الخارجية بـ»الحرس الثوري» أمس الأول، خريطة للأماكن الحساسة الإسرائيلية التي قد تستهدفها إيران في حال ردت إسرائيل، مبينة عدداً من النقاط النفطية وحقول الغاز.

نفي نووي

وعلى خط رسائل التهديدات العلنية والمبطنة والدسائس المتبادلة التي لم تستثن التلويح بضرب الأصول الذرية والنفطية لطرفي الأزمة، نفی مصدر مقرب من مجلس الأمن القومي الإيراني، لوكالة «نور نيوز» المقربة من «المجلس الأعلى للأمن القومي» ما وصفها بـ»الشائعات المشبوهة» التي تحدثت عن إجراء إيران تجربة نووية تحت رمال صحار كافير في منطقة سمنان قبل يومين.

وقال المصدر، إن «هذه الشائعات تروجها وسائل إعلام أجنبية وهي كاذبة وملفقة وتتعارض مع العقيدة النووية الإيرانية وتدخل في إطار التهويل والتخويف من إيران».

مصير قآني

إلى ذلك، غاب قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني، أمس، عن مراسم إحياء الذكرى السنوية الأولى لعملية «طوفان الأقصى» التي شنتها «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي وأشعلت حرب غزة، وتم الاكتفاء بقراءة رسالة منه.

وأفادت مصدر طبية إيرانية لـ»الجريدة»، بأن قآني لم يتمكن من الخروج من المستشفى، حيث أكد الأطباء أن وضعه لا يزال غير مستقر ولن يتمكن من الجلوس وقتاً طويلاً في المراسم.

وكانت «الجريدة» كشفت ان قآني أصيب في بيروت في الغارة التي استهدفت هاشم صفي الدين بديل الأمين العام لـ»حزب الله» الراحل حسن نصرالله وتم نقله إلى طهران عبر سورية حيث يخضع للعلاج.

وغداة كشف مسؤولين إيرانيين لـ»رويترز» أن الاتصال بقآني فُقد بعد ضربات إسرائيلية في بيروت الأسبوع الماضي، أكد مساعد الشؤون التنسيقية للفيلق ايرج مسجدي أن القائد، المتواري عن الأنظار، بصحة جيدة ويواكب عمله بنشاط.

عبدالعاطي وعراقجي

في هذه الأثناء، أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن قلق بلاده البالغ من التصعيد المتزايد بالمنطقة واتساع رقعة الصراع في الإقليم مما ينذر بعواقب وخيمة على السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

وتناول عبدالعاطي، في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، التطورات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها التطورات التي يشهدها لبنان وقطاع غزة والأهمية البالغة لوقف التصعيد في المنطقة.

وأكد الوزير المصري ضرورة العمل على خفض التوترات وضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة لتجنب الانزلاق إلى حرب إقليمية، التي قد تؤدي لتداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار شعوب المنطقة بأسرها.