في ظل مشاركة مجموعة من صانعي السياسات الحكوميين والخبراء المتخصصين في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، أطلقت الجامعة الأميركية الدولية في الكويت أمس منتدى الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لدول مجلس التعاون الخليجي في نسخته الثانية والذي يستمر حتى اليوم.
وأكدت رئيسة مجلس أمناء الجامعة د. فايزة الخرافي أن الجامعة حرصت على إقامة المؤتمر، نظرا لاهمية الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في العصر الحالي وموضع اهتمام الأبحاث العلمية، مشيرة إلى ان الجامعة بصدد افتتاح برامج واقسام علمية في المجالين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، «كوننا نعتقد ان المواضيع المتعلقة بهما مهمة الى جانب شغف طلبتنا بتعلمها».
وتابعت الخرافي ان المحاضرين تطرقوا إلى جوانب متعددة تبين أهمية الامن السيبراني والذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، مبينة في الوقت ذاته ان «استخدام الذكاء الاصطناعي يجب ان يكون بحذر كون مثل تلك المواضيع لها إيجابياتها الا انها تحمل جوانب سلبية أيضا»، منبهة بضرورة تجنب السلبيات، ولافتة الى ان أهمية المؤتمر تكمن في ذلك وأن المؤتمر سيغطي الجوانب الرئيسية لموضوعات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي ليس لطلابنا فقط بل للمجتمع ككل، لما لتلك المواضيع من أهمية في أمن البلاد.
وأضافت الخرافي أن الجامعة حريصة دوما على إقامة مؤتمرات وفعاليات تعود بالنفع على المجتمع والكويت بشكل عام.
المجتمع المدني
من جانبها، قالت عضوة مجلس الأمناء بالجامعة أريج الغانم: نحن في الجامعة منذ التأسيس اعتدنا تنظيم المؤتمرات والمنتديات والفعاليات والأنشطة التي تعود بالنفع على المجتمع الكويتي، لايماننا بأن هذا الصرح الاكاديمي لابد ان يكون له دور بارز ومتميز ورائد في خدمة المجتمع المدني.
وأفادت الغانم بأن المؤتمر مقسم على يومين: الأول للاداريين والاكاديميين، والثاني سيكون في الحرم الجامعي لعقد ورش عمل متخصصة، فضلا عن دعوة طلبة في المدارس الثانوية والجامعات للحضور به والاستفادة من اجل تطوير مهاراتهم الابتكارية والإبداعية والمعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقالت الغانم إن التطور أصبح سريعا جدا في هذا المجال، ولابد من مواكبة التطورات والاستفادة من إيجابياته وتفادي سلبياته، متوجهة بالشكر الجزيل لجميع رعاة المؤتمر وهم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والمركز الوطني للامن السيبراني، وبنك الكويت الوطني، بالإضافة الى شركة علي الغانم وأولاده.
أنظمة حكومية
وقال رئيس المركز الوطني للأمن السيبراني اللواء ركن متقاعد مهندس محمد بوعركي، إن الأمن السيبراني يؤدي دورا محوريا في حماية البيانات والأنظمة الحكومية خصوصا مع التقدم التكنولوجي وتزايد التهديدات الإلكترونية.
وأوضح بوعركي أن توجيهات قادة دول مجلس التعاون الخليجي برزت من خلال حرصهم على تطوير الاستراتيجيات الخاصة بالأمن السيبراني، والاستثمار في بناء البنى التحتية الرقمية، كما حرصوا في توجيهاتهم الحثيثة على الاستثمار في البنى التحتية الرقمية وتطوير استراتيجيات الأمن السيبراني من خلال تأسيس المراكز والهيئات الوطنية المتخصصة بهذا الشأن لضمان حماية الفضاء السيبراني من الهجمات والتهديدات الإلكترونية.
وتابع بوعركي أن الذكاء الاصطناعي يعد واحداً من أكثر مجالات التكنولوجيا تطوراً وإثارة للتحديات والفرص، بل أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، حيث يؤثر على مختلف جوانب الحياة من الاقتصاد والتعليم إلى الرعاية الصحية، ومن هنا تأتي أهمية هذا المنتدى الذي يجمع بين نخبة من الخبراء والباحثين والمختصين في الكويت ومن دول مجلس التعاون الخليجي لاستكشاف آفاق جديدة، ومناقشة التحديات التي تواجهنا، وكيفية تسخير هذه التكنولوجيا من أجل مستقبل أفضل.
ولفت إلى انه «لا يمكننا تجاهل الدور الحيوي الذي يلعبه الأمن السيبراني في حماية بياناتنا وأنظمتنا».
تحول كبير
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي للجامعة الاميركية الدولية د. ريتشارد جونسون إن هناك تحولا كبيرا في الاقتصاد العالمي من خلال التوجه إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني.
وبين جونسون أن الذكاء الاصطناعي وفق تقارير دولية يؤثر بما لا يقل عن تريليون دولار، بينما استخدامه يزيد من الناتج المحلي بما لا يقل عن 26 في المئة.
وأكد أن اي دولة تريد المنافسة الاقتصادية والتطور او حتى اي شركة يجب ان تنتهج الذكاء الاصطناعي.
وأشار جونسون إلى أن الجريمة السيبرانية أيضا مكلفة وتكلف الاقتصاد العالمي بما لا يقل عن 23 تريليون دولار، مما يزيد من أهمية الأمن السيبراني.
مستحق ومتجدد
ومن جهته، ذكر نائب المدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، د. صالح العقيلي، ان المؤسسة تدعم كل ما يعزز العلم والتعلم في المجتمع بما فيه الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني الذي يعتبر موضوعا مستحقا ومتجددا، مشيرا إلى «ان الكويت تتجه في الطريق الصحيح للاستثمار العلمي، وسنجني ثماره في القريب العاجل».
وتابع «ان المؤسسة مستمرة في دعم المبادرات التي تعزز العلوم»، موضحا ان الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الأركان الرئيسية.
تبادل الخبرات
ومن جانبه، ذكر نائب الرئيس للأبحاث والعلاقات الخارجية بالجامعة د. محمد القطان، ان المنتدى يستضيف عددا من خبراء الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني من مختلف دول العالم، مشيرا الى ان المؤتمر يهدف لتبادل الخبرات والاطلاع على آخر المستجدات العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني، بالإضافة الى ادخال تلك المجالات في رؤية كويت 2035 ورؤى الدول الخليجية كذلك.
وأكد القطان اهتمام الجامعة بتضمين مناهجها الدراسية بمواضيع الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني، فضلا عن انها تضم معهدا لتدريب القطاعين العام والخاص ويقدم دورات خاصة، وبالتأكيد فإن مواضيع الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني جزء مهم من تلك الدورات التدريبية.
وأوضح القطان ان اليوم الثاني للمنتدى سيكون مخصصا لورش العمل بمشاركة طلبة الجامعة.
الجلسة الرئيسية للمنتدى
وعقب جلسة الافتتاح، أطلق المنتدى الجلسة الرئيسية بمشاركة كل من مدير مبادرة الذكاء الاصطناعي في «kaust» والمدير العلمي لمختبر الذكاء الاصطناعي السويسري idsia د. يورغن شميدهوبير، ود. بوعركي، ورئيس عمليات تقنية المعلومات في بنك الكويت الوطني بدر الخرافي، ومدير استراتيجيات وسياسات الامن السيبراني بالوكالة الوطنية للأمن السيبراني بدولة قطر عبدالرحمن الشافي.
وقال بوعركي: بدأنا بضخ الذكاء الاصطناعي في الصناعة، ومنها الصناعة السيبرانية في دولة الكويت، لافتا الى ان هناك بوادر كثيرة في الكويت لاستخدامه في المجالات الأمنية.
وكشف بوعركي عن اجتماع سيتم بين الدول الخليجية خلال ديسمبر المقبل، لتعزيز البنى التحتية للذكاء الاصطناعي والامن السيبراني بما يعطي مظلة لدول مجلس التعاون الخليجي للتعامل مع مخاطر وتحديات الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني.
وردا على سؤال حول هل حساباتنا البنكية مؤمنة؟ قال بدر الخرافي: لا يوجد شيء مؤمن بنسبة 100 في المئة، ولابد من التوافق بين استخدام التكنولوجيا والتأمين، وأحد العناصر اليوم في أي استراتيجية سيبرانية هو رفع وعي المستخدم في استخدام التكنولوجيا لأن معظم الهجمات السيبرانية تكون عن طريق اخذ معلومات من شخص اخر وشن هجمة على الشخص. وأكد الخرافي ضرورة وضع لوائح وقوانين لاستخدام الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني.
ومن جانبه، تطرق الشافي إلى دور دول مجلس التعاون الخليجي والتشارك لعمل رؤية موحدة للذكاء الاصطناعي والامن السيبراني لمواجهة وتعزيز الامن السيبراني، لافتا الى ان هناك مخاطر مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ويجب ان يكون لدينا مبادئ توجيهية وأهمها المسؤولية المشتركة في الإبلاغ عن المخاطر السيبرانية لجميع قاطني دول مجلس التعاون الخليجي وتعزيز الامن السيبراني في الإقليم وعلى المدى الطويل.
وذكر الشافي ان قطر قامت بتوجيهات تنظيمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني وهناك الكثير من الدول تحاول ان يكون هناك توازن بين التنظيم واستخدام الابتكارات الجديدة، موضحا اننا ننظر على مستوى وطني ودولي لنرى ما هو نوع التوازن المطلوب.
من ناحيته، أكد شميدهوبير أهمية المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني، موضحا ان اكثر البلدان نجاحا والتي تضم اكثر من 6 جامعات تتنافس فيما بينها لجذب افضل العقول في مجالات الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني، وهذا ما نحتاج اليه وهو بناء تلك البيئات لتعزيز الدخول للعصر الذهبي للذكاء الاصطناعي، فالعرب كانوا يقودون العالم منذ ألف عام في كافة المجالات.
ورش عمل مختصين ناقشت الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
عقدت في اليوم الأول ورش عمل متخصصة لمناقشة مواضيع الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني قدمها عدد من المتخصصين، منهم الدكتورة ايفا ماري مولر ستولر – رئيسة قسم البيانات والذكاء الاصطناعي في شركة EY لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، والتي تحدثت عن الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات التنفيذية: تمكين القيادة من خلال الرؤى المستندة الى البيانات.
كما قدم الرئيس التنفيذي المؤسس لشركة VEOL Inc جيبسون تايلور، ورشة عمل بعنوان «المرونة السيبرانية أو الندم السيبراني»، بينما قدم المهندس مشعل الزايد من المركز الوطني للامن السيبراني ورشة عمل حول الامن السيبراني في دولة الكويت بين المفاهيم وتجنب المخاطر، وقدم كبير مسؤول المعلومات لدى المزارعين في وزارة النقل الاميركية ريان كوت، ورشة عمل ناقشت اتجاهات الامن السيبراني لعام 2025 وما بعده: توقع التهديدات والحلول المستقبلية.
وفي ختام اليوم الأول تناول الرئيس التنفيذي لشركة Qantm Al بالولايات المتحدة الاميركية د. سيث دوبرين، الذكاء الاصطناعي من اجل مستقبل يركز على الانسان، والاستراتيجية والموهبة والثقافة.