في وقت أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي جو بايدن حول الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني الصاروخي والأزمتين في غزة ولبنان وسط تصاعد الخلافات بين بايدن ونتنياهو، بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في لقاءين منفصلين بالرياض أمس، التداعيات المحتملة للهجوم الإسرائيلي على إيران وتأثيرها على الاستقرار الأمني والنفطي في المنطقة و«العمل على وقف الجرائم الإسرائيلية في غزة ولبنان».

ووسط تقارير عن مساعٍ عربية وغربية وإيرانية حول سبل التوصل إلى وقف إطلاق للنار في لبنان، قال مسؤول إيراني كبير، لـ «رويترز»، إن بلاده «أوضحت أن أي تحرك لأي من دول الخليج ضد طهران، سواء باستخدام المجال الجوي أو قواعد عسكرية، ستعده طهران فعلاً صادراً عن المجموعة كلها، وسترد وفقاً لذلك».

Ad

في هذه الأثناء، هدد مستشار قائد الحرس الثوري الإسلامي العميد إبراهيم جباري بأن قواته ستسوي بالأرض عشرات المصانع والمنشآت للكيان الإسرائيلي.

في سياق متصل، كشف مصدر رفيع المستوى في قيادة الأركان الإيرانية، أن طهران استكملت في الأيام القليلة الماضية تركيب نظام «إس 400» للدفاع الجوي الروسي الصنع في 4 مناطق في البلاد بمساعدة خبراء روس.

وقال المصدر، إن موسكو سلمت إلى طهران أخيراً بطاريات الصواريخ الخاصة بـ «إس 400»، لتستكمل بذلك عناصر المنظومة الدفاعية بعد أن كانت سلّمت لها سابقاً الرادارات فقط.

وذكر أنه تم ربط المنظومة الروسية التي تستطيع الاشتباك مع 12 هدفاً في وقت واحد، مع أنظمة صاروخية إيرانية، لرفع كفاءتها، إذ أصبح بإمكانها الاشتباك مع نحو 100 هدف في آن واحد، فضلاً عن تغطية تشمل 300 كيلومتر حول الحدود الإيرانية.

وفي تفاصيل الخبر:

في وقت يرى مراقبون أن إيران تبحث عن فتح نافذة تهدئة لتجنب التورط في مواجهات عسكرية كبرى، مع إصرار حكومة إسرائيل على توجيه ضربة انتقامية ضدها رداً على القصف الصاروخي الذي تعرضت له الدولة العبرية أوائل أكتوبر الجاري، بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي، في لقاءين منفصلين بالرياض أمس، تطورات الأوضاع الإقليمية.

وبالتزامن مع انتقال عراقجي إلى الدوحة، ثاني محطة في جولته الخليجية التي استهلها من السعودية أمس، بهدف مناقشة القضايا الإقليمية، و«العمل على وقف الجرائم الإسرائيلية في غزة ولبنان» حسب بيانات إيرانية، قال مسؤول إيراني كبير، إن طهران أبلغت دول الخليج أنه سيكون «من غير المقبول» أن تسمح باستخدام مجالها الجوي أو قواعد عسكرية ضد بلاده، وأن أي تحرك من هذا القبيل سيستدعي رداً.

وقال المسؤول الإيراني الكبير لـ «رويترز»، إن بلاده «أوضحت أن أي تحرك لأي من دول الخليج ضد طهران، سواء باستخدام المجال الجوي أو قواعد عسكرية، ستعدّه طهران فعلاً صادراً عن المجموعة كلها، وسترد طهران وفقاً لذلك».

ورغم هذه التهديدات تدعو الرسالة إلى «الوحدة الإقليمية في مواجهة إسرائيل، والى أهمية تحقيق الاستقرار».

وذكر المسؤول أنه لم تتم حتى الآن مناقشة أي إجراء ستتخذه دول الخليج لتحقيق توازن في سوق النفط في حالة استهداف إسرائيل لمنشآت الطاقة الإيرانية. وكان فصيل عراقي متحالف مع طهران هدّد بحرب طاقة وقصف منشآت نفطية خليجية في حال استهداف منشآت إيران.

وتأتي زيارة عراقجي للمملكة التي سيتابعها في الدوحة، عقب محادثات «غير رسمية» بين إيران ودول الخليج العربية الأسبوع الماضي، على هامش مؤتمر يتعلق بآسيا في قطر، الذي سعت دول الخليج خلاله إلى طمأنة إيران بشأن حيادها في أي صراع بين طهران وإسرائيل.

تهديد وتلويح

في هذه الأثناء، هدّد مستشار قائد الحرس الثوري الإسلامي العميد إبراهيم جباري بأن قواته ستسوي عشرات المصانع والمنشآت للكيان الإسرائيلي مع الأرض، معتبراً أنه «ليس بوسعهم شنّ حرب على إيران وقواتنا على أتمّ الاستعداد للرد».

وفي خضم تصاعد التوتر، لوّحت إيران بتغيير عقيدتها نحو إنتاج السلاح النووي، وحذرت من أن «حزب الله» اللبناني بإمكانه تهديد حقول الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط، كما أوردت وسائل إعلام إيرانية مقربة من المرشد علي خامنئي.

وأعلن البرلماني حسن علي أخلاقي أن 39 نائباً وجهوا رسالة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، يدعون فيها إلى إعادة النظر في العقيدة النووية التي تضمن فتوى لخامنئي تحرّم تطوير الأسلحة الذرية، في حين ذكرت صحيفة «طهران تايمز» أن «الخطر الإسرائيلي غير المنضبط يغذي المطالبات الشعبية بامتلاك الأسلحة النووية». ونقلاً عن الصحيفة، فإن استطلاع رأي أجرته شركة أبحاث، مقرها كندا، كشف عن أن نحو 70 في المئة من الإيرانيين يؤيدون تطوير الأسلحة النووية.

وبينما كشفت صحيفة «تلغراف» البريطانية، أن إيران تُسارع في توسيع موقع عسكري سري، بمنطقة جبلية بين مدينتي كرج وإشتهارد، يستخدم لتصنيع وتخزين الصواريخ البالستية، لتصديرها إلى جهات خارجية في مقدمتها روسيا و«أنصار الله» الحوثية باليمن.

وعلى الرغم من التهديد والتأهب العسكري الذي تعيشه الجمهورية الإسلامية، أفاد موقع «ميدل إيست آي» في تقرير استناداً إلى بيانات «تانكر تركرز» بعودة ناقلات النفط الإيرانية إلى محطة التصدير الرئيسية للنفط في الخليج، واستنتج أن الحكومة الإيرانية قد ترى أن خطر الهجوم الإسرائيلي على منشآتها النفطية تراجع وسط ضغوط أميركية مكثفة على الدولة العبرية لتفادي حرب طاقة تؤثر على الأسواق العالمية.

تكريم قآني

من جانب آخر، أفادت مصادر إيرانية لـ «الجريدة» بأن قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني خرج أمس، من مستشفى «بقية الله» في طهران، حيث كان يعالج من جروح في كتفه وصدره أصيب بها خلال وجوده في بيروت الأسبوع الماضي، وتم نقله على إثرها إلى إيران، كما انفردت «الجريدة» بالنشر. وبحسب المصدر، سيقلّد المرشد الأعلى قريباً قآني «وسام الفتح» في مراسم بدأ الإعداد لها لدحض الشائعات حول مقتله أو إبعاده عن منصبه.

بايدن ونتنياهو

جاء ذلك في وقت نقل موقع «أكسيوس» عن ثلاثة مسؤولين أميركيين قولهم، إنه من المتوقّع أن يجري الرئيس الأميركي جو بايدن مكالمة هاتفية حاسمة، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن خطط إسرائيل لمهاجمة إيران.

وأكد مسؤولان إسرائيليان لـ «أكسيوس» أنّ نتنياهو أمضى ساعات طويلة، ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، مع وزراء ورؤساء الأجهزة العسكرية والاستخباراتية لمحاولة اتخاذ قرار بشأن نطاق الهجمات الإسرائيلية وتوقيتها. وقال مسؤولون إسرائيليون، إنّ المتوقع أن يكون ردّ إسرائيل كبيراً، والمرجّح أن يشمل مزيجاً من الضربات الجوية على أهداف عسكرية في إيران وهجمات سرّية. ودرست الدولة العبرية توجيه ضربات للبنية التحتية النفطية الإيرانية، والتي كان بايدن قد أشار في وقت سابق إلى أنه سيعارضها.

وذكر أحد مساعدي نتنياهو لـ«أكسيوس» أنه بمجرد اتخاذه قرار الرد على إيران، فسيُطلع بايدن على ذلك. وقال مسؤول أميركي: «نريد توظيف المكالمة لمحاولة تشكيل حدود الرد الإسرائيلي»، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تريد التأكد من أنّ إسرائيل «ستهاجم أهدافاً في إيران ذات أهمية، دون أن يكون مبالغاً فيها». وبحسب مسؤولين أميركيين سيناقش بايدن ونتنياهو أيضاً الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.

وكان نتنياهو قد قرر، مساء الثلاثاء، منع وزير الأمن يوآف غالانت من التوجه إلى واشنطن، أمس، للقاء وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ومسؤولين أميركيين آخرين، قبل أن يتواصل بايدن معه. وذكرت القناة 12 العبرية التي أوردت الخبر، أنّ نتنياهو تحدّث إلى غالانت وأبلغه أنه لا يوافق في هذه المرحلة على زيارته لواشنطن، وأنّ عليه قبل ذلك انتظار مكالمته مع بايدن، وموافقة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية «الكابينيت» بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.

وأمس، أشارت شبكة «NBC» إلى أن الضغوط الأميركية تحصر الخيارات المتبقية للانتقام الإسرائيلي في ضرب البنية التحتية العسكرية والاستخباراتية الإيرانية، والدفاع الجوي، ومنشآت الطاقة، مشيرة إلى أن مسؤولين أميركيين كباراً يزعمون أن إسرائيل أوضحت أنها لا تستبعد الرد خلال «يوم الغفران» السبت المقبل.

زيارة أردوغان

وقبل إعلان أنه يستعد لزيارة المملكة بهدف إجراء مفاوضات بشأن التطورات الإقليمية، شكك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ«جدوى المخططات الاستعمارية التي تسعى إليها إسرائيل بالشرق الأوسط»، قائلاً، إن «وهم الأرض الموعودة مصيره خيبة أمل وسيمنى بهزيمة كبيرة».

وحذر أردوغان من أن الرد الإيراني على هجمات إسرائيل زاد من خطر نشوب صراع إقليمي أكثر من أي وقت مضى. وقال إن «تركيا تعلم جيداً الهدف النهائي لإسرائيل وتتخذ كل التدابير لحماية أمنها».

وجدد إشادته بكفاح «حماس» ووصفه لإسرائيل بالمنظمة الإرهابية الصهيونية المدعومة من القوى الغربية.