ياسين: أعمالي متأثرة بالخط العربي الغني بالإيماءات الحركية
• في البداية، متى انطلقت في مشوارك الفني؟
- كنت طفلا محبا للرسم، والعديد من الفنون الأخرى، فالحياة في نظري فن، وكل عمل يمارسه الإنسان فيه جانب فني، ولذلك فقد انطلقت منذ ستينيات القرن الماضي وحتى الآن في مسيرة تجاوزت النصف قرن، مارست خلالها فنون التصوير والرسم والنحت والطباعة والكاريكاتير والرسوم المتحركة، كما أن لدي مهارات متعددة أعتبرها نوعاً مهماً من الفنون، فأنا محب لتصليح وإعادة تدوير أي شيء تالف، حيث أمارس النجارة والحدادة والكهرباء والميكانيكا، وتصليح الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية، وألعاب الأطفال، فلديّ ورشة متكاملة تضم جميع أدوات التصليح، وأدوات الرسم والنحت والخزف، إلى جانب ذلك فأنا أجيد الطبخ والحياكة، والحلاقة، وخاصة أيام الغزو حيث كنت أحلق لأولاد الفريج.
• 6 عقود من الفن لابد وأن نتاجها عدد ضخم من الأعمال والإنجازات؟
- بالتأكيد لدي إنتاج ضخم من الأعمال يقدر بالمئات، وهو ما أعتبره إنجازي الأكبر بالحياة، ولكني لا أعتبرها مصدر دخل بالنسبة لي، ولا اعتمد عليها مادياً رغم أنها تقدر بمبالغ كبيرة، حيث إنه وللأسف عملية الشراء والبيع للوحات الفنية في الكويت متوقفة منذ سنوات، فلم يعد محبو الفنون يقتنون الرسومات ويقدرون قيمتها الجمالية، فقد انتهى العصر الذهبي الذي يتنافس فيه الفنانون بشكل رائع، وكان تجار اللوحات يقدرون الأعمال الثمينة، كما كان نوع من الوجاهة الاجتماعية أن تتزين المنازل بلوحات فنانين مبدعين، وكان الوجهاء يرتادون المعارض ويتنافسون في اقتناء الأعمال، أما المعارض الآن فالحضور فيها سلبي، ويقتصر على الفنانين وذويهم والمدعوين، وينتهي المعرض ولا أحد يمر، وفي حال الشراء يتم إجراء تخفيض كبير في سعر اللوحات لأن الفن أصبح لا قيمة له.
• ولماذا لا يتم التسويق للأعمال الفنية؟
- لا توجد مكاتب خاصة بتسويق أعمال الفنانين أو تجار في هذا المجال ولا حتى جهات حكومية تسوق الأعمال الفنية، فهناك صراع يعيشه الفنانون والمسؤولون، وهو ما انعكس على المشهد الفني، وجعل الفنان ينزوي ويبتعد ويبدع في صمت خروجاً من هذا الصراع المؤلم، بدلاً من استغلال طاقتنا في تثقيف المجتمع وتخريج دفعات تعزز موهبتها بالدراسة الأكاديمية، حيث أصبح الرسام يكتفي بالدورات التدريبية فقط، بعد أن كان يهتم بالدراسة وثقل موهبته، فقد كنت الأول على دفعتي في كلية الفنون الجميلة، ثم حصلت على ماجستير ودراسات عليا للدكتوراه بالولايات المتحدة الأميركية، وقمت بالتدريس لعدة سنوات قبل أن أتقاعد وأترك التدريس.
• ورغم هذا الصراع المؤلم توجد نقاط مضيئة كثيرة في مسيرتك... حدثنا عنها.
- لقد استمتعت كثيراً بكل ما قدمت، وكنت محظوظاً بمشاركات كثيرة حول العالم، حيث جالت لوحاتي وزارت العديد من الدول منها الولايات المتحدة واليابان ويوغوسلافيا وروسيا وفرنسا وكوبا وتركيا وأذربيجان وإيطاليا، إضافة إلى العديد من معارض القاهرة والدوحة وسورية ولبنان والجزائر وإيران وسلطنة عمان والبحرين والسعودية، وبالكويت شاركت في الكثير من المعارض بالجمعية الكويتية للفنون التشكيلية ومهرجان القرين الثقافي ومكتبة الكويت الوطنية والأعياد الوطنية، وشاركت في افتتاح صالة الكويت للفنون الجميلة عام 1996، وبينالي الخرافي الأول عام 2004، والمعرض الأول للخط العربي لخطاطي دول مجلس التعاون.
• وما أبرز الجوائز والتقديرات التي تعتز بها خلال هذا المشوار الحافل؟
- ربما عندما كنت طفلاً ومثلت الكويت وأنا بعمر 16 سنة في اليابان، حيث شاركت في معرض طلبة مدارس المرحلة المتوسطة والإعدادية المميزين لجميع طلبة العالم في طوكيو عام 1966، وغيرها الكثير من التقديرات كالميدالية الذهبية بمعرض الجمعية الخاص عام 1983 والجائزة الأولى لمعرض الكاريكاتير الأول عام 1993 وجائزة أوسكار بمعرض بصمات في القاهرة، الدرع الذهبية لمعرض الكاريكاتير الثاني والجائزة الأولى والدرع الذهبية لمعرض التحرير الثامن 1999 وجائزة الدانة الذهبية لمعرض 25 فبراير 2004 والسعفة الفضية لمعرض الفن الدوري لدول مجلس التعاون الخليجي بعمان 2005 والعديد من الدروع والميداليات والشهادات التقديرية لمشاركاتي وأنشطتي الثقافية والفنية، كما تم تكريمي كأول كويتي يصمم كأس سمو ولي العهد بالاتحاد الكويتي لكرة القدم.
• إلى أي مدرسة فنية تنتمي؟ وما البصمة الخاصة التي تميز أعمالك؟
- أنتمي إلى المدرسة الحديثة لكن برمزية معينة، تشير إلى شخصيتي الفنية، حيث تتأثر لوحاتي بالخط العربي، الذي يعتبر أمتع الخطوط في العالم، ولذلك أعشق هذا النوع من الرسم، نتيجة ما يتمتع به من إيماءات حركية وزوايا وليونة وحدة وسمك وضعف وإيقاع وتأثيرات أخرى كثيرة تجعله فريداً من نوعه مقارنة بأي لغة أخرى، وكأنه كائن طبيعي يتحرك، وأبرز ما يميز لوحاتي أنها حين يندمج الخط بأسلوب إبداعي مع الألوان والتأثيرات لا يمكن النظر له كحرف ولكن كأسلوب إبداعي مفعم بالحركة والتأثير وكأنه جزء من مكنون المجتمع والكون.
• ما هو الفن من وجهة نظرك؟ وكيف ترى مجتمعاً بدون فن؟
- الفن هو الحياة والجمال والمتعة البصرية، كما أن الطعام متعة تذوق حسية، لذلك فإن اللوحة غير الجميلة لا تعتبر فناً، ورغم أن اللوحات الفنية اختفت ولم تعد منتشرة مثل السابق فإن المباني الجميلة والمجمعات المصممة بشكل هندسي مبدع والملابس الأنيقة والاكسسوارات والزخارف جميعها فنون تمتع البصر، ولذلك فإنه لا يمكن للمجتمع أن يعيش بدون فن وإلا صار مدفوناً في مقبرة، ولذلك فإنه من المستحيل أن يعيش الإنسان بدون فن وإن كان في الصحراء، فصناعة المخيمات فن.
• ما هو أكثر شيء يسعد الفنان؟
- أكثر ما يسعد الفنان، وخصوصاً غير المتفرغ للفن، الذي يمارسه كهواية، مثل الفنانين بالوطن العربي، الذين لا يعتمدون على الفن كمصدر رزق، كما يتفرغ الفنانون حول العالم للفن والرسم، لذلك فإن ما يمكن تقديمه لنا كهواة ومبدعين، أن يتم تكريمنا وتقديرنا من الدولة، لأننا نعمل من أجل الفن وليس المال، وليس من المعقول أن تتكلف الدولة مصاريف الدراسة وبعثاتنا بالخارج وحين نعود لا يتم استغلال طاقاتنا الإبداعية، ونشر أعمالنا، حتى تدور العجلة، التي توقفت منذ التحرير، حيث كانت تسير بسرعة رائعة قبل الغزو، وكان يتم استدعاء الفنانين عن طريق الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لتقديم أعمالنا الفنية التي يقبل عليها الجمهور.