تواصلت المعارك البرية وتبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الجنوبية للبنان، في حين اتهمت قوات «اليونيفيل» الأممية الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على مراكزها، قبل ساعات من جلسة لمجلس الأمن في نيويورك تطرقت إلى أزمة لبنان سبقتها بعض الاتصالات الدبلوماسية، في حين بدا أن شروط إسرائيل لوقف النار باتت مرتفعة، وتمتد من إطلاق الرهائن في قطاع غزة وصولاً إلى تغييرات سياسية داخل لبنان.
وقال حزب الله، إنه تصدى لآليات إسرائيلية أثناء تقدمها عند رأس الناقورة في القطاع الغربي، في وقت أظهر شريط مصور وقوع اشتباكات عنيفة بعدة أنواع من الأسلحة قرب بلدة ميس الجبل في القطاع الشرقي، وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن إصابة 7 جنود إسرائيليين بجروح، فيما أعلن مقتل نقيب احتياط خلال المعارك في الأيام السابقة.
وصباحاً أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، رصد إطلاق 40 صاروخاً من لبنان على منطقة الجليل الأعلى، في حين قال «حزب الله»، إنه استهدف مستوطنة كريات شمونة الإسرائيلية بصلية صاروخية كبيرة، وبعد الظهر أطلقت عشرات لصواريخ باتجاه الجليل الأعلى وعكا وصفد حيث أفيد عن إصابات.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، إنه تمّ القضاء على قائد منطقة حولا في «حزب الله» والمسؤول عن عمليات إطلاق القذائف الصاروخية نحو منطقة كريات شمونة، وقائد منظومة القذائف المضادة للدروع للحزب في منطقة ميس الجبل.
وحسب مصادر طبية قتل 20 شخصاً أمس، في غارات إسرائيلية على عدة مناطق لبنانية بينهم خمسة عناصر في الدفاع المدني قتلوا في غارة على مركزهم في بلدة دردغيا في الجنوب، كما سقط قتيلان في ضرية جوية على بلدة سُحمر في البقاع الغربي شرق لبنان، وأربعة قتلى في ضربة على مبنى في بلدة بوداي غرب مدينة بعلبك شمال شرق لبنان.
وتعرضت بلدات الخيام وأرزون والنبطية بجنوب لبنان لسلسلة غارات جوية وقصف مدفعي، وقالت وكالة «شينخوا» الصينية نقلاً عن مصادرها أن 5 من حزب الله قتلوا أمس، في ضربات جوية.
وكانت الرئاسة الأميركية، قالت إن الرئيس جو بايدن طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «التقليص قدر الإمكان من تأثير» الحرب على المدنيين في لبنان، لا سيما في بيروت، مع «التأكيد على حق إسرائيل في حماية مواطنيها من حزب الله».
«اليونيفيل»
إلى ذلك، اتهمت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان الجيش الاسرائيلي بإطلاق النار على مواقع وتجهيزات تابعة لها في جنوب لبنان، ومن ضمنها برج مراقبة في مقرها بالناقورة، مما أدّى إلى إصابة اثنين من جنودها بجروح.
وقالت «اليونيفيل»، في بيان، إن «دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي أطلقت النار الخميس باتجاه برج مراقبة في مقر اليونيفيل في الناقورة، فأصابته مباشرة وتسببت في إصابة الجنديين»، مشيرة إلى أن جنوداً إسرائيليين أطلقوا النار أيضاً على موقع للأمم المتحدة في رأس الناقورة. وكانوا أطلقوا أمس الأول «النار عمداً» على كاميرات في محيط الموقع وأصابوها.
وطالبت إسرائيل من «اليونيفيل» الانسحاب من بعض المواقع بعد الإعلان عن عمليتها البرية في لبنان، إلا أن القوات الأممية رفضت ذلك.
واستدعت إيطاليا المساهم الأكبر في قوات اليونيفيل السفير الإسرائيلي للاحتجاج على إطلاق نار على قوة اليونيفيل.
توتر النازحين
إلى ذلك، قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، إن السلطات اللبنانية لن تسمح بحدوث فتنة، مع تصاعد التوترات بين سكان محليين ونازحين.
وأضاف مولوي، أن «بعض الأشخاص حاولوا أمس، بناء غرف في كورنيش بيروت وهذا غير مقبول لأن المنطقة هي أملاك عامة»، مشدداً على «أننا لن نسمح بالتعدي على الأملاك الخاصة والعامة».
وأكد أنه «لا مكان للفتنة بين اللبنانيين» وأن الوحدة الوطنية هي التي تحمي اللبنانيين في هذه الظروف. وتصاعدت التوترات بعد محاولات البعض السيطرة على أملاك عامة وخصوصاً في خضم أزمة النزوح الكبيرة.
وذكرت قوى الأمن اللبنانية، في بيان أمس، أنها منتشرة في معظم المناطق اللبنانية لحفظ الأمن خصوصاً في المناطق، التي يوجد فيها النازحون.
مساعٍ دبلوماسية
إلى ذلك، أفاد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أمس، بأن الاتصالات الدبلوماسية تكثفت في الساعات الماضية لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وقال ميقاتي أمام زواره، بحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، إن «هناك اتصالات تجري بين الولايات المتحدة وفرنسا، التي طلبت انعقاد مجلس الأمن، بهدف إحياء الاعلان الخاص بوقف إطلاق النار لفترة محددة لكي يصار إلى استئناف البحث في الحلول السياسية».
وتابع: «لقد عبرنا مجدداً خلال الاتصالات الدبلوماسية عن استعدادنا لتطبيق القرار 1701 شرط التزام إسرائيل بكل مندرجاته. كما شددنا على أولوية وقف العدوان الاسرائيلي الذي يتسبب بسقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى ولا يحمي المدنيين وعناصر الإسعاف والإغاثة، وهذا أمر يخالف كل القوانين والشرائع الدولية».
جاء ذلك، فيما ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن رئيس جهاز الموساد ديفيد برنيع أبلغ الجانب الأميركي أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان يجب أن يتضمن أيضاً اتفاقاً لإطلاق سراح الرهائن في غزة. يأتي ذلك في وقت أظهر حزب الله نوعاً من الليونة إزاء أي مفاوضات ترمي لوقف الغارات الإسرائيلية على لبنان بدون ربط ذلك بجبهة غزة.
وكشف مسؤولون أميركيون وعرب مطلعون، بحسب ما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدفع نحو استخدام هجوم إسرائيل على «حزب الله» كفرصة لإنهاء «هيمنته» التي استمرت فترة طويلة من خلال انتخاب رئيس لبناني جديد.
وبحسب الصحيفة، أبلغ المسؤول الكبير في البيت الأبيض آموس هوكشتاين مسؤولين عرباً أن إضعاف «حزب الله» جراء الهجمات الإسرائيلية يجب أن يُنظر إليه على أنه فرصة لكسر الجمود السياسي في لبنان، حسب ما أفادت الصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المسؤولين السياسيين في لبنان والمنطقة خشيتهم من أن يؤدي الضغط لانتخاب رئيس الآن إلى إشعال نوع من الاقتتال الطائفي الذي مزق البلاد في العقود الأخيرة.
ولفتت إلى أن مسؤولين مصريين وقطريين أبلغوا مسؤولين أميركيين بأنهم يعتبرون هذه الخطة الأميركية غير واقعية بل وخطيرة. كما رأوا أن إسرائيل لن تنجح أبداً في تدمير «حزب الله» بشكل تام، لافتين إلى أنه لا بد للحزب أن يكون جزءاً من أي تسوية سياسية للصراع.
مؤتمر «القوات»
ومن المرتقب ان يعقد حزب القوات اللبنانية، الحزب المسيحي القوي والذي يعد الخصم الأبرز لحزب الله، مؤتمراً في معراب السبت. وستكون الأضواء مسلطة عليه لناحية كشف تفكير القوى السياسية الرئيسية المناوئة لحزب الله بما يجب القيام به في هذه الأوضاع.
والتزمت «القوات» الصمت نسبياً منذ أن صعّدت إسرائيل حربها ضد حزب الله. وقال سالم زهران، وهو محلل قريب من حزب الله، إن «القوات» قد تتبنى ضرورة تنفيذ القرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح جميع الميليشيات في لبنان. ويرفض حزب الله التخلي عن سلاحه وكان يقول، إنه يستمد شرعيته من مقاومة الاحتلال الاسرائيلي في مزارع شبعا وهي منطقة متنازع عليها بين لبنان وسورية وإسرائيل.
ويقول مسؤولون أميركيون، إن ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل سيلغي عملياً جميع النقاط العالقة بين البلدين.
وكان حزب الله رفض سابقاً نزع سلاحه حتى بعد أن تحل قضية مزارع شبعا، معتبراً أن سلاحه يجب أن يبقى لحماية لبنان من أي اعتداءات إسرائيلية محتملة. وأجرت القوى السياسية اللبنانية عدة حوارات حول ما عرف بالاستراتيجية الدفاعية في محاولة لاقناع الحزب بالانضمام إلى الدولة لكنها فشلت جميعها في الوصول إلى اتفاق.