في جلسة حوارية سابقة جمعتني مع بعض السياسيين المخضرمين القدماء، وهي أشبه بالأفلام العربية الكئيبة بالأبيض والأسود، وكان حوارنا يدور حول المصائب التي تنزل على رأس الأمة العربية، وقد سألت كبيرهم الذي له الكلمة العليا، كيف ستنتصر المقاومة على العدوان الإسرائيلي ولديه الطائرات المقاتلة والصواريخ الفتاكة، والولايات المتحدة الأميركية والغرب يدعمانه، قال إن الله معنا كما حدث في معركة بدر، فرددت على هذا العبقري ومن معه إن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، وهذا أمر مسلّم به وليس محل جدال أو نقاش.

ولكن دعونا نكن واقعيين، فلا يوجد وجه للمقارنة بين معركة بدر وما يحصل الآن، لعدة أسباب منها أن جيش المسلمين يتكون من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ويقودهم أفضل خلق الله الرسول، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يكونوا مجموعة أحزاب تعمل خارج إطار الدولة، وكانت الأسلحة المستخدمة سيفا ورمحا وقوسا وغيرها من الأسلحة البيضاء، ولم يكن أبوجهل يملك صواريخ فرط صوتية، ولا الوليد بن المغيرة يقود سرب طائرات (إف35) ولا حتى أمية بن خلف كان قائدًا لحاملة طائرات، بل كانت المعركة مواجهة face to face يعني يا أقتلك يا تقتلني، فقتلى المسلمين في الجنة وقتلى المشركين في النار، وهنا أنهيت الحوار قبل أن تتحول الجلسة الى حرب فتح القسطنطينية.

Ad

في عام 2013 أجريت لقاء حصرياً مع الدكتور رياض نعسان آغا الذي كان يشغل منصب وزير الثقافة السوري ومستشار الرئيسين حافظ الأسد وبشار الأسد، وكان آخر منصب تبوأه هو سفير سورية في روسيا، فسألته: لماذا لا ترد الحكومة السورية بالمثل على إسرائيل عندما يقوم طيرانهم بقصف أهداف في العمق السوري، قال لي كنا نجتمع كقيادة مع الرئيس ويطلب منا التزام الصمت بالرغم من أننا نتمنى الرد، لكن سياسة «رحم الله امرأ عرف قدر نفسه» التي انتهجها النظام السوري تمنعنا من الرد، بل وصلنا إلى مرحلة تطبيق مقولة إذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، فنحن لا نستطيع أن نخوض حرباً ضد الكيان الصهيوني لوحدنا لأننا لا نثق بالدول العربية، فقد يتركوننا نواجه مصيرنا وهم يكتفون بالشجب والاستنكار.

ثم أما بعد:

من يتساءل: متى النصر على إسرائيل وتحرير فلسطين؟ أقول لهم اسألوا أهل الذكر وشيوخ الدين المحترمين عن ذلك لأنهم أعلم بتفسير القرآن والأحاديث النبوية الشريفة.