غداة محادثات وصفها البيت الأبيض بالمباشرة والبنّاءة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن الرد المحتمل على ضربة إيران البالستية، التي استهدفت الدولة العبرية مطلع أكتوبر الجاري، صوت مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي «الكابينت» على طبيعة وتوقيت الرد المنتظر خلال اجتماع عقده أمس.

وقبيل التصويت تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن تكون الضربة الإسرائيلية على إيران «قاتلة ودقيقة ومفاجئة بشكل خاص». وفي حديثه خلال زيارة لوحدة استخبارات الجيش الإسرائيلي 9900 – وهي الوحدة التي تجمع المعلومات الاستخباراتية في مسارح الحرب، قال غالانت إن إيران «لن تفهم ما حدث لها، أو كيف».

Ad

وأضاف أن الضربة التي وجهتها الجمهورية الإسلامية الأسبوع الماضي كانت «عدوانية، لكنها فشلت لأنها كانت غير دقيقة»، كما قال إن النظام الأمني ​​الإسرائيلي بأكمله، من الجندي على الأرض وحتى رئيس الوزراء، متفقون حول الضربة على إيران.

وجاء التصويت بشأن منح نتنياهو ووزير دفاعه غالانت تفويضاً للرد الانتقامي، بينما ذكرت مصادر لـ«بلومبرغ» أمس، أن بايدن اقترح خلال المحادثة الهاتفية، التي استغرقت 30 دقيقة مع نتنياهو، وشاركت فيها نائبته المرشحة الرئاسية كامالا هاريس، حزمة بدائل تشمل فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران، بدلاً من مهاجمة البنية التحتية للمحروقات في إيران، بهدف حصر الانتقام بضرب أهداف عسكرية مثل القواعد الجوية ومواقع الصواريخ، لتفادي اضطراب كبير في أسواق الطاقة، فضلاً عن تداعيات مثل هذه الأحداث على انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في 4 نوفمبر المقبل.

ونقلت الوكالة الأميركية عن أشخاص مطلعين على المناقشات الخاصة أن التفكير الأميركي يستند إلى تقديم مخرج لنتنياهو، يسمح له بمقاومة دعوات المتشددين في ائتلافه الحكومي، والذين يطالبون برد أكثر شدة على طهران لا يستثني قطاعاتها الاقتصادية والنووية.

وقالت المصادر، إن بايدن حذّر إسرائيل من مهاجمة المواقع النووية الإيرانية رغم شعوره بالإحباط جراء تكتم نتنياهو على طبيعة الضربة.

وفي حين يُتوقع أن تشن إسرائيل هجومها بأي وقت بما في ذلك «يوم الغفران» الذي يحل غداً، تساءلت «بلومبرغ» عن احتمال قبول نتنياهو بالموقف الأميركي؟ خصوصاً أن إدارة بايدن لم تنجح في فرض رأيها من خلال استخدام مسألة وقف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل.

ولم يقدم بيان أصدره البيت الأبيض عقب المكالمة أي معلومات جديدة بشأن موقف واشنطن من الهجوم المنتظر ضد إيران، واكتفى بالقول، إن بايدن «أكد التزامه القوي بأمن إسرائيل وأدان بشكل لا لبس فيه» الضربة الصاروخية الإيرانية.

وقال بايدن لمجموعة من الحاخامات الأميركيين في مكالمة هاتفية لاحقة بمناسبة الأعياد اليهودية: «كما رأيتم الأسبوع الماضي، الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران وجميع وكلائها، بما في ذلك حزب الله وحماس والحوثيون».

مفاوضات سرية

وفي وقت ذكرت قناة عبرية رسمية، أن الولايات المتحدة تجري، بمشاركة دول عربية، محادثات سرية مع طهران بشأن وقف إطلاق النار، خصوصاً في لبنان، لتفادي اندلاع حرب كبرى بين إيران وإسرائيل، التي أبلغت بالتحرك، لكنها ليست جزءاً منه، اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه الوحيد الذي يريد إشعال المنطقة.

وقال عراقجي، في تصريحات على هامش زيارته لقطر، ثاني محطة بجولة خليجية استهلها بالسعودية، أمس الأول، «ليست إيران وحدها هي التي لا تريد حرباً واسعة النطاق، بل كل دولة في المنطقة وفي العالم لا تريد مثل هذه الحرب، لأن الجميع يعلم ما الكارثة التي ستجلبها»، وتابع: «ندعو دول المنطقة لأن تكون متيقظة لأمر كهذا، لذلك لن نقع في الفخ الذي نصبه نتنياهو. وفي الوقت نفسه، نحن لسنا خائفين من الحرب ومستعدين لها. إيران ليست لديها رغبة على عكس إسرائيل التي تسعى إلى الحرب».

وفيما يتعلق بالرد الإسرائيلي المرتقب على القصف البالستي، الذي تم بنحو 200 صاروخ، أشار إلى أن «الجمهورية الإسلامية مستعدة لكل السيناريوهات، ورغم أننا لا نريد التصعيد أو الحرب يمكن للإسرائيليين أن يختبروا تصميمنا. سنرد بحسب الهجوم، سنحدد طبيعة ردنا الذي سيتم فحصه بدقة».

وعن وضع حزب الله بعد اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، ذكر: «لقد خسر التنظيم أمينه العام وبعض قادته، لكن ذلك لا يعني أنه فقد قدرته القتالية. ففي الأيام الأخيرة شهدنا أن حزب الله قادر على التصدي للغزو البري الإسرائيلي في جنوب لبنان، وهذه حرب ضد المقاومة، والمقاومة نفسها هي التي سترد على ذلك».

ورأى أن «المقاومة قادرة على الرد على الكيان الصهيوني، وأن نتنياهو لم ينل هدفه في حرب غزة، أي القضاء على حماس، وسيواجه الوضع ذاته في لبنان». وفي موقف بارز، اعتبر الوزير الإيراني أنه يجب وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، لكن الطرح بأن وقفه بلبنان ضرورة وأولوية أيضا صحيح، وأكد أن بلده لن تتراجع عن دعم تيار المقاومة، موضحا أن الدعم لن يقتصر على المجالين السياسي والدبلوماسي.

جهود قطرية

في غضون ذلك، شدد رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على «ضرورة تضافر كل الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد، وتجنب اتساع دائرة العنف في المنطقة» خلال استقباله عراقجي أمس. وأكد آل ثاني «استعداد الدوحة الكامل لبذل كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي».

وقالت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، إن «رئيس الوزراء استعرض مع وزير الخارجية الإيراني، خلال المباحثات، علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، ومناقشة آخر التطورات بالمنطقة، لا سيما في غزة ولبنان، إضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك».

من جهته، وصف عراقجي، في منشور عبر «إكس»، المحادثات حول الوضع الإقليمي بالمهمة، لافتاً إلى أن إيران وقطر تتشاركان مخاوف ومصالح مشتركة، وعازمتان على التعاون، وأضاف: «تواجه منطقتنا تحديات صعبة تحتاج إلى معالجتها من خلال المشاورات الوثيقة والجهود المشتركة».