بينما تستعد لبناء غواصتين هجوميتين تعملان بالطاقة النووية، تستخدم الهند «أصلاً جديداً في التنافس مع الصين على النفوذ بالمنطقة»، حيث تقدم مساعدات مالية لجيرانها، مستفيدة من اقتصاد سريع النمو، ومن نهج براغماتي يحمي مصالحها، وفق ما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير.

وتدخلت الهند بمساعدات تجاوزت قيمتها 4 مليارات دولار عندما واجهت سريلانكا أزمة اقتصادية في 2022. وفي بوتان المجاورة، التي لديها نزاعات حدودية مع الصين، ضاعف رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، هذا العام المساعدات إلى مليار دولار. كما قدم مليارات الدولارات لمشاريع البنية التحتية في بنغلادش لدعم الزعيمة الحديدية الشيخة حسينة، التي دافعت عن مصالح نيودلهي حتى أطيح بها في أغسطس الماضي.

Ad

المستفيد الأخير هي جزر المالديف، حيث خاض رئيسها الجديد محمد مويزو حملته الانتخابية العام الماضي تحت شعار «الهند خارجاً»، مطالباً بسحب وحدة عسكرية صغيرة هندية من بلاده، لكنه زار نيودلهي الاثنين الماضي، وحظي بمساعدات بأكثر من 750 مليون دولار لإنقاذ حكومته التي تقبع تحت ضغوط مالية شديدة.

واعتبر مويزو أن «الهند شريك رئيسي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية لجزر المالديف وقد وقفت إلى جانبنا خلال أوقات حاجتنا».

وبينما ينمو اقتصاد الهند بنحو 7 في المئة، وفقًا للبنك الدولي، تستفيد حكومة مودي بالسيولة النقدية التي تحتاج إليها لتسيير ملفاتها الدبلوماسية بعد أن واجهت انتكاسات إقليمية العام الماضي، حيث تم التصويت على إقصاء زعماء مؤيدين للهند في ثلاث دول على الأقل أو الإطاحة بهم في احتجاجات.

في هذا السياق، قالت وزيرة الخارجية الهندية السابقة، نيروباما مينون راو، إن نفوذ بلادها الاقتصادي في المنطقة «أصبح أقوى بكثير»، مشيرة إلى أن الزعماء في المنطقة الذين «يُوصَفُون تقليدياً بأنهم معادون للهند ليس لديهم خيار سوى العمل مع نيودلهي، ليس فقط للحصول على مساعدة مالية فورية، ولكن أيضاً للتحالف مع الهند على المدى البعيد».

وأوضحت أن الهند تتبنى نهجاً أكثر براغماتية تجاه بعض جيرانها، حيث استفادت من الدرس القاسي هذا العام من بنغلادش، التي تحوّل الغضب فيها على رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى غضب على الهند، خصوصاً عندما استقبلتها بعد أن أطاحت احتجاجات بحكمها.

وخلصت راو إلى أن العلاقات التقليدية للهند مع جيرانها، إلى جانب مواردها المالية المتنامية، من شأنها أن تخدمها بشكل جيد في منافستها مع الصين «التي تواصل استعراض الكثير من قوتها الاقتصادية، لكنني أعتقد أن الصين لم تثبت حقاً قدرتها على أن تكون المستجيب الأول الذي تكون عليه الهند عندما يتعلق الأمر بمواقف الأزمات التي تواجه جيراننا. أعتقد أن هذا عامل حاسم».

من جهته، أكد عالم السياسة في جامعة شيكاغو ومؤسسة «كارنيغي» للسلام، بول ستانيلاند أن «الهند تتمتع بحضور اقتصادي وسياسي هائل يتعين على جميع الحكومات التعامل معه»، مضيفاً أن العلاقات الإقليمية للهند تتميز الآن بـ«موقف مدروس ومحترم من دلهي مقترناً بجهود ملموسة للتعاون ما يحدّ من ردود الفعل القومية في هذه الدول المجاورة».

في هذه الأثناء، كشف مسؤولان في قطاع الدفاع أن الهند أقرت خططاً لبناء غواصتين هجوميتين تعملان بالطاقة النووية من فئة جديدة في إطار مشروع من المتوقع أن تبلغ تكلفته نحو 5.4 مليارات دولار، فيما تسعى الهند لتحديث جيشها في مواجهة الوجود الصيني المتنامي في منطقة المحيط الهندي.

وأضاف المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم نشر أسمائهما، أن حكومة مودي أعطت الضوء الأخضر لأول غواصتين من فئة جديدة من أصل 6 غواصات تعتزم البحرية الهندية تصنيعها. وتعد الغواصات الهجومية من أقوى الأسلحة البحرية في العالم، لأنها أسرع وأكثر هدوءاً وقادرة على البقاء تحت الماء لفترة أطول من الغواصات التقليدية التي تعمل بالديزل، وهو ما يجعل اكتشافها أصعب.

ولا يصنعها حالياً إلا عدد قليل من الدول، مثل الصين، وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة.