رياح وأوتاد: تعقيبات... ومدينة أشباح في الكويت
وصلت إليّ بعض التعقيبات في منصة X على مقالي الأخير المعنون «عادت الشركات فهل ستُكرر مأساة الشوارع؟»، بعض هذه التعقيبات تلوم الشركات، لأنها يجب أن تجيد العمل حتى دون رقابة وزارة الأشغال، وتضيف «لا طبنا ولا غدا الشر»، وبعض التعقيبات لامت «الأشغال» لعدم أو ضعف الرقابة على المواد وأعمال الشركات، وتؤكّد وجود شبهة جريمة، بينما رأت أخرى أن السبب هو مبدأ رخص الأسعار الذي سارت عليه أنظمة المناقصات. وألقت تعقيبات أخرى اللوم على الحكومة بسبب سماحها ببيع المناقصات إلى مقاول من الباطن (subcontractor)، وأحد المعلقين قال: أين الشركات العالمية التي وعدتم الشعب بها؟
أعتقد أن تطبيق الخطوات التي شرحتها في مقالي بحذافيرها كفيل بعدم وقوع المأساة مرة أخرى، إن شاء الله، فأرجو أن تأخذها «الأشغال» بعين الاعتبار.
مدينة أشباح في الكويت
مساء يوم الاثنين الماضي، وأثناء عودتي من دعوة بأحد شاليهات الدوحة على جسر جابر، أخطأتُ الطريق إلى مدينة الكويت، فوجدت نفسي في ما كان يسمى «المنطقة الحرة»، فإذا هي عبارة عن شوارع مظلمة ومهترئة ومبانٍ مهجورة كئيبة خالية من السكان وخالية من الحركة إلا القليل منها، وكأنها بالفعل مدينة أشباح، فرجعت بي الذاكرة إلى حكومة فبراير 2006، وذلك عندما ضغط بعض أعضاء المجلس على هذه الحكومة لفسخ عقود ثلاثة مشاريع هي «المنطقة الحرة» و«شوبيز» و«الوسيلة» للمصلحة العامة، ولكن اللجنة المالية التي كنت أترأسها رفضت هذا الإلغاء، لأنه سيؤدي إلى تعويضات هائلة يدفعها المال العام، وأكدنا أن الفسخ ممكن إذا كانت هناك مخالفات قامت بها هذه الجهات، وبالفعل وبعد فترة تم الفسخ، ثم تابعت قضية المنطقة الحرة عندما كنت وزيراً للتجارة، وأيدت محكمة التمييز الفسخ بسبب المخالفات، ولكن للأسف، آل وضع المنطقة الحرة إلى الحالة التي هي عليها الآن منذ 15 عاماً، وهو غير مفهوم فقد كان بإمكان الحكومة أن تعهد بإدارتها إلى شركة من شركاتها التي تتبع هيئة الاستثمار أو «التأمينات الاجتماعية»، فيعود لها النشاط وتعود لتحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها أو غيرها.
إن ترك المنطقة الحرة على هذه الحالة غير مفهوم بالمرة، لأن الحكومة تبحث عن إيرادات غير نفطية، وتفكر الآن في رفع سعر البنزين، وفي إقرار ضريبة الشركات وضريبة المشتريات، فلِمَ لا تستغل هذه المنطقة الجاهزة التي يمكن أن تكون مصدراً لإيرادات ضخمة بموقعها المميز على البحر وبكثير من مبانيها ومساحاتها الشاسعة إضافة إلى توفير فرص وظيفية؟ وإذا كانت الحكومة تعلم شيئاً لا نعلمه فعليها أن تفصح عن السبب، أو تعلن خطتها لتعيدها حرة وحيوية لا مدينة أشباح.