في عدة مقالات على مدى عقدين من الزمن ذكرنا قصة «مركز الكويت للقرآن الكريم وعلومه»، والذي بدأت فكرته إثر صدفة اكتشفنا فيها مساوئ وزارة الأوقاف بالعناية بالقرآن، فأنكرت الوزارة بالبداية وبعد مواجهتها بالأدلة اعتذرت مشكورة، ثم تقدمنا بمقترح إنشاء «المركز»، تلاه إصدار دراسة جدوى طبعت بلبنان عرضناها على الأمير بوجود المشايخ الحجي ود. المذكور وأ. د. الطبطبائي، ثم ولي عهده ورئيس الوزراء والفتوى والتشريع، وبعد ثلاث سنوات صدر المرسوم رغم محاولة وكيل الأوقاف وقفه بدعوى مضحكة «عدم الدستورية». وبعد عام من العمل الدؤوب سال لعاب حزب السلف ومن خلال لوبي بالبرلمان صدر قانون الهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما، وكانت أهم مادة فيه أن يؤول مركز الكويت للقرآن إلى الهيئة، ويتحقق حلمهم بالاستيلاء على مركز القرآن، ثم لتعجز الهيئة على مدى عقد ونصف عن إنشاء مطبعة وطباعة مصحف، ومنعاً للإطالة بتفاصيل فساد المشروع يمكن الرجوع إلى المقالات منذ 2004 حتى آخرها بأغسطس ويونيو الماضيين، مطالبين بإلغائها.
***
وإلى أن يتم الإلغاء لابد أن نوجه معالي وزير الأوقاف كرئيس للهيئة إلى أمور غاية بالأهمية، فالمادة (10) من قانون إنشاء الهيئة تنص على أنه «يحظر على أي جهة رسمية أو أهلية طبع أي إصدار من المصحف الشريف داخل أو خارج الكويت إلا بتصريح من الهيئة...»، كما نصت المادة (4) من اللائحة التنفيذية على أنه «يحظر طباعة أو تسجيل أو استيراد أو تداول أو نشر أي إصدار من المصحف إلا بعد الحصول على تصريح من الهيئة...»، وتنص أيضاً المادة (1) من قرار مجلس الإدارة 2/2022 بشأن ضوابط طباعة المصحف وإدخاله للكويت على أنه «يحظر طباعة أو إدخال أي إصدار من المصحف الشريف إلا بعد الحصول على تصريح من الهيئة...»، إلا أن ما هو موجود على أرض الواقع يدل على فشل الهيئة في تطبيق القانون، مما يؤكد مطالبنا بضرورة إلغائها.
فالهيئة تلزم الجميع بالحصول على الموافقة، والمساجد مليئة بمصاحف غير مراجعة وغير ممهورة بختم الهيئة أو بختم الجهة التي أصدرتها أو وزعتها، كأكبر دليل على سوء الرقابة. ناهيك عن أن الهيئة تتملص من المسؤولية بالمادة السادسة بالقرار 22/ 2022، حيث حصرت مسؤوليتها بالعينات التي تقدم إليها لتقوم بمراجعتها وختمها، ثم تلقي بالمسؤولية على من رخصت له بالنشر والاستيراد والطباعة بمطابقة بقية النسخ دون إلزامه صراحة بتأكيد مراجعة الطباعة وختم النسخ الأخرى، ولذلك الكثير من المصاحف الموجودة بالمساجد غير ممهورة بختم بالمراجعة والله أعلم بصحتها!
وحتى تضحك قليلاً ما عليك إلا فتح موقع هيئة القرآن لترى كم الإهمال لمن أنيطت به مسؤولية إدارتها، بعد أن كان مجرد موظف ثم مدير مكتب دعم فني ثم سكرتير الوزير أو ما يسمى «مدير مكتب الوزير»، ولا نعرف كيف تدرج ليصبح فجأة مدير عام الهيئة، ومن المضحك أن الأخ ولا هامه الموضوع برمته فآخر كلمة وضعها بالموقع يعود تاريخها إلى 1 يوليو 2021!! لنقول له صح النوم؟! والمضحك أكثر أن الأخ يتحدث عن نفسه ويقول إن الهيئة مرت بعقبات أخرت انطلاقها، ولكنه يقول «منذ تعييني... قمنا بترتيب أعمال الهيئة...»!!
إن كل ما ذكرناه آنفاً ليؤكد لزوم إلغاء الهيئة ودمجها بالوزارة، كما طالبنا منذ سنوات حتى صدرت دراسة وزارة المالية لتؤكد ضرورة ذلك، وهو ما يوجب الإسراع به، وعدم التباطؤ الذي نحذر منه الوزير.
****
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.