مع بدء العد التنازلي للضربة المرتقبة، التي تأتي رداً على القصف البالستي الإيراني الذي استهدف الدولة العبرية مطلع أكتوبر الجاري، أفادت أوساط أميركية بأن إدارة الرئيس جو بايدن متشككة في إمكانية ضبط عدوانية الانتقام الإسرائيلي، لتفادي إشعال حرب كبرى رغم أن تل أبيب حددت الأهداف المحتملة لقصفها، بما يشمل الأصول النفطية، ويستبعد المنشآت النووية.

ووفقاً لما أوردته شبكة «NBC News» الأميركية، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أن إسرائيل ستستهدف المنشآت النووية، أو تنفذ عمليات اغتيال، لكن المسؤولين الأميركيين أكدوا أن الإسرائيليين لم يتخذوا قراراً نهائياً بشأن كيفية، أو حتى موعد الهجوم، إلا أن الجانب الإسرائيلي مستعد للتنفيذ، حال صدور الأوامر.

Ad

ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول أميركي تعليقاً على مناقشات مجلس الوزراء الإسرائيلي، قوله إنه «لا يمكننا معرفة إن كانوا صوّتوا أم لا، وهناك تشكك في مستوى الشفافية بشأن ما تشاركه إسرائيل معنا».

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أن إسرائيل شاركت المزيد من المعلومات مع الولايات المتحدة بشأن الرد، لكنهم حجبوا العديد من التفاصيل، بما في ذلك أي جدول زمني، بشأن بدء الهجوم المرتقب، بسبب مخاوف أمنية.

وأكدوا أنه «لا نضع كثيراً من الثقة في مكائد الحكومة الإسرائيلية، وواشنطن تواصل حثّ طهران على ضبط ردها إذا هاجمتها إسرائيل»، مشيرين إلى أن «قطر تتحدث بانتظام مع الإيرانيين ولا نعرف ماذا ستفعل طهران».

وأوضح المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون، أن الدولة العبرية حددت أهدافاً تشمل البنية التحتية العسكرية والطاقة الإيرانية.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين، تأكيدهم أن «واشنطن ستساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكننا لا نريد حرباً مباشرة مع إيران».

ووفقا للمسؤولين، تستعد الولايات المتحدة للدفاع عن أصولها في المنطقة من أي هجوم مضاد فوري من إيران، لكن من غير المرجح أن تقدم دعماً عسكرياً مباشراً للعملية الإسرائيلية.

احتواء أميركي

وإضافة إلى التأهب والتعزيزات العسكرية الأميركية بالمنطقة، شددت واشنطن العقوبات النفطية على إيران في إطار سعيها لاحتواء الهجوم الإسرائيلي.

وأمس الأول، أعلنت الولايات المتحدة فرض سلسلة عقوبات تستهدف قطاعي النفط والبتروكيماويات الإيرانيين، رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي تم بنحو 200 صاروخ.

وأورد بيان لوزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات تستهدف قطاع البتروكيماويات برمته، إضافة إلى 20 ناقلة وشركات مقارها في الخارج، متهمة كلها بالضلوع في نقل النفط ومعدات بتروكيماوية إيرانية.

وأضافت الوزارة أن «هذا الإجراء يزيد من حجم الضغوط المالية على إيران، مما يحدّ من قدرة النظام على استخدام العوائد التي يجنيها من مصادر الطاقة الحيوية في تقويض الاستقرار بالمنطقة واستهداف شركاء الولايات المتحدة وحلفائها».

قلق ورسالة

في المقابل، أفادت مصادر مطلعة بأن الحكومة الإيرانية متوترة جداً، وكانت منخرطة في جهود دبلوماسية عاجلة مع دول في الشرق الأوسط، لقياس ما إذا كانت قادرة على تقليص نطاق هجوم إسرائيل.

وقالت المصادر، إن قلق إيران ينبع من حالة عدم اليقين بشأن ما إذا كانت واشنطن قادرة على إقناع حليفتها بعدم ضرب المواقع النووية والمنشآت النفطية.

كما أكد مسؤول إيراني لـ«نيويورك تايمز» أن بلاده نقلت لـ«دول إقليمية ووسطاء مع واشنطن أننا سنرد بالمثل إن ضربت إسرائيل منشآت نفطنا».

وتشعر الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية والخليجية بالقلق من أن هجوماً إسرائيلياً كبيراً على إيران قد يؤدي إلى إشعال حرب إقليمية من شأنها أن تجبر واشنطن على التدخل بشكل مباشر، ورفع أسعار الطاقة وإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي.

وذكرت شبكة «سي إن إن» أن حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، أعربوا عن قلقهم للبيت الأبيض بشأن الهجوم المحتمل على منشآت النفط الإيرانية، ما قد يخلق آثاراً اقتصادية وبيئية سلبية على المنطقة كلها.

وفي وقت تحاول إيران كسب الوقت الضيّق أمامها قبل أن تشن تل أبيب ما تقول إنه «هجوم قاسٍ ضد أهداف وازنة»، كشفت مصادر دبلوماسية، أمس الأول، أن إيران أوصلت أخيراً رسالة، عبر قنوات من دول أوروبية، بشأن طبيعة ردها على هجوم قد تتعرض له من إسرائيل.

وبينت مصادر دبلوماسية أن رسالة الجمهورية الإسلامية جاءت أساساً إلى إسرائيل بشكل غير مباشر، وتفيد بأنها «ستتغاضى عن ضربة محدودة، ولن تردَّ عليها كما تهدد». وأوضحت المصادر أن الخطر يكمن في الشق الثاني من الرسالة، إذ إن «إيران لن يكون لديها أي خيار سوى الرد بكسر الخطوط الحمراء، لو تعرضت لضربة مؤثرة تستهدف عصب النفط، أو منشآت الطاقة النووية في البلاد».

وخلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في عشق آباد عاصمة تركمانستان، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إنه دعا موسكو إلى اتخاذ موقف أكثر نشاطاً بشأن تصرفات إسرائيل التي أودت بحياة أعداد كبيرة من المدنيين في لبنان وغزة.

وبينما اتهم الرئيس الإيراني الدول الأوروبية والولايات المتحدة بأنها ليست مهتمة بتهدئة الوضع في الشرق الأوسط والذي تصاعد بشكل كبير لأن إسرائيل لا تعترف بـ«أي معايير قانونية أو إنسانية دولية»، في حين وجّه سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة أمير إيرواني رسالة إلى مجلس الأمن الدولي استنكر فيها «الهجوم الإرهابي الإسرائيلي على مستودع الهلال الأحمر الإيراني في سورية»، واصفاً إياه بجريمة حرب لا يمكن إنكارها.

هجوم أردوغان

في السياق، رأى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن على روسيا وسورية وإيران أن تتخذ إجراءات أكثر فاعلية لحماية سلامة أراضي سورية، وذلك رداً على سؤال عن الضربة التي نفذتها إسرائيل في الآونة الأخيرة على مجمع سكني مدني بدمشق.

وحذر الرئيس التركي من أن إسرائيل تخلق وضعاً يشكل تهديداً ملموساً للسلام الإقليمي والعالمي.

وهاجم «الإبادة الجماعية» التي ترتكبها إسرائيل في غزة والتي تحدث على مرأى الجميع، معتبراً أنها «أخذت مكانها في صفحات العار بتاريخ الإنسانية».

وتابع: «لا يمكننا تجاهل العدوان الإسرائيلي، ونراقب الوضع عبر استخباراتنا فيما يخص الخطوات التي اتخذتها وقد تتخذها إسرائيل تجاه تركيا».