خاض مقاتلو «حزب الله» والجيش الإسرائيلي معارك عنيفة، أمس، على أكثر من محور في جنوب لبنان، واقترب القتال من القرى، وذلك بعد ساعات من إعلان القوات الإسرائيلية توسيع «مناوراتها البرية في جنوب لبنان مرة أخرى».

وشهد محور رامية - القوزح، في المنطقة الواصلة بين المحورين الأوسط والغربي أعنف المعارك التي تكبد فيها الإسرائيليون قتلى وجرحى، فيما أصيب عدد غير معلوم من مقاتلي «حزب الله».

Ad

وأعلن الحزب اشتباكات بين مقاتليه وقوات إسرائيلية تسللت، فجر أمس، في نقطتين بمحيط بلدة رامية بجنوب لبنان.

وجاء في البيان، أن مقاتلي الحزب «قاموا بتفجير عبوة ناسفة بقوة من جنود العدو الإسرائيلي، واشتبكوا معها لدى محاولتها التسلل» من موقعين إلى بلدة رامية.

وفي وقت لاحق، قال الحزب إن مقاتليه يخوضون «اشتباكات مستمرة» مع قوة مشاة إسرائيلية عند تخوم بلدة القوزح. وفي حال وصل الجيش الإسرائيلي إلى بلدة القوزح، التي تبعد نحو 3 كيلومترات عن الحدود، سيكون هذا واحداً من اعمق التوغلات له في الأراضي اللبنانية.

ونشر شريط مصور لقيام الجيش الإسرائيلي بتدمير مسجد قديم وسط بلدة كفر تبنيت المجاورة بغارة جوية عنيفة، كما اظهرت اشرطة مصورة غارات تسببت في انفجارات هائلة في بلدة عيتا الشعب.

من جهته، أعلن الصليب الأحمر اللبناني إصابة مسعفين تابعين له في غارة إسرائيلية على منزل في صربين المجاورة للقوزح، كان قد أرسلهم «بعد إجراء الاتصالات اللازمة» مع قوات اليونيفيل.

على محور آخر، قال حزب الله إنه استهدف قوات اسرائيلية بمحيط قرية بليدا في القطاع الأوسط واشتبك معها في عدة نقاط وجها لوجه، كما أطلق عدداً من الصواريخ صباحا باتجاه مدن عكا وحيفا ونهاريا.

وكان الجيش الإسرائيلي دخل في الايام الماضية الى بلدتي يارون ومارون الراس في القطاع الاوسط المحاذيتين للشريط الحدودي.

وحسب الخبرء العسكريين، لايزال الجيش الاسرائيلي يتجنب اجراء عمليات كبيرة داخل الأراضي اللبنانية، ويسعى الى اخراج مقاتلي حزب الله من مخابئهم عبر توغلات محدودة يقوم خلالها بتطهير بعض المناطق المحاذية للحدود، والتي يشتبه خصوصا في انها تحتوي على انفاق تعبر الحدود متجنباً القرى.

ومساء السبت، استهدفت غارة إسرائيلية السوق التاريخي في النبطية، المدينة الكبيرة في جنوب لبنان والواقعة على بعد نحو 12 كلم من الحدود مع إسرائيل، وفقاً للوكالة الوطنية للإعلام.

في المقابل، أوضح الجيش الإسرائيلي أن قوات اللواء 8 التي تعمل تحت قيادة الفرقة 91 العمل في جنوب لبنان، خاضت اشتباكات وجهًا لوجه مع مقاتلي الحزب، وتقضي على عناصره وتدمر بنى تحتية على طول الحدود. وأعلن الجيش الإسرائيلي أسر مقاتل من حزب الله في نفق جنوبا، وانه نقله الى داخل اسرائيل للتحقيق ناشرا شريطا مصورا عن الواقعة، في أول إعلان من نوعه منذ بدء عمليات برية في 30 سبتمبر. نفى الحزب صحة البيان الإسرائيلي في وقت شككت وسائل اعلام لبنانية بالفيديو المنشور. وأصيب 17 جدنيا إسرائيليا بجروح خطيرة ومتوسطة جراء القتال الدائر في جنوب لبنان حسب مصادر طبية اسرائيلية، وقالت قناة «العربية» إن 5 جنود على الاقل قتلوا في حادثين منفصلين.

وأصدر الجيش الإسرائيلي، أمس، إنذارات إخلاء لـ 21 قرية اضافية جنوب نهر الليطاني ليضنموا إلى اكثر من 150 قرية اخرى فر معظم سكانها.

وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، سكان جنوب لبنان من العودة الى القرى التي تلقت إنذارات أو التوجه الى حقول الزيتون مع بدء موسم القطاف، مشددا على أن المنطقة لاتزال تشهد معارك وغارات.

اليونيفيل

إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إبعاد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان عن «الخطر على الفور»، معتبراً أن رفض ذلك يعني إبقاء هذه القوات «رهائن بيد حزب الله، ويعرض حياتهم وحياة جنودنا للخطر»، وذلك بعدما أصيب 5 على الأقل من عناصر اليونيفيل في الأيام الأخيرة، معظمهم باعتداءات اسرائيلية مقصودة حسب تصريح اليونيفيل.

وأعلنت اليونيفيل أن جنوداً إسرائيليين منعوا قوات لها من المرور في بلدة جنوبية واقتحموا أحد مواقعها.

وكشفت «اليونيفيل» أن إسرائيل طلبت منها عند بدء العملية البرية الانسحاب الى عمق 5 كيلومترات، وانها رفضت ذلك بعد مشاورات مع الأمم المتحدة والدول المشاركة في القوة.

وأدان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أمس، مطالبة نتنياهو بسحب اليونيفيل. وقال ميقاتي، في بيان، إن تحذير نتنياهو «يمثل فصلا جديدا من نهج العدو بعدم الامتثال للشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة»، مؤكدا أن لبنان «يدين موقف نتنياهو والعدوان الإسرائيلي على اليونيفيل».

وأكدت رئيسة وزراء إيطاليا ميلوني، التي تعد بلادها المساهم الأكبر في قوات اليونيفيل، في اتصال هاتفي مع نتنياهو، أن الهجمات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة في لبنان، غير مقبولة.

وأعرب وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عن قلقه العميق إزاء التقارير بشأن استهداف الجيش الإسرائيلي مواقع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، أمس الأول.

وشدد أوستن على أهمية ضمان سلامة وأمن قوات اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية، والحاجة إلى التحول من العمليات العسكرية في لبنان إلى المسار الدبلوماسي في أقرب وقت ممكن.

وأثار استهداف قوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) في لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي، موجة من التنديد الدولية، فيما دعا زعماء أوروبيون لوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل للضغط على إسرائيل على خفض تصعيد التوتر في الشرق الأوسط. وأعربت 40 دولة على الأقل والدول المشاركة في القوات الأممية عن دعمها «الكامل» لقوة اليونيفيل، حاضة على حماية عناصرها. وطالب البابا فرنسيس أمس بـ»احترام» قوة الأمم المتحدة المؤقتة.

إغاثياً، وصلت أمس إلى مطار بيروت الدولي أولى طائرات الجسر الجوي السعودي التي رافقها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، وعلى متنها مساعدات ومستلزمات إغاثية وطبية من السعودية الى لبنان.

وشدد بخاري، بعد زيارته رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاني في دارته، على أنه «من الضروري الوصول إلى وقف إطلاق نار بأسرع وقت ممكن». ولفت إلى أن «تحرك السعودية عبر المساعدات سيترجم بالتأكيد إلى جهود دبلوماسية لوقف النار والتهدئة».

وكشف سفير لبنان لدى سلطنة عُمان ألبير سماحة، أنه «بتوجيهات من سلطان عمان، هيثم بن طارق، ترسل الهيئة العُمانيّة للأعمال الخيريّة صباح الاثنين طائرةً محمّلةً بـ40 طنًّا من الأدوية والمساعدات الإنسانيّة، هبة مقدّمة من حكومة سلطنة عُمان إلى الحكومة والشعب اللبناني، في ظلّ العدوان الإسرائيلي على لبنان».

وأعلن السفير القطريّ لدى لبنان أن بلاده «أوصلت حتى الآن أكثر من 50 طنًا من المساعدات الطبية الإغاثية» لبيروت، مؤكدا أن «قطر داعم للبنان دائما».

وأمس الأول، انطلقت حملة «الإمارات معك يا لبنان» المجتمعية، وتم تجهيز 200 طن من المواد الإغاثية، بمشاركة أكثر من 4000 متطوع أعدوا 10000 حزمة إغاثية. وكانت الإمارات ارسلت 9 طائرات من المساعدات الى لبنان منذ بدء التصعيد.

ومع إطلاق حزب الله في الأيام الماضية كميات كبيرة من الصواريخ تصل إلى نحو 300 صاروخ يوميا باتجاه إسرائيل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنه «لم يبق في أيدي حزب الله سوى ثلث الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى». وكانت إسرائيل أعلنت أن غاراتها على العديد من المناطق اللبنانية دمرت مخازن صواريخ حزب الله.