غداة تأكيد مصادر أميركية اعتقادها بأن إسرائيل قلّصت نطاق أهداف ردها المحتمل على هجوم إيران البالستي الذي استهدفها مطلع أكتوبر الجاري ليقتصر على أهداف عسكرية وبنية تحتية للطاقة، حذر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر مشترك مع نظيره الإيراني عباس عراقجي من خطر اتساع رقعة الحرب وولادة حروب أخرى بما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، لافتاً إلى أن «الحرب المقبلة إذا ما وقعت ستؤدي إلى فوضى إقليمية مسلحة كما أنها ستهدد أمن الطاقة والتجارة العالمية عبر ممر هرمز مما يؤدي إلى خلق أزمة دولية كبيرة».
وقال حسين، إن «تهديد الكيان الصهيوني لإيران سيخلق أجواء توتر في المنطقة، ونحن نحذر من اتساع رقعة الحرب ونعمل على إبعاد شبحها»، مشيراً إلى أن «بغداد ترفض رفضاً قاطعاً استغلال الأجواء العراقية كممر لشن العدوان على إيران».
ومن دون أن يتحدث عن الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران والتي تعلن بشكل شبه دوري عن شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية، شدد حسين على أن قرار خوض بغداد «الحرب أو السلم خاضع للدولة العراقية بسلطاتها الثلاث» وليس بيد الحكومة العراقية وحدها، مشدداً على ضرورة «إبقاء العراق وأجوائه بعيداً عنها إذا وقعت».
ودعا الوزير العراقي جميع الدول للعمل من أجل «وقف الحرب في غزة ولبنان».
استعداد ودبلوماسية
من جهته، شدد وزير الخارجية الإيراني على أن بلده مستعد لأي سيناريوهات «ولا أحد يريد الحرب في منطقتنا غير الكيان الصهيوني».
وقال عراقجي، إن المنطقة تواجه تحديات خطيرة، مضيفاً أن «هناك احتمالية لحدوث تصعيد بالمنطقة».
وأكد أن طهران «لا تبحث عن الحرب أو التصعيد وتسعى إلى تحقيق السلام الإقليمي».
وتابع: «نتشاور مع الأصدقاء لوقف العدوان على لبنان وغزة».
وعبر عراقجي عن شكره للحكومة العراقية بسبب عدم السماح باستغلال الأجواء العراقية لاستهداف إيران.
ومن المقرر أن يتوجه الوزير الإيراني إلى العاصمة العمانية مسقط عقب انتهاء زيارته إلى بغداد التي سيلتقي بها ممثليين عن أحزاب وفصائل سياسية، ضمن جولة إقليمية، استهلها من السعودية وقطر الخميس الماضي، تهدف لإيجاد نافذة دبلوماسية لمنع تورط طهران في معركة كبرى مع إسرائيل قد تجرها لمواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
وبينما أفادت مصادر بأن عراقجي سيزور مصر قريباً، اعتبر الوزير الإيراني عبر منصة «إكس» أن «أميركا الآن تخاطر بحياة جنودها عبر إرسالهم لمساعدة الكيان الصهيوني في تشغيل المنظومات الصاروخية الأميركية بالأراضي الفلسطينية المحتلة».
وتابع: «في حين ان إيران بذلت جهوداً هائلة في الأيام الأخيرة لاحتواء حرب شاملة في المنطقة، إلا أننا نقول وبكل وضوح إنه ليس لدينا خطوط حمراء في الدفاع عن شعبها ومصالحها الوطنية».
في موازاة ذلك، استنكر المتحدث باسم الخارجية الايرانية إسماعيل بقائي بشدة العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على قطاع الطاقة الإيراني، بهدف اقناع إسرائيل بتجنب استهداف الأصول النفطية للجمهورية الإسلامية التي لوحت بإشعال حرب طاقة عالمية عبر استهداف الجماعات المتحالفة معها للمنشآت النفطية في الخليج.وبينما اتهم بقائي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأنها «شريكة ومتواطئة» مع إسرائيل في أخطر الجرائم الدولية، صرح رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، من جنيف باستعداد بلاده لإقامة «تفاهم أمني مشترك» مع الدول الإسلامية لمواجهة وانهاء ما وصفه بـ«الخطر التاريخي» الذي تمثله الدولة العبرية.
ووسط تأهب وترقب للانتقام الإسرائيلي، توعد القائد العام لقوى الأمن الداخلي العميد أحمد رادان بشن ضربة صاروخية ثالثة ضد تل أبيب بحال مواصلتها لسلوك العنجهية.
تبرير وتشييع
وفيما اعتبر ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي حسين شربعتمداري في تصريحات عدم رد «الحرس الثوري» على الشائعات بشأن مصير قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني بأنه «نجاح باهر ويترك العدو في ارتباك وحيرة»، تنظم اليوم مراسم تشييع في إيران ومدينة النجف العراقية لنائب «الحرس الثوري» عباس نيلفورشان الذي قضى بصحبة الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله في غارة إسرائيلية في بيروت.
على الجهة المقابلة، تحدثت أوساط عبرية عن أن هناك اعتبارات عملياتية قد تتسبب في تأخير الرد «الكبير والقوي» على الهجوم الإيراني الذي تم بنحو 200 صاروخ بالستي ومر عليه 14 يوماً.
وأوضح مسؤولون بالدولة العبرية أن «إسرائيل لا تماطل، وتتصرف وفق خطة منظمة واستراتيجية واضحة»، لكنهم أشاروا إلى أنه بالإضافة إلى الاعتبارات فإن هناك رغبة في التنسيق مع الأميركيين بغرض التخطيط للدفاع عقب شن الانتقام الذي سيجلب ردا إيرانياً بحاجة إلى تحالف بقيادة واشنطن لصده.
واليوم ، أفيد بأن واشنطن لم تتخذ قرارا بشأن تفكيرها في نشر أنظمة دفاع جوي متقدمة ضد الصواريخ البالستية، من طراز «ثاد» في تل أبيب، حيث يتطلب الأمر نشر قوات أميركية لتشغيلها.
وبشكل عام، يتألف كل نظام من ست منصات إطلاق محمولة على شاحنات، و48 صاروخاً اعتراضياً، ومعدات راديو ورادار، ويتطلب تشغيله 95 جندياً.
وتزامن ذلك، مع كشف إسرائيل أن الهجوم الصاروخي، الذي يعد الثاني لإيران بعد هجومها الأول الذي تم في ليلة 14 أبريل، تسبب في أضرار مادية قدرت بما يعادل نحو 53 مليون دولار، ووصفتها بأنها أكبر خسائر مادية يسببها هجوم واحد على الدولة العبرية منذ شنها الحرب على غزة.