«الشؤون» تخنق «المجتمع المدني»

كبّلت الجمعيات باشتراط حصولها على موافقة مسبقة قبل أي اتفاق أو مخاطبة أو بروتوكول
• فرض الوزارة وصايتها أحرج الجمعيات أمام نظيراتها في الدول الأخرى المرتبطة معها بعشرات الاتفاقيات
• التمسّك بالقرار يهدد حرية «النفع العام» وينعكس وبالاً على مؤشرات الديموقراطية وسمعة الكويت
• «الشؤون» تفتقد الكفاءات القادرة على بتّ طلبات الجمعيات المتعلقة بأنشطتها الداخلية والخارجية

نشر في 15-10-2024
آخر تحديث 14-10-2024 | 20:52
وزيرة الشؤون خلال اللقاء الثالث مع ممثلي جمعيات النفع العام
وزيرة الشؤون خلال اللقاء الثالث مع ممثلي جمعيات النفع العام

باستماتة غريبة، لا تزال وزارة الشؤون تصر على ذبح جمعيات النفع العام والمجتمع المدني وتقليم أظافرها عبر سلب صلاحياتها وتقليص مساحة عملها وأنشطتها، عبر تمسكها بتعميمها المكبِّل الذي يلزم تلك الجمعيات بالحصول على موافقة مسبقة من الوزارة قبل توقيع أي اتفاقات أو بروتوكولات تعاون، أو إرسال أي مخاطبة رسمية إلى جهة خارجية، أو حتى داخلية، ضاربة عرض الحائط بعشرات الاتفاقيات المبرمة بين الجمعيات الكويتية ونظيراتها في شتى دول العالم، ودون احتساب أي وزن لما سيترتب على خطوتها من إحراج للجمعيات الوطنية خاصة، ولسمعة الكويت بصفة عامة أمام مؤسسات المجتمع المدني بتلك الدول.

مراقبون: محاولات متجددة لكسر خط الدفاع الأول عن الحقوق والحريات العامة في البلاد

وعلى وقع هذا الإصرار، ثارت في وجه وزيرة الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة د. أمثال الحويلة، خلال لقائها ممثلي تلك الجمعيات أمس، اعتراضات واسعة وامتعاضات شديدة أبداها معظمهم، لما ينطوي عليه تعميم الوزارة من انعكاسات سلبية خطيرة تهدد تحقيق أهداف إشهار هذه الجمعيات، وتعطّل أعمالها بما ينذر بإلغاء معظم فعالياتها بسبب تأخر صدور تلك الموافقات.

ويرى مراقبون أن ثمّة محاولات حكومية جادة تهدف إلى تكبيل المجتمع المدني والتغوّل على صلاحياته بتحويل منظّماته من جهات ذات شخصيات اعتبارية مُستقلة، إلى تابعة أو مُلحقة تكون للحكومة الذراع الطولى في تحديد مسارها ورسم سياساتها، بغية «تدجينها» وفرض الوصاية على مجالس إداراتها وسحب صلاحياتها والعمل على التحكم فيها، معتبرين أن «الشؤون» لا تفهم طبيعة عمل هذه المؤسسات، وليس لديها الكوادر والكفاءات القادرة على البت في طلبات الجمعيات المتعلقة بأنشطتها الداخلية والخارجية، وهو ما يجعلها تزيد مغالاتها الرقابية على تلك الأنشطة، مما يحوّل المجتمع المدني إلى حكومي.

جملة اعتراضات واجهتها الحويلة خلال لقائها ممثلي الجمعيات بشأن تعميم «الموافقات المسبقة»

ويؤكد المراقبون أن هذه المحاولات الحكومية المتجددة تهدف إلى كسر خط الدفاع الأول عن الحقوق والحريات العامة في البلاد، عبر تقييد أعمال منظمات صاحبة باع طويل وتاريخ ناصع مشهود له في مجالات العمل الاجتماعي والإنساني والسياسي أيضاً، والتي كانت ولا تزال عائقاً في مواجهة أي تحرك من شأنه النيل من مساحة الحرية والديموقراطية أو الحقوق التي كفلها الدستور.

وشددوا على أن التمسّك بمثل هذه التعاميم غير الحصيفة أو المدروسة سلفاً يمثل تهديداً ليس لحرية منظمات المجتمع المدني فحسب، بل ينعكس وبالاً على مؤشرات الديموقراطية عموماً وصورة البلاد إقليمياً ودولياً خصوصاً.

وبالعودة إلى لقاء الوزيرة بممثلي نحو 54 جمعية أهلية في قاعة المرقاب بمجمع الوزارات، قالت الحويلة إن «الوزارة تدقق على عمليات توقيع الجمعيات لبروتوكولات التعاون والاتفاقات مع الجهات الخارجية، ويجب الحصول على موافقات مسبقة من الجهات المعنية قبل التوقيع تجنباً لوقوع الكويت في أي حرج، لاسيما أن بعض هذه الاتفاقات، التي توقّعها الجمعيات بحُسن نيّة، قد تكون لها انعكاسات سلبية على البلاد»، لافتة إلى أن أي مخاطبات من جانب الجمعيات إلى جهات خارجية يتم تحويلها إلى وزارة الخارجية للحصول على موافقتها بهذا الصدد.

وزيرة الشؤون: الحلّ مصير أي جمعية غير فاعلة لا تسعى إلى تحقيق أهدافها

وبينما أكدت الحويلة الحرص على التعاون الجاد مع «النفع العام» لتجاوز العقبات وتذليل الصعوبات التي من شأنها تعطيل أعمال الجمعيات، شددت على أن الحل هو مصير الجمعيات غير الفاعلة مجتمعياً، التي لم تسعَ إلى تحقيق أهدافها المشهرة، مقترحة إقامة ملتقى يجمع تحت مظلته أكثر من جمعية يُطرح خلاله محاور عدة ومتنوعة للنقاش للوقوف على الأفكار التي تعود بالنفع على الجميع.

back to top