أقامت الفنانة التشكيلية د. ريم البغلي، في «غاليري الأفنيوز»، معرضها الشخصي الأول، بعنوان «ثوب فاطمة». وشهد المعرض حضور جمهور كبير، منهم الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. محمد الجسار، والسفيرة الكندية لدى الكويت عاليا مواني، ومديرة «غاليري الأفنيوز» الفنانة سهيلة النجدي.
وتضمَّن المعرض في سياقاته وموضوعاته ومضامينه، قصة بصرية أو مشاهد إنسانية تروي لحظات حياتية لشخصية خيالية أطلقت عليها اسم «فاطمة»، تعيش مع أسرتها في الزمن القديم، وبالتالي جرى على تلك الشخصية الكثير من الإسقاطات الفنية والإنسانية والأسرية، لتكون في سياقها الجمالي رمزاً لأصالة الماضي وعراقته.
وبهذه المناسبة، قالت د. البغلي: «المعرض يمزج بين عراقة الماضي وجمال الفن»، مشيرة إلى أنها قدَّمت خلاله رؤية فنية مأخوذة من عبق التاريخ الكويتي لحياة «فاطمة»، حيث تروي حكايتها اللوحات، وتجسِّدها في أبهى صورة تمثلها المرأة الكويتية، تلك التي تتمتع بالجمال في إطلالتها، وقوة شخصيتها، وفطنتها، وذكائها، وأصالتها.
وأضافت البغلي: «نرى في المعرض فاطمة وهي تزهو بثوبها المطرز بخيوط الذهب وحُليها الفاخرة، والكثير من تفاصيل تراثنا الكويتي».
وتابعت: «المعرض يدعو إلى انغماس الحواس الخمس للمتلقي وهو يتابع لوحات المعرض، بدايةً من استنشاق عبق البخور، وصولاً إلى الاستمتاع بروائح الشاي والقهوة العربية مع متابعة أحاديث الأحبة الذين يحيطون بفاطمة، إضافة إلى ملمس الأقمشة الرقيقة، والتمتُّع بجمال النقوش التقليدية الغنية بالمشغولات الذهبية التي تتحلَّى بها فاطمة، وثوبها الذي ترتديه بكل ما يعبِّر عنه من أصالة ورُقي».
وذكرت أن عناوين اللوحات مستوحاة من الأغاني والقصائد الكويتية التقليدية، وأسماء المجوهرات القديمة، وتصاميم التطريز التاريخية، متابعة: «ندعوكم إلى خوض رحلة حسية، تتنقلون خلالها بين الجمال البصري والقصص التي ترويها كل لوحة، تكريماً لتراث وثقافة الكويت في الماضي القديم».
وفي السياق ذاته، تحدثت د. البغلي عن مسيرتها الفنية، موضحة أنها فنانة تشكيلية وباحثة في هندسة الكمبيوتر، حصلت على الدكتوراه في هندسة البرمجيات، وهي عضو هيئة تدريس في كلية الهندسة بجامعة الكويت.
وكشفت عن السبب الذي جعلها تتجه إلى الفن، قائلة: «بحُكم أن والدي حصل على الماجستير في الولايات المتحدة الأميركية، لذا فقد تعرَّفت على الثقافة الغربية في سن صغيرة، وكنتُ منبهرة بها كثيراً، ومع مرور الوقت، وقضائي سنوات خارج الكويت، منها أربع سنوات في ألمانيا، و4 أخرى في أميركا، فقد توطَّدت علاقتي بالفنون وعراقتها».
وبينت أن عائلتها ووالدها لديهم اهتمام كبير بالفن والتصوير، وأنها اهتمت بالرسم منذ الصغر، ومع النضج أصبح لديها حُب للقراءة واطلاع على التاريخ والمنطق، ومن خلال قراءتها المتنوعة استنتجت أمراً مهماً، مفاده أن هناك كثيرين يركزون في اهتماماتهم على الثقافة الغربية، رغم أن «تراثنا أجمل ما يكون»، موضحة أنها اتجهت في قراءتها إلى الاستشراق بجماله ومغالطاته، للكشف عن «جماليات ثقافتنا وفنوننا، والحاجة إلى تصحيح منظور الغرب للشرق الأوسط».
واستطردت البغلي: «رغم شغفي بالفن منذ صغري، فإنني لم أبدأ بممارسته بشكل احترافي إلا بعد إنهائي درجة الدكتوراه، ومن ثم بدأت الرسم عام 2020 بالألوان الزيتية، ثم تعلَّمت تقنيات الرسم الزيتي، كما طوَّرت مهاراتي الفنية من خلال إتمام دورة بأكاديمية فلورنس للفنون في إيطاليا».
وبجانب مسيرتها الأكاديمية، قالت إنها تمتلك شغفاً كبيراً بتغيير الصورة النمطية حول الاستشراق، وتسعى إلى تمثيل النساء في الشرق الأوسط بشكل راقٍ أصيل، من خلال أعمالها الفنية التي تحتفي بالتقاليد والثقافة وجمال التراث الكويتي، مع حرصها على إبراز هذه الجماليات وإحياء قيمتها في عالم اليوم.
وحول المدرسة الفنية التي تتبعها في أعمالها التشكيلية، أوضحت البغلي: «أحترم وأقدِّر المدرسة الواقعية، لكن من الممكن أن أخلط فيها عناصر حديثة، وقد حرصت منذ انطلاقتي مع الفنون التشكيلية على تعلُّم المدرسة الكلاسيكية أو الواقعية».
وذكرت أنها كأكاديمية في مجال علمي دائماً ما تذكِّر طلبتها بأهمية المجال الأدبي والفني، معلقة: «أرى أنه من الضروري ربط عالم الفن والشعر والرسم والكتابة والأدب مع العلوم العلمية، لأن الإنسانية تطوَّرت في وجود الاثنين، فالمجال العلمي يعطينا الأرقام والحقائق، أما الأدب فيحرِّك عواطف الأفراد والشعوب والأمم حين يرتبط بالحقائق. فربما أغنية، أو فيلم، أو لوحة، يكون لها تأثير كبير في حياة الناس، حيث إنها تبعث إليهم رسائل تفيدهم في مسيرة التطوير».