رفضت الأمم المتحدة مجدداً سحب قواتها من مواقعها على الخط الأزرق على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد مطالبة إسرائيل بإبعاد هذه القوة عن «مواقع القتال»، وحذر الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، الذي يتعرض لانتقادات إسرائيلية متواصلة، وجرى تصنيفه شخصية غير مرغوب فيها بإسرائيل، من أن أي هجمات على قوات حفظ السلام الدولية «قد تشكل جريمة حرب»، بعد أن اقتحمت دبابتان إسرائيليتان بوابات قاعدة لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان، في أحدث حلقة من مسلسل اعتداءات تعرضت لها القوة الأممية خلال الأيام السابقة، وأدت إلى إصابة 5 من عناصرها على الأقل.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في بيان، «لا تزال قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل في جميع المواقع ولا يزال علم الأمم المتحدة يرفرف».

Ad

وأدانت الكثير من دول العالم، بما فيها الكويت، الاعتداءات على اليونيفيل، وجاءت أقوى الانتقادات من قبل دول أوروبية تشارك في «اليونيفيل»، وخصوصاً إيطاليا التي تعد أكبر مساهم (800 جندي) في هذه القوات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا ترفض هذه القوات الانسحاب؟ ولماذا تريد إسرائيل انسحابها؟

ورداً على هذا السؤال، تقول نادين ساندرز، وهي صحافية معتمدة لدى الأمم المتحدة، إن «مطالبة إسرائيل بإبعاد قوات اليونيفيل تعني بالنسبة للأمم المتحدة التخلي عن القرار الأممي 1701، باعتباره الملجأ الوحيد لوقف إطلاق النار، وتباعد حزب الله والجيش الإسرائيلي، وإعادة نشر الجيش اللبناني إلى ما بعد الخط الأزرق».

وتضيف ساندرز أن انحساب تلك القوات يعني أن «تستمر إسرائيل في الاجتياح الكامل، وتجاوزها الخط الأزرق، والانهيار التام لهذا القرار، الذي لن يعود له مكان ليكون فاعلاً بشكل أكبر».

في المقابل، يقول الجيش الإسرائيلي، إن حزب الله يحتمي بقوات اليونيفيل، ويقيم مواقع عسكرية وأنفاقاً قرب مواقع القوات الأممية التي سعت منذ توسيع مهمتها في 2006 إلى تجنب الصدام مع الحزب، خصوصاً أن العلاقات بين الحزب واليونيفيل كانت متوترة على الدوام، ووصلت إلى حدود الصدام في بعض الأحيان، وسط اتهامات لهذه القوات بالعمل لمصلحة تل أبيب.

ونقلت قناة «الحرة» الأميركية عن المحلل الاستراتيجي رائد عامر قوله: «لو كانت اليونيفيل تحترم القرار الأممي رقم 1701، لمنعت تموضع وتمركز قوات حزب الله بعتاد ومستودعات ومخازن أسلحة، تفوق حتى ما تملكه كثير من دول العالم»، مضيفاً أن «إسرائيل تعتقد أن اليونيفيل كانت تغطي على ما فعله حزب الله من تخزين أسلحة وتخطيط لاجتياح الجليل، ماذا فعلت هذه القوات؟ هذه القوات لم تمنع حزب الله من التموضع على الحدود مع إسرائيل ومهمتها باءت بالفشل».

و«اليونيفيل» هي قوة تابعة للأمم المتحدة، تم إنشاؤها عام 1978 لمراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية، ودعم الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها. مهمتها الأساسية أيضاً تنفيذ القرار 1701 الصادر بعد حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله. والخط الأزرق هو خط فاصل رسمته الأمم المتحدة عام 2000، لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وهو ليس حدوداً رسمية بل يُستخدم لتحديد الوضع الحدودي بين لبنان وإسرائيل.

وصدر القرار 1701 عن مجلس الأمن، وكان يهدف إلى وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، ويدعو إلى وقف القتال، وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وسحب حزب الله قواته إلى شمال الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني مع قوات «اليونيفيل» لضمان الأمن والاستقرار. وتقول السلطات اللبنانية، إن التطبيق الكامل للقرار 1701 يصلح لوقف النار وإعادة الهدوء إلى المنطقة، لكن خبراء يعتقدون أن القرار بصيغته السابقة سقط أو في الحد الأدنى لم يعد كافياً، ويجب إضافة ملاحق إليه أو استصدار قرار أممي جديد.