الركراكي... فخر العرب
مثل الكثير من الأمور الاستثنائية التي شهدها مونديال 2022 بقطر، برز المدرب المغربي الشاب وليد الركراكي باستثناء، أن يحفر اسمه بأحرف من ذهب تاريخ اللعبة، ليكون مثالاً واضحاً لما تستطيع مواهب القارة الإفريقية تقديمه «إذا ما أتيحت لها الفرصة».
وفي سن الـ 47، نجح الركراكي المولود في ضواحي باريس، وتلقى تعليمه في المدرسة الفرنسية، وتربى كروياً في ذلك البلد، في أن ييحمل لواء قارة آبائه.
وفي أول كأس عالم تقام في الأراضي العربية، يظهر الركراكي كرئيس صوري لشعب، ولا يتردد في الدفاع عن قطر من الهجمات «الجاهلة» التي تتلقاها الإمارة، التي درب فيها لمدة موسم في 2020 مع الدحيل، من الغرب.
وفي النسخة الأولى التي يتولى فيها مدربون محليون مقاليد الأمور في منتخبات القارة السمراء الخمسة، كان المغربي هو الذي كسر كل القوالب وكل الحدود، حيث نجح ضد بلجيكا في تسجيل أول فوز لمنتخب مغاربي منذ عام 1998، وبعد التعادل ضد كرواتيا وفوزه على كندا أصبح أول من يصل إلى دور المجموعات منذ نسخة 1986 في المكسيك.
أما في دور الـ 16، ومع هذا القدر الكبير من المتطلبات، استطاع بأقدام رجاله أن يطيح بأحد أبطال العالم، منتخب إسبانيا، بركلات الترجيح، ليصبح المغرب أول بلد عربي ورابع إفريقي، يجد لنفسه مكانا بين الثمانية الكبار في العالم.
حالة النشوة
ورغم حالة النشوة التي دبت في أوصال جميع لاعبي «أسود الأطلس»، لم يكن لهذا الأمر أي تأثير في مباراة دور الثمانية أمام البرتغال، لتتواصل قصة النجاح «التاريخية» في نسخة المونديال الاستثنائية على الأراض القطرية.
وها هو الآن يدخل تحدياً من نوع خاص، وأمام بطل العالم وفرنسا، البلد الذي يرحب بمعظم المغاربة من جميع أنحاء العالم.
وكلاعب، خاض الركراكي العديد من التجارب مع الأندية الفرنسية، وكان ظهيراً جيداً قضى معظم حياته المهنية في أجاكسيو، لكنه حط الرحال بعد ذلك إلى الدوري الإسباني عبر بوابة راسينج سانتاندير.
وكان تواصله مع المدرب الفرنسي الشهير رودي جارسيا، وهو ابن آخر للمهاجرين، سبباً في تغير مسار حياته، ووضع كرة القدم بين خياراته للمستقبل.
وكان لديه الاستعداد، ولكن إصرار والده جعل تركيزه أولا على إكمال مشواره الدراسي، وانتهى به الأمر بشهادة في العلوم الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم أن وليد قضى معظم مشواره كلاعب مع أندية فرنسية بداية من ارسينج باريس، مروراً بتولوز وأجاكسيو، حتى انتهى به المطاف مع جرونوبل، فإنه اختار أن يلعب بقميص المنتخب المغربي الذي خاض معه 45 مباراة دولية.
وبعد الاعتزال مباشرة، عمل الركراكي كمساعد في جهاز رشيد الطاوسي في 2012، ولكن هذه التجربة لم تدم سوى عام واحد فقط.
ومع عودته للمغرب من جديد، كانت التجربة الأبرز للمدرب الشاب مع الوداد، حيث توج معه بلقبي الدوري المغربي، ودوري أبطال إفريقيا هذا العام، ليكون الطريق ممهداً له لكي يخطو الخطوة الأبرز والأهم في مسيرته التدريبية حتى الآن، بتولي القيادة الفنية لـ «أسود الأطلس» بعد رحيل البوسني وحيد خليلوزيتش.
صرامة دفاعية
وبذكاء كبير، حافظ الركراكي على الصرامة الدفاعية التي فرضها سلفه، بينما من ناحية أخرى كان حريصاً على إعادة «الطيور المهاجرة» التي ابتعدت عن المشهد خلال حقبة خليلوزيتش، أبرزها النجم الواعد حكيم زياش.
ولكنه لن يكون بمفرده في هذه المواجهة، بل سيكون في ظهره القارة الإفريقية كلها، والعالم العربي بأسره، من أجل إثبات نظريته بأنه لا يوجد حلم مستحيل إذا كان شعارك في مواجهته الشجاعة والفخر.