دراسة قانونية بشأن لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 الصادرة من الهيئة العامة للرياضة (3 - 4)
الاحتراف الرياضي... بين قيود القانون وحوافز الاستثمار
تنشر «الجريدة»، عبر 4 حلقات، قراءة تحليلية للدكتور بدر العتيبي في قانون رقم 25/ 2022 بشأن لائحة الاحتراف من الهيئة العامة للرياضة، وفيما يلي الحلقة الثالثة:
اللاعب المحترف، وفق اللائحة، ملزم بعدم اللعب لنادٍ آخر غير النادي الذي تعاقد معه (مادة 5 - 10 لائحة 2022)، وعدم السفر خارج الكويت أثناء الموسم الرياضي (مادة 5 - 8)، لكنه غير ملزم بالتفرغ التام لممارسة الرياضة مع ناديه حتى خلال الموسم الرياضي المشمول بعقد الاحتراف.
فإذا التزم اللاعب المحترف بالتدريبات ومواعيد المباريات خلال الموسم، فلا يمنعه عقد الاحتراف حينئذ من ممارسة عمل آخر غير رياضي، كل ما هنالك أن قيمة الدعم المالي من الهيئة العامة للرياضة ستنخفض في حالة عدم التفرغ الكامل لممارسة الرياضة (مادة 9 و10 لائحة 2022).
فمن الناحية النظرية، لا يمكن القول إن الاحتراف الذي نصَّت عليه اللائحة هو احتراف كُلي.
لكن من الناحية العلمية، قد لا يستطيع اللاعب الجمع بين ممارسة الرياضة بشكل احترافي وفق عقد الاحتراف، وبين ممارسة عمل احترافي آخر بعقد آخر، نظراً لثقل التزامات الاحتراف على وقت وجهد اللاعب. كما أنه لا يوجد ما يمنع النادي من النص في العقد على التفرغ التام للاعب من أي نشاط آخر؛ رياضي أو غير رياضي.
هل يمكن اعتبار قواعد الاحتراف «المنتظم» عبارة عن مراوحة في المكان بالنظر للاحتراف «الجزئي»؟
قانونياً، لا يمكن القول إن الاحتراف المنتظم الذي جاء في لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 هو احتراف مطابق للاحتراف الجزئي، كما جاء في لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014، والسبب أن الاحتراف الجزئي كان يسمح للاعب بتخصيص جزء من وقته فقط للنادي حتى خلال الموسم الرياضي، ويبقى مالكاً لباقي وقته.
أما إذا لم ينص عقد الاحتراف المنتظم على تحديد جزء من وقت اللاعب لممارسة الرياضة، فيلتزم اللاعب بمنح الوقت الكافي للتدريبات والمباريات وفق الظروف من دون تخصيص جزء معيَّن من الوقت خلال الموسم، فإذا تبقى للاعب وقت بعد تنفيذ التزاماته الرياضية في العقد الاحترافي، عندها يمكنه استغلاله بعمل آخر غير رياضي.
كما أن النادي يمكن أن يلزم اللاعب بالتفرغ التام لممارسة الرياضة في عقد الاحتراف خلال الموسم الرياضي.
بناءً عليه، فإن عقد الاحتراف المنتظم الذي لا ينص على وقت محدد، قد ينقلب إلى احتراف كُلي، يستغرق كل وقت اللاعب، بفعل الضرورة إذا احتاج النادي لوقت اللاعب كاملاً خلال ضغط المباريات وفق ظروف الموسم.
بينما عقد الاحتراف الجزئي هو عقد محدد المدة حتى خلال الموسم الرياضي الواحد بموجب لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014، حيث ينص هذا العقد على وقت يومي محدد لا يمكن بموجبه للنادي أن يلزم اللاعب المحترف جزئياً بلعب دقيقة واحدة تتجاوز الحد الزمني المحدد في العقد.
لكن إذا نظرنا من الناحية المالية إلى الاحتراف المنتظم وفق قانون 87/ 2017، فسنجد أن اللاعب قد يضطر إلى ممارسة عمل غير رياضي خلال الموسم، خصوصاً أن الدعم المالي قد لا يكفي لتغطية التكلفة المعيشية الكاملة، لأن الاحتراف المنتظم لا يعني الاحتراف الكُلي الذي يشمل كامل وقت اللاعب إلا إذا نص عقد اللاعب على التفرغ التام بشكل صريح.
وهكذا، لم يستطع قانون 87/ 2017 أن يغيِّر من طبيعة الاحتراف، فهو لم يساهم بالوصول إلى الاحتراف الشامل لجميع اللاعبين في الأندية، ولم يفرض احترافاً متفرغاً كلياً في عقود اللاعبين، وهنا تكمن المراوحة في المكان بين قانوني 49/ 2005 و87/ 2017. كل ذلك بسبب ضعف المركز المالي للأندية التي اعتبرها القانون هيئات غير ربحية.
وفي جميع الأحوال، فإن لائحة الاحتراف نظمت بعض أحكام عقود اللاعبين، ولم تتركها للحرية التعاقدية، وهي من آليات التمهيد للاحتراف الشامل والكُلي، كما أن العقود ستحظى بدعم مالي من الهيئة العامة للرياضة.
دعم الدولة للاحتراف والطبيعة القانونية الخاصة لعقود اللاعبين
ما هي خصائص عقود الاحتراف المدعوم؟
عندما أصدرت الهيئة العامة للرياضة لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022، فقد طرحت فكرة المنهج المنتظم خلال الموسم الرياضي، وكانت الهيئة تعلم أن الأندية لن تكون قادرة مالياً على توفير مستحقات اللاعبين.
لذا، فقد كان لابد من إصدار آلية تمويل داعمة للأندية بغرض سداد مستحقات اللاعبين المحترفين، فكانت فكرة الاحتراف المدعوم من الدولة.
ونصت لائحة الاحتراف على أن الهيئة ستقدم «دعماً مالياً شهرياً لعقود اللاعبين المحترفين كمكافأة بحد أقصى تسعة شهور خلال الموسم الرياضي، وفقاً للاعتمادات المالية المدرجة في ميزانيتها...» (مادة 8 لائحة).
بناءً عليه، يمكن تحديد خصائص عقد الاحتراف المدعوم، كما يلي:
• دعم الدولة: تقوم الهيئة كجهة حكومية راعية للرياضة بتقديم الدعم المالي من ميزانيتها، والتي هي أساساً ميزانية ذات طابع رسمي، كونها هيئة عامة (مادة 2 قانون الهيئة رقم 97/ 2015)، ورغم الشخصية الاعتبارية المستقلة للهيئة، فإنها تعتمد بشكل أساسي على ما تخصصه الدولة من اعتمادات (مادة 12-1 قانون الهيئة).
• الدعم الشهري لعقود الاحتراف: وهو ما يظهر حجم العبء المالي على ميزانية الهيئة العامة للرياضة.
• المكافأة كطبيعة للدعم: الهيئة لا تحل محل النادي بالالتزام التعاقدي، بل تقدم الدعم على شكل مكافأة لا تتجاوز قيمتها 9 شهور من زمن الموسم الرياضي.
• الدعم المالي المحدود: الدولة تقدم مكافآت اللاعبين المحرفين وفق معايير محددة، وضمن مبالغ قصوى، وهي مثلاً 500 دينار للاعبي المنتخبات الوطنية في الألعاب الجماعية، و300 دينار لباقي لاعبي الألعاب الجماعية (مادة 9 لائحة 2022).
• أعلى دعم هو للاحتراف المتفرغ في كرة القدم: وهي حالة نصَّت عليها لائحة الاحتراف مفادها أن لاعب كرة القدم المتفرغ لممارسة لعبة كرة القدم طوال الموسم يمكن أن يحظى بدعم قيمته 800 دينار شهرياً، وفق شروط مرتبطة بعدد أقصى للاعبين المحترفين في النادي، وأداء هذا النادي في الدوري (مادة 10 لائحة 2022)، وهنا يظهر أن اللائحة قد ميزت الاحتراف الكُلي المتفرغ في عقد اللاعب، ومنحت لاعب الكرة المتفرغ بشكل تام أعلى دعم مالي من الدولة.
ما هو محل الدعم للاعب المحترف؟ (العقد وليس النادي)
مبدئياً، أكدت لائحة الاحتراف أن الدعم هو عبارة عن مبالغ تخصص من ميزانية الهيئة العامة للرياضة، فإن تعريف الدعم وقواعده جاءت على أساس أن محل الدعم هو عقد الاحتراف (مادة 1-9 لائحة 2022). أي أن الدعم المالي لا يصب في ميزانية النادي بشكل جزافي، بل بناءً على عدد عقود الاحتراف المسجلة لديه.
وهذا يعني أن الهيئة العامة للرياضة لا تقدم دعماً مباشراً للأندية بخصوص الاحتراف، بل إن الدعم ينصب بشكل مباشر كمكافأة للاعب (مادة 8 لائحة 2022)، وهو ما ينعكس دعماً غير مباشر لميزانية النادي التي تتخلص من قسم من مرتبات اللاعبين المحترفين لديها.
هل يمكن تطبيق الدعم على عقود الاحتراف الجزئي؟
سمح المشرِّع في قانون الرياضة رقم 49/ 2005 بالاحتراف الجزئي، وصدر بمقتضى هذا القانون لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014، والتي وضعت شرائح للدعم المالي الخاص بعقود الاحتراف التي يخصص فيها اللاعب للنادي جزءاً من وقته خلال الموسم الرياضي.
لكن بصدور قانون الرياضة رقم 87/ 2017 ألغى المشرِّع صراحة كل القوانين السابقة، ضمنها القانون 49/ 2005، كما ألغى أي نص يتعارض مع هذا القانون (مادة 68).
وعلى اعتبار أن لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014 صدرت بمقتضى قانون ملغى، فإن مفاعيلها القانونية يجب أن تكون ملغاة أيضاً بمجرد صدور القانون 87/ 2017.
يُضاف إلى ذلك، أن لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 جاءت بنص صريح ألغت بموجبه لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014 (مادة 19 لائحة 2022).
وهنا يُثار التساؤل:
إذا أبرم النادي عقد احتراف محدد المدة لوقت اللاعب خلال الموسم تحت مسمى الاحتراف الجزئي، فهل يستحق الدعم المذكور في لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022؟
في الواقع، لم تنص لائحة 2022 على الاحتراف الكُلي المتفرغ بشكل تام، لكنها بالمقابل لم تسمح بالاحتراف الجزئي بأوقات محددة خلال الموسم الرياضي، بل اتخذ الاحتراف في لائحة 2022 الشكل المنتظم بما يتطلبه الموسم الرياضي (مادة 17).
وهكذا، يبدو أن لائحة 2022 سمحت بالدعم فقط لعقود الاحتراف المنتظمة التي تنص على التزام اللاعب بممارسة الرياضة خلال موسم أو عدد من المواسم دون تجزئة لوقته خلال الموسم الواحد.
وعلى هذا، فقد نصَّت لائحة 2022 بشكل صريح على أن مدة العقد يحكمها الموسم الرياضي لكل لعبة (مادة 17)، ولم يعد بالإمكان تجزئة وقت اللاعب خلال الموسم.
وهذا يعني أن اللاعب يلتزم أمام النادي بتخصيص الوقت الكافي لممارسة الرياضة بشكل احترافي لموسم كامل من دون تحديد للوقت المطلوب بشكل يومي، عندها فقط يستحق الدعم المالي المنصوص عليه في لائحة 25/ 2022.
لماذا يعتبر عقد الاحتراف الرياضي ذو طبيعة خاصة؟
لا يمكن تصنيف عقد الاحتراف الرياضي على أنه عقد عمل تقليدي، ولا يمكن بالمقابل فصله بشكل تام عن عقود العمل والتأمينات الاجتماعية التي تخضع لها عقود العمل.
والسبب أن عقد الاحتراف الرياضي لا يخضع فقط لمعايير قانونية، بل لمعايير رياضية محلية وعالمية وفق قواعد ممارسة الألعاب الرياضية والأحكام التي تضعها اتحادات الألعاب العالمية والأولمبية.
لذ، فقد نصَّت لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 على أن عقد اللاعب هو عقد ذو طبيعة خاصة، بحيث يخضع هذا العقد لأحكام قانون الرياضة ولوائحه والمتطلبات الخاصة للأندية والهيئات الرياضية الوطنية والدولية (مادة 17).
ما أهم الالتزامات المتبادلة في عقد الاحتراف الرياضي؟
يمكن اختصار أهم هذه الالتزامات وفق لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022، كما يلي:
أولاً: التزامات اللاعب (مادة 5):
• احترام مواعيد التدريب.
• المشاركة في المعسكرات التدريبية.
• المشاركة في البطولات.
• بذل أقصى الجهد والإمكانيات.
• المثول للاختبارات والفحوص الطبية.
• الحصول على إذن النادي قبل السفر خارج الكويت، أو في حال رغبة اللاعب بممارسة الرياضة لدى غير ناديه.
• احترام التحكيم.
• التزام قواعد حُسن السلوك.
ثانياً: التزامات النادي (العقد الاسترشادي في لائحة 2022):
• تسديد راتب اللاعب ومكافآته.
• التقيد باللوائح، ومنها لائحة الاحتراف المدعوم، خصوصاً من حيث تسهيل إجراءات تحصيل مكافأة الدعم من الهيئة العامة للرياضة.
• السماح للاعب بالتدرب بأفضل التجهيزات، بما يرتقي بأدائه ومستواه الفني.
• السماح للاعب بالمشاركة مع المنتخب الوطني.
• معالجة اللاعب، وتقديم جميع مستلزمات الرعاية الصحية له في حال تعرضه لإصابة بسبب ممارسة الرياضة، والالتزام بعلاجه حتى الشفاء منها.
وفي الختام، يجب القول إنه لا يمكن تطبيق الاحتراف الشامل لجميع عقود اللاعبين والكُلي المتفرغ لكامل وقتهم خلال الموسم الرياضي، إلا إذا استطاعت الأندية الاعتماد على نفسها مالياً دون انتظار دعم الدولة، أي أن الاحتراف بمعناه الحقيقي يتطلب أندية محترفة تعمل على تحقيق الربح من حيث طبيعتها وشكلها القانوني.
وهذا يعني أن الانتقال الوجوبي للأندية نحو شكل الشركات الهادفة لتحقيق الربح أصبح مسألة ضرورية، ليس فقط للارتقاء بالأداء الرياضي، بل لقيامه واستمراره بشكل مستقل عن الدولة.
فإذا التزم اللاعب المحترف بالتدريبات ومواعيد المباريات خلال الموسم، فلا يمنعه عقد الاحتراف حينئذ من ممارسة عمل آخر غير رياضي، كل ما هنالك أن قيمة الدعم المالي من الهيئة العامة للرياضة ستنخفض في حالة عدم التفرغ الكامل لممارسة الرياضة (مادة 9 و10 لائحة 2022).
فمن الناحية النظرية، لا يمكن القول إن الاحتراف الذي نصَّت عليه اللائحة هو احتراف كُلي.
لكن من الناحية العلمية، قد لا يستطيع اللاعب الجمع بين ممارسة الرياضة بشكل احترافي وفق عقد الاحتراف، وبين ممارسة عمل احترافي آخر بعقد آخر، نظراً لثقل التزامات الاحتراف على وقت وجهد اللاعب. كما أنه لا يوجد ما يمنع النادي من النص في العقد على التفرغ التام للاعب من أي نشاط آخر؛ رياضي أو غير رياضي.
هل يمكن اعتبار قواعد الاحتراف «المنتظم» عبارة عن مراوحة في المكان بالنظر للاحتراف «الجزئي»؟
قانونياً، لا يمكن القول إن الاحتراف المنتظم الذي جاء في لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 هو احتراف مطابق للاحتراف الجزئي، كما جاء في لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014، والسبب أن الاحتراف الجزئي كان يسمح للاعب بتخصيص جزء من وقته فقط للنادي حتى خلال الموسم الرياضي، ويبقى مالكاً لباقي وقته.
أما إذا لم ينص عقد الاحتراف المنتظم على تحديد جزء من وقت اللاعب لممارسة الرياضة، فيلتزم اللاعب بمنح الوقت الكافي للتدريبات والمباريات وفق الظروف من دون تخصيص جزء معيَّن من الوقت خلال الموسم، فإذا تبقى للاعب وقت بعد تنفيذ التزاماته الرياضية في العقد الاحترافي، عندها يمكنه استغلاله بعمل آخر غير رياضي.
كما أن النادي يمكن أن يلزم اللاعب بالتفرغ التام لممارسة الرياضة في عقد الاحتراف خلال الموسم الرياضي.
بناءً عليه، فإن عقد الاحتراف المنتظم الذي لا ينص على وقت محدد، قد ينقلب إلى احتراف كُلي، يستغرق كل وقت اللاعب، بفعل الضرورة إذا احتاج النادي لوقت اللاعب كاملاً خلال ضغط المباريات وفق ظروف الموسم.
بينما عقد الاحتراف الجزئي هو عقد محدد المدة حتى خلال الموسم الرياضي الواحد بموجب لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014، حيث ينص هذا العقد على وقت يومي محدد لا يمكن بموجبه للنادي أن يلزم اللاعب المحترف جزئياً بلعب دقيقة واحدة تتجاوز الحد الزمني المحدد في العقد.
لكن إذا نظرنا من الناحية المالية إلى الاحتراف المنتظم وفق قانون 87/ 2017، فسنجد أن اللاعب قد يضطر إلى ممارسة عمل غير رياضي خلال الموسم، خصوصاً أن الدعم المالي قد لا يكفي لتغطية التكلفة المعيشية الكاملة، لأن الاحتراف المنتظم لا يعني الاحتراف الكُلي الذي يشمل كامل وقت اللاعب إلا إذا نص عقد اللاعب على التفرغ التام بشكل صريح.
وهكذا، لم يستطع قانون 87/ 2017 أن يغيِّر من طبيعة الاحتراف، فهو لم يساهم بالوصول إلى الاحتراف الشامل لجميع اللاعبين في الأندية، ولم يفرض احترافاً متفرغاً كلياً في عقود اللاعبين، وهنا تكمن المراوحة في المكان بين قانوني 49/ 2005 و87/ 2017. كل ذلك بسبب ضعف المركز المالي للأندية التي اعتبرها القانون هيئات غير ربحية.
وفي جميع الأحوال، فإن لائحة الاحتراف نظمت بعض أحكام عقود اللاعبين، ولم تتركها للحرية التعاقدية، وهي من آليات التمهيد للاحتراف الشامل والكُلي، كما أن العقود ستحظى بدعم مالي من الهيئة العامة للرياضة.
دعم الدولة للاحتراف والطبيعة القانونية الخاصة لعقود اللاعبين
ما هي خصائص عقود الاحتراف المدعوم؟
عندما أصدرت الهيئة العامة للرياضة لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022، فقد طرحت فكرة المنهج المنتظم خلال الموسم الرياضي، وكانت الهيئة تعلم أن الأندية لن تكون قادرة مالياً على توفير مستحقات اللاعبين.
لذا، فقد كان لابد من إصدار آلية تمويل داعمة للأندية بغرض سداد مستحقات اللاعبين المحترفين، فكانت فكرة الاحتراف المدعوم من الدولة.
ونصت لائحة الاحتراف على أن الهيئة ستقدم «دعماً مالياً شهرياً لعقود اللاعبين المحترفين كمكافأة بحد أقصى تسعة شهور خلال الموسم الرياضي، وفقاً للاعتمادات المالية المدرجة في ميزانيتها...» (مادة 8 لائحة).
بناءً عليه، يمكن تحديد خصائص عقد الاحتراف المدعوم، كما يلي:
• دعم الدولة: تقوم الهيئة كجهة حكومية راعية للرياضة بتقديم الدعم المالي من ميزانيتها، والتي هي أساساً ميزانية ذات طابع رسمي، كونها هيئة عامة (مادة 2 قانون الهيئة رقم 97/ 2015)، ورغم الشخصية الاعتبارية المستقلة للهيئة، فإنها تعتمد بشكل أساسي على ما تخصصه الدولة من اعتمادات (مادة 12-1 قانون الهيئة).
• الدعم الشهري لعقود الاحتراف: وهو ما يظهر حجم العبء المالي على ميزانية الهيئة العامة للرياضة.
• المكافأة كطبيعة للدعم: الهيئة لا تحل محل النادي بالالتزام التعاقدي، بل تقدم الدعم على شكل مكافأة لا تتجاوز قيمتها 9 شهور من زمن الموسم الرياضي.
• الدعم المالي المحدود: الدولة تقدم مكافآت اللاعبين المحرفين وفق معايير محددة، وضمن مبالغ قصوى، وهي مثلاً 500 دينار للاعبي المنتخبات الوطنية في الألعاب الجماعية، و300 دينار لباقي لاعبي الألعاب الجماعية (مادة 9 لائحة 2022).
• أعلى دعم هو للاحتراف المتفرغ في كرة القدم: وهي حالة نصَّت عليها لائحة الاحتراف مفادها أن لاعب كرة القدم المتفرغ لممارسة لعبة كرة القدم طوال الموسم يمكن أن يحظى بدعم قيمته 800 دينار شهرياً، وفق شروط مرتبطة بعدد أقصى للاعبين المحترفين في النادي، وأداء هذا النادي في الدوري (مادة 10 لائحة 2022)، وهنا يظهر أن اللائحة قد ميزت الاحتراف الكُلي المتفرغ في عقد اللاعب، ومنحت لاعب الكرة المتفرغ بشكل تام أعلى دعم مالي من الدولة.
ما هو محل الدعم للاعب المحترف؟ (العقد وليس النادي)
مبدئياً، أكدت لائحة الاحتراف أن الدعم هو عبارة عن مبالغ تخصص من ميزانية الهيئة العامة للرياضة، فإن تعريف الدعم وقواعده جاءت على أساس أن محل الدعم هو عقد الاحتراف (مادة 1-9 لائحة 2022). أي أن الدعم المالي لا يصب في ميزانية النادي بشكل جزافي، بل بناءً على عدد عقود الاحتراف المسجلة لديه.
وهذا يعني أن الهيئة العامة للرياضة لا تقدم دعماً مباشراً للأندية بخصوص الاحتراف، بل إن الدعم ينصب بشكل مباشر كمكافأة للاعب (مادة 8 لائحة 2022)، وهو ما ينعكس دعماً غير مباشر لميزانية النادي التي تتخلص من قسم من مرتبات اللاعبين المحترفين لديها.
هل يمكن تطبيق الدعم على عقود الاحتراف الجزئي؟
سمح المشرِّع في قانون الرياضة رقم 49/ 2005 بالاحتراف الجزئي، وصدر بمقتضى هذا القانون لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014، والتي وضعت شرائح للدعم المالي الخاص بعقود الاحتراف التي يخصص فيها اللاعب للنادي جزءاً من وقته خلال الموسم الرياضي.
لكن بصدور قانون الرياضة رقم 87/ 2017 ألغى المشرِّع صراحة كل القوانين السابقة، ضمنها القانون 49/ 2005، كما ألغى أي نص يتعارض مع هذا القانون (مادة 68).
وعلى اعتبار أن لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014 صدرت بمقتضى قانون ملغى، فإن مفاعيلها القانونية يجب أن تكون ملغاة أيضاً بمجرد صدور القانون 87/ 2017.
يُضاف إلى ذلك، أن لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 جاءت بنص صريح ألغت بموجبه لائحة الاحتراف الجزئي رقم 713/ 2014 (مادة 19 لائحة 2022).
وهنا يُثار التساؤل:
إذا أبرم النادي عقد احتراف محدد المدة لوقت اللاعب خلال الموسم تحت مسمى الاحتراف الجزئي، فهل يستحق الدعم المذكور في لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022؟
في الواقع، لم تنص لائحة 2022 على الاحتراف الكُلي المتفرغ بشكل تام، لكنها بالمقابل لم تسمح بالاحتراف الجزئي بأوقات محددة خلال الموسم الرياضي، بل اتخذ الاحتراف في لائحة 2022 الشكل المنتظم بما يتطلبه الموسم الرياضي (مادة 17).
وهكذا، يبدو أن لائحة 2022 سمحت بالدعم فقط لعقود الاحتراف المنتظمة التي تنص على التزام اللاعب بممارسة الرياضة خلال موسم أو عدد من المواسم دون تجزئة لوقته خلال الموسم الواحد.
وعلى هذا، فقد نصَّت لائحة 2022 بشكل صريح على أن مدة العقد يحكمها الموسم الرياضي لكل لعبة (مادة 17)، ولم يعد بالإمكان تجزئة وقت اللاعب خلال الموسم.
وهذا يعني أن اللاعب يلتزم أمام النادي بتخصيص الوقت الكافي لممارسة الرياضة بشكل احترافي لموسم كامل من دون تحديد للوقت المطلوب بشكل يومي، عندها فقط يستحق الدعم المالي المنصوص عليه في لائحة 25/ 2022.
لماذا يعتبر عقد الاحتراف الرياضي ذو طبيعة خاصة؟
لا يمكن تصنيف عقد الاحتراف الرياضي على أنه عقد عمل تقليدي، ولا يمكن بالمقابل فصله بشكل تام عن عقود العمل والتأمينات الاجتماعية التي تخضع لها عقود العمل.
والسبب أن عقد الاحتراف الرياضي لا يخضع فقط لمعايير قانونية، بل لمعايير رياضية محلية وعالمية وفق قواعد ممارسة الألعاب الرياضية والأحكام التي تضعها اتحادات الألعاب العالمية والأولمبية.
لذ، فقد نصَّت لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 على أن عقد اللاعب هو عقد ذو طبيعة خاصة، بحيث يخضع هذا العقد لأحكام قانون الرياضة ولوائحه والمتطلبات الخاصة للأندية والهيئات الرياضية الوطنية والدولية (مادة 17).
ما أهم الالتزامات المتبادلة في عقد الاحتراف الرياضي؟
يمكن اختصار أهم هذه الالتزامات وفق لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022، كما يلي:
أولاً: التزامات اللاعب (مادة 5):
• احترام مواعيد التدريب.
• المشاركة في المعسكرات التدريبية.
• المشاركة في البطولات.
• بذل أقصى الجهد والإمكانيات.
• المثول للاختبارات والفحوص الطبية.
• الحصول على إذن النادي قبل السفر خارج الكويت، أو في حال رغبة اللاعب بممارسة الرياضة لدى غير ناديه.
• احترام التحكيم.
• التزام قواعد حُسن السلوك.
ثانياً: التزامات النادي (العقد الاسترشادي في لائحة 2022):
• تسديد راتب اللاعب ومكافآته.
• التقيد باللوائح، ومنها لائحة الاحتراف المدعوم، خصوصاً من حيث تسهيل إجراءات تحصيل مكافأة الدعم من الهيئة العامة للرياضة.
• السماح للاعب بالتدرب بأفضل التجهيزات، بما يرتقي بأدائه ومستواه الفني.
• السماح للاعب بالمشاركة مع المنتخب الوطني.
• معالجة اللاعب، وتقديم جميع مستلزمات الرعاية الصحية له في حال تعرضه لإصابة بسبب ممارسة الرياضة، والالتزام بعلاجه حتى الشفاء منها.
وفي الختام، يجب القول إنه لا يمكن تطبيق الاحتراف الشامل لجميع عقود اللاعبين والكُلي المتفرغ لكامل وقتهم خلال الموسم الرياضي، إلا إذا استطاعت الأندية الاعتماد على نفسها مالياً دون انتظار دعم الدولة، أي أن الاحتراف بمعناه الحقيقي يتطلب أندية محترفة تعمل على تحقيق الربح من حيث طبيعتها وشكلها القانوني.
وهذا يعني أن الانتقال الوجوبي للأندية نحو شكل الشركات الهادفة لتحقيق الربح أصبح مسألة ضرورية، ليس فقط للارتقاء بالأداء الرياضي، بل لقيامه واستمراره بشكل مستقل عن الدولة.