العمل في بيئة مضطربة
يتبادل العديد من المسؤولين في كثير من الوزارات والجهات والهيئات والمؤسسات والإدارات الحكومية والخاصة اللوم بدلاً من تحمل المسؤولية، وعندما يتقاذف المسؤولون المسؤولية فاعلم أن أعمدة الشفافية والنزاهة والعدل والمساواة والمساءلة والكفاءة قد صدئت وتآكلت، وأنهم يعملون في بيئة مضطربة ورؤية استراتيجية مشوشة.
هذا السلوك يؤدي إلى بيئة عمل غير صحية، وبالتالي تتأثر الكفاءة والفعالية والعدالة في اتخاذ القرارات، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بين الموظفين وسوء في الخدمات المقدمة للمواطنين، وعليه فإن وجود رؤية استراتيجية واضحة يُعتبر أمراً ضرورياً لتوجيه الجهود وتحقيق الأهداف المرجوة في الوقت المناسب، وعندما تكون هذه الرؤية مشوشة تصبح النتائج عشوائية وغير فعالة.
وعند فقدان الشفافية يتجنب المسؤولون تحمل المسؤولية مما يؤدي إلى عدم الثقة بين الأفراد والمؤسسات، وعليه فإن الشفافية ضرورية لبناء الثقة بين هؤلاء الأفراد والمؤسسات، وعندما تتآكل قيم الشفافية والنزاهة والعدل والمساواة تكون هناك بيئة خصبة ومهيأة للفساد والمحسوبية، مما يؤثر سلبًا على جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي وجود هذه البيئة المضطربة Turbulent Environment تصبح عملية صنع القرارات الصحيحة والصائبة واتخاذها أمرًا صعبًا، مما يؤدي إلى تبني استراتيجيات مشوشة وغير فعالة.
وتبرز أهمية مساءلة الأفراد ودورهم في المناصب القيادية في تحمل مسؤولياتهم، مما يعزز الأداء والكفاءة، مما يتطلب أهمية إيجاد وخلق بيئة عمل مواتية Conducive Environment تكون فيها المعلومات المتعلقة بالظروف والقرارات والأعمال الحالية متاحة ومفهومة وشفافة، وتجعل القرارات المتصلة بالسياسة المتعلقة بالمجتمع معلومة للأطراف ذات العلاقة.
إذاً البيئة الإدارية الايجابية تتطلب الوضوح التام في اتخاذ القرارات ورسم الخطط والسياسات وعرضها على الجهات المختصة ومتابعة الأداء ومراقبته وضرورة خضوع الممارسات الإدارية والسياسات للمحاسبة والمراقبة المستمرة، وعليه فإن مرحلة الإصلاح والتطوير والتغيير تتطلب ضرورة إعادة النظر في السياسات والإجراءات الحكومية لتعزيز الشفافية والمكاشفة والمساءلة، مما يؤدي إلى تحسين أداء المؤسسات والأجهزة الحكومية، حيث إن عملية التحول والتغيير تتطلب إرادة سياسية وتغييرا ثقافيا لتجاوز هذه التحديات وإعادة بناء الثقة في المؤسسات.
إن مشاركة العاملين للقياديين في صنع القرارات وتحقيق الأهداف من خلال المكاشفة والمصارحة في قضايا العمل وتعزيز ثقافة المساءلة في المؤسسات الحكومية وتشجيع قيم العدل والمساواة والنزاهة تعد متطلباً أساسياً لضمان تحقيق نتائج مستدامة وفعالة لعملية التطوير والإصلاح والتغيير والتنمية المستدامة.
ودمتم سالمين.