أزهى عصور اليهود كانت تحت الحكم الإسلامي
على الرغم من أن الرئيس بايدن في طريقه للرحيل بعد شهرين فإن الوصف الذي أطلقه على نتنياهو بأنه «وغد» و«أناني» كان في محله، فهذا الحاكم الأرعن تمادى في الغطرسة والإجرام تجاه الشعوب العربية وتحديداً تجاه الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، فوصلت أرقام المساعدات العسكرية والمساندة والدعم غير المحدودين من الإدارة الأميركية، منذ أكتوبر 2023 حتى اليوم، إلى أكثر من 17 مليار دولار!
تراه يخاطب العالم الحر مدعيًا أنه يعمل على بناء «شرق أوسط جديد» ولذلك يطلب الوقوف إلى جانبه في حربه الهمجية ضد لبنان وغزة، فحامي اليهود، كما يدّعي، يبدو أنه غارق في أوهام القوة، ويعمل على تشويه صورة العرب مقدماً بلاده على أنها واحه للديموقراطية والسلام لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، فالتمييز العنصري داخل الدولة اليهودية ليس تجاه عرب 1948 فقط، بل تجاه اليهود الشرقيين ويهود الفلاشا.
عودة إلى الوراء قليلاً، عندما اخترعت الحكومات اليمينية في إسرائيل ما بات يعرف بتعويض اليهود عن أملاكهم التي سرقت منهم في الديار العربية، وكان هدف هذا التوجه والنهج مساومة العالم والفلسطينيين على نسيان وإسقاط ملف التعويض للفلسطينيين المهجرين من أراضيهم، أي نسكت عن تعويض اليهود مقابل سكوتكم عن تعويض الفلسطينيين!
أما اليهود في العالم العربي وفي العصور الوسطى الإسلامية التي بدأت بالفتح الإسلامي لتصل إلى قدوم العثمانيين فتلك قصة أخرى، عثرت عليها في كتاب صادر حديثاً بعنوان «اليهود في العالم العربي» للدكتورة زبيدة محمد عطا «عن دار العين» للنشر في القاهرة.
عدد من الدارسين يعدون تلك الفترة– العصور الوسطى الإسلامية– عصوراً زاهية، ازدهر فيها اليهود، فأنتجوا ثقافة رائعة في ظل الحكم الإسلامي المتسامح، في وقت عانى فيه إخوانهم في أوروبا مع المسيحيين الاضطهاد المتواصل.
خذ مثلاً الثروات الطائلة التي تملكوها، مثل ابن عوكل الذي لقبوه بشهبندر التجار، ومثل نهاري بن نسيم، وكانت له عدة منازل في مدن العالم الإسلامي في المغرب والإسكندرية يتنقل فيها، فقد كان يهود هذه الفترة دائمي الحركة والتنقل مع تجارتهم.
فكرة الاضطهاد ابتزّ بها اليهود العالم، حيث تعكس الازدواجية في الشخصية، وتجمع بين الشعور بالاضطهاد والشعور بالتفوق على الآخرين التي رسمتها كتبهم الدينية بأنهم شعب الله المختار المميز والمضطهد من جميع شعوب الأرض!
أثبتت المؤلفة عدم صحة «الغيتو» السكني والإنساني والاقتصادي، وأن فكرة القومية القائمة على النقاء العرقي يسودها الغموض ويعوزها المصدر، كذلك ناقشت مدى الوجود اليهودي في فلسطين من واقع المصدرين الإسلامي واليهودي، وبينت عدم صحة الادعاء بالاضطهاد.
صححّت الكثير من المفاهيم المغلوطة كتلك التي تدّعي أن بيت المقدس مرتبط بوطن قومي للاستقرار، في حين هو في الواقع مكان للحج، كما تؤكد الدكتورة زبيدة في كتابها الصادر حديثاً خطأ فكرة انعزالية اليهود وتكوينهم كياناً ذا استقلال سياسي واجتماعي، فالدولة الإسلامية احترمت عقائد غير المسلمين وعدتهم أهل ذمة لهم حقوقهم وهذا لا يعني وجودهم منفصلين عن المجتمع.
أهمية الدراسة أنها جاءت في شكل موسوعة تشمل كل ما يتصل بيهود العصور الوسطى من أصولهم، وصلتهم ببيت المقدس واندماجهم، إلى جانب تفنيد نظريات الاضطهاد التي مازالت تحرك اليهود في العصر الحديث.