في الجزء الثاني من برنامج رحلة الوفد الصحافي الكويتي إلى روسيا بعد الأول الذي كانت وجهته موسكو، كانت خطة شركة طيران الجزيرة المنظمة للرحلة، بالتعاون مع وزارة السياحة الروسية، أن تكون الوجهة إلى ثاني أكبر مدن روسيا، قبلة السياحة العلاجية حول العالم، والعاصمة القيصرية لنحو قرنين من الزمان، إنها سانت بطرسبرغ.
تتكئ هذه المدينة على دلتا نهر نيفا، شرق خليج فنلندا على بحر البلطيق، وتعد أحد أكبر مراكز أوروبا الثقافية، حيث تضم العديد من المتاحف والمسارح والمعالم المهمة، كما كانت مصدراً لإلهام كثير من الكتاب الروس.
عدد سكان هذه المدينة التي تبلغ مساحتها 1,439 كم2، نحو 6 ملايين نسمة، وبها أهم موانئ روسيا في بحر البلطيق، وتسكنها أعراق عديدة في مقدمتها بالطبع الروس بنسبة 92%، ثم الأوكرانيون، يليهما البيلاروس والباقون من اليهود والتتار والأرمن والأذربيجانيين والجورجيين والبولنديين والعرب.
تحمل هذه المدينة اسم مؤسسها القيصر بطرس أو بيتر الأول، وقد سميت في الماضي بأسماء عديدة: بتروغراد ثم لينينغراد أي مدينة لينين أول زعيم سوفياتي، ومن هذه المدينة تحديدا انطلقت قذائف البارجة أفرورا باتجاه قصر الشتاء معلنة بدء الثورة الروسية عام 1917.
وحرص المنظمون على أن تحفل زيارة الوفد الصحافي بمواقع مكثفة في تلك المدينة الجميلة، حيث كانت البداية بمتحف الأرميتاج وهو من أكبر وأرقى متاحف الفنون في العالم، وبه تشاهد لوحات فنية ضخمة لفنانين مثل ليوناردو دافينشي وبيكاسو وغيرهما، فضلاً عما فيه من عمارة فاخرة، أبرز براهينها قصر الشتاء الذي كان سابقاً مقراً للإقامة الملكية.وجدير بالذكر أن متحف الأرميتاج دخل موسوعة غينيس بتضمنه أكبر مجموعة من اللوحات في العالم.
ومن الأرميتاج إلى قلعة بطرس وبولس التي لا يسعك عندما تدخلها إلا أن تقف مشدوها وأنت تشاهد من نوافذها إطلالات رائعة على نهر نيفا، لاسيما مع ما ستعرفه عنها من أنها تضم أقدم حصن في هذه المدينة، إلى جانب كاتدرائية بطرس وبولس التي دُفن فيها العديد من أباطرة روسيا.
وفي جولة للتنزه والتسوق، سارت بنا خريطة الرحلة إلى شارع نيفسكي بروسبيكت وهو الشارع الرئيسي في سانت بطرسبرغ، ويتميز بوجود المتاجر والمقاهي والمباني التاريخية، فضلاً عن كونه مثالياً للتنزه وتناول الطعام الروسي الذي كانت تجربتنا معه مثيرة لذيذة.
وعبر شركة نيفا ترافل، التي تمتلك أسطولاً مكوناً من أكثر من 40 قارباً نهرياً، حملنا برنامج الزيارة إلى قصر بيترهوف، وهو الأكثر فخامة وشعبية بين القصور الملكية الروسية، مع ما يشتهر به من حدائق رائعة ونوافير مذهلة، وشلال كبير.ثم توقف الوفد بصحبة مرشد الرحلة أمام «الفارس البرونزي» وهو تمثال للقيصر بطرس الأكبر يمثل رمز المدينة، ويوفر إطلالة خلابة على نهر نيفا والمناطق المحيطة به.
قرية شوفالوفكا
وإلى إحدى ضواحي سانت بطرسبرغ، وهي جزء من مقاطعة لينينغراد، اتجه الوفد الصحافي إلى قرية شوفالوفكا التي تتميز بأجواء ريفية ساحرة تعكس نمط الحياة في المنطقة.
يحيط بهذه القرية غطاء أخضر كثيف ومناظر طبيعية خلابة، مما يجعلها وجهة مثالية للمشي وسط الطبيعة والقيام بالعديد من الأنشطة الخارجية، تلتقي فيها الغابات والمسطحات المائية، وهو ما يجعلها مكانًا يجذب محبي الطبيعة.تحافظ شوفالوفكا على إرث من الثقافة المحلية والتقاليد، والتي يمكن ملاحظتها في المهرجانات المحلية والحرف والأنشطة المجتمعية، وتوفر للزوار فرصة تجربة الحياة الريفية الروسية الأصيلة.
وعلى الرغم من أن شوفالوفكا ليست وجهة سياحية رئيسية، فإنها تقدم تجربة فريدة للمهتمين باستكشاف الجانب الريفي من روسيا، والاستمتاع بالهدوء والجمال الطبيعي بعيداً عن سانت بطرسبرغ النابضة بالحيوية، وباختصار تقدم شوفالوفكا لمحة ساحرة عن الجوانب الهادئة والتقليدية للحياة في المنطقة المحيطة بسانت بطرسبرغ.
مطعم بالكين
وبرغبة مشتركة من المنظمين والوفد على السواء، تناول الجميع طعام الغداء في أحد أشهر المطاعم التاريخية والراقية في سانت بطرسبرغ، «بالكين»، والذي يشتهر بتقديمه فنون الطهي الروسية الفاخرة، فضلاً عما يتضمنه من أجواء الأنيقة، مع سمعة تنحدر إليه من إرث عريق يعود إلى القرن التاسع عشر، ممّا يجعله وجهة لكل من السكان والسياح.
ويتخصص هذا المطعم في تقديم الأطباق الروسية التقليدية، المحضرة من مكونات طازجة ذات جودة عالية، ولا يعد تناول وجبة في بالكين مجرد تجربة طعام فحسب، بل تجربة ثقافية تعكس التراث الروسي.
أما عن أشهر الفنادق في المنطقة والتي تحظى بسمعة طيبة، فيأتي في مقدمتها فندق كوزموس سيليكشن إيتاليانسكايا، والذي يعد خياراً مثالياً للإقامة، ويتميز بمزيج فريد من الراحة الحديثة والأجواء التاريخية المدهشة، مما يوفر للضيوف تجربة فريدة في واحدة من أكثر المناطق حيوية في المدينة، وهو يقع بالقرب من المتحف الروسي، وشارع نيفسكي، ومتحف الأرميتاج، مما يجعل موقعه مثالياً لاستكشاف المدينة، فضلاً عما يحتويه من خدمات عديدة مميزة راقية.
وكذلك بالمدينة، على بعد خطوات من المعالم الرئيسية في المدينة، هناك فندق كوزموس سيليكشن نفسيكي رويال، والذي يوفر إقامة أنيقة وعصرية، ويقع في شارع نيفسكي الشهير في سانت بطرسبرغ، ويشتهر الفندق بخدماته الممتازة وموقعه الحيوي، مما يتيح للضيوف الوصول السهل إلى الأماكن الثقافية والتسوق.وإلى جانب هذين الفندقين، هناك فندق غراند يوروب، وهو فندق فاخر خمس نجوم، يُعرف بتاريخه الغني وتصميمه الراقي، ويقع في شارع نيفسكي كذلك، مما يسهل الوصول إلى العديد من المعالم الرئيسية في المدينة مثل متحف الأرميتاج وكنيسة «المخلص على الدم».
السياحة العلاجية
وإلى جانب هذا كله تعد سانت بطرسبرغ، من أشهر أماكن السياحة العلاجية في العالم، بما تقدمه مؤسساتها الطبية ومستشفياتها العالمية من خدمات عالية التقنية، ولذا تعد السياحة العلاجية أحد المجالات ذات الأولوية في تطوير إمكانات هذه المدينة، حيث يعمل بهذا المجال الآلاف من الأطباء من أعلى فئة في المدينة، لاسيما مع ما تسمح به لهم المعدات التقنية والمؤسسات الطبية والمنتجعات الصحية، من تقديم أعلى مستوى من الخدمات.
وتتمثل مزايا هذه السياحة الطبية في التكلفة المنخفضة نسبياً مع مجموعة واسعة من الخدمات الطبية، والتي لا يتوافر بعضها في أماكن أخرى في روسيا أو غيرها، إلى جانب سهولة الوصول إلى سانت بطرسبرغ بفضل بنيتها التحتية المتطورة للنقل.
وقد أصبحت السياحة الطبية بالفعل أحد الأسباب الرئيسية لزيارة سانت بطرسبرغ، ولتعزيز الإمكانات الطبية وتحسين الصحة في المدينة، وكذلك لجذب المرضى وتوجيههم إلى المنظمات الطبية بتك البقعة، تم إنشاء وكالة متخصصة للسياحة الطبية في المدينة، وباتت السياحة الطبية مطلوبة اليوم من مرضى من بلدان أخرى. وتلعب العلاقات التجارية والاقتصادية المتطورة للعاصمة الشمالية مع بلدان رابطة الدول المستقلة ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، فضلاً عن نشاط التجارة الخارجية العالي للمدينة وبرامج التعاون عبر الحدود، دوراً مهماً في هذا الصدد.وتحظى طرق العلاج باستخدام المساعدة التكنولوجية العالية وتقنيات الإنجاب المساعد بطلب عال، ويتيح هذا الكتالوج المساعدة في التعرف على الإمكانات الطبية والمنتجعات والمصحات واتخاذ قرار بقضاء وقت لا يُنسى في سانت بطرسبرغ مع فوائد صحية، مع ما تحظى به من 585 مركزاً علاجياً، و19000 طبيب، فضلاً عن 32000 موظف تمريض، ما ساهم في توافد أكثر من 500000 مريض دولي من 2019 إلى أغسطس 2023.
«بيض فابرجيه» تحف فنية
ضمن المحطات التي حط فيها الوفد رحاله أثناء زيارته مدينة سانت بطرسبرغ، متحف فابرجيه، وهو مخصص لأعمال صانع المجوهرات الشهير بطرس كارل فابرجيه، المعروف بتصميم تحفة البيض الفاخرة، وغيرها من الأعمال الفنية المذهلة، ويعرض المتحف مجموعة مدهشة تعكس المشهد الفني في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
ويضم المتحف العديد من بيض فابرجيه الشهير الذي تم صنعه للعائلة المالكة الروسية، خاصة بيض عيد الفصح الذي طلبه القيصر نيكولاس الثاني لزوجته الإمبراطورة ماريا فيودوروفنا، وكل بيضة تُعد تحفة فنية، تتميز بتفاصيل دقيقة ومفاجآت مخفية.
ولم يفوت الوفد فرصة تذوق الحلوى الحصرية على شكل بيضة في مقهى المتحف، المكونة من كريم بروليه، ولب المانغو وباشين فروت مع الشوكولاته البلجيكية.
«نيفا ترافل» بانوراما نهرية
تمتلك شركة «نيفا ترافيل» المتخصصة في نقل الركاب عبر الأنهار والقنوات في سانت بطرسبرغ، أسطولاً مكوناً من أكثر من 40 قارباً نهرياً، وتنظم رحلات بالقوارب إلى خليج فنلندا ونقل الركاب عبر القوارب السريعة إلى قصر بيترهوف، وكرنشتات، وحديقة لاند أوف فورتس، وقلعة أورشيك، كما توفر خدمات تأجير القوارب للمناسبات المختلفة.
وفي عام 2023 صنّعت الشركة أول قاربين كاتاماران، ثم توالت أمثالهما، وعلى متن قارب من هذه النوعية، حظي الوفد برحلة فريدة مع ما فيه من نوافذ بانورامية، وسطح مفتوح واسع، إلى جانب ركن لتذوق المشروبات، وتسهيلات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى ما في القارب من أنظمة تكييف وأجهزة ترفيهية.