تعمل أوزبكستان بنشاط على تحديث قطاعاتها المالية والمصرفية والضريبية، وتولي في الوقت الحالي اهتماما خاصا لتحسين كفاءة إدارة إيرادات ونفقات الميزانية، وهي مهمة أساسية في إطار الإصلاحات الحالية للسياسة المالية والضريبية. وتعتمد هذه العملية على الحاجة إلى تكييف الاقتصاد مع ظروف التحرير وتعميق الإصلاحات الاقتصادية، والتي تتطلب تطويرا مستمرا، وتحسين نظام الميزانية والضرائب في البلاد.
إن إعطاء الأولوية لتمويل النفقات من الميزانيات المحلية إحدى المسؤوليات الرئيسية للهيئات التنفيذية والتشريعية المحلية. وعادة ما يتم حل هذه المهام من خلال مشاركة مختلف الهياكل المسؤولة في عملية الميزانية. ومع ذلك، هناك قضايا لا تتمكن الهيئات التنفيذية والتمثيلية المحلية دائماً من معالجتها بالكامل.
وضمن استشرافية، أقرت أوزبكستان «الموازنة الاستباقية»، إذ يتم إشراك المواطنين بشكل مباشر في تحديدها عبر مناقشة تخصيص الأموال العامة، والتصويت على المشاريع المقترحة، في مقاربة تعترف بأن السكان المحليين غالبًا ما يكونون الأفضل في تحديد الأولويات التي تؤثر على مجتمعاتهم، مثل مشكلات البنية التحتية، وصيانة الطرق، والخدمات العامة.
وتتيح الموازنة الاستباقية، المعروفة أيضًا بالموازنة التشاركية، للمواطنين تقديم مقترحات المشاريع والتصويت عليها، مما يؤدي إلى تمويل المشاريع التي يرونها مهمة. ويعزز هذا النظام الشفافية، ويزيد من الرقابة العامة، ويساعد في منع الفساد من خلال ضمان مساءلة أكبر من قبل الجهات الحكومية.
كما يُمكّن هذا النهج المواطنين في أوزبكستان من معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، مما يسهم في تحسين مستويات المعيشة في مجتمعاتهم، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع في أوزبكستان خلال السنوات الأخيرة لحل قضايا اجتماعية واقتصادية ساهمت في رفع مستوى معيشة المواطنين.
وأطلقت أوزبكستان في عام 2019 بوابة «الميزانية المفتوحة» الإلكترونية، تم تطويرها بمساعدة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي زادت مشاركة المواطنين في تشكيل الميزانية بشكل ملحوظ. وتتيح هذه البوابة للمواطنين تقديم مقترحات المشاريع والتصويت عليها، مما يضمن أخذ الرأي العام في الحسبان خلال عملية الموازنة.
على سبيل المثال، في عام 2021 تم تقديم 41,125 مقترحًا من المواطنين، وتمت الموافقة على 21,833 مقترحًا منها للتصويت بمشاركة أكثر من 1.1 مليون شخص، ما أسفر عن اختيار 1,599 مقترحاً للحصول على تمويل إجمالي قدّر بـ530.5 مليار سوم أوزبكي.
وفي عام 2022، وسعت الحكومة هذه المبادرة، مخصصة 5 في المئة من ميزانيات المناطق والمدن للأنشطة المدنية تحت برنامج الدولة «عام تمجيد كرامة الإنسان والنشاط المجتمعي». وقدم المواطنون ما يقرب من 131,000 مقترح مشروع، وتمت الموافقة على 77,900 منها للتصويت. تم الإدلاء بأكثر من 14 مليون صوت، مما أسفر عن تمويل 4,136 مشروعًا بقيمة 2.5 تريليون سوم أوزبكي.
وبحلول 2023، استمرت مشاركة المواطنين في النمو، حيث تم تقديم أكثر من 105,000 مقترح مشروع. من هذه المقترحات، تم اختيار 67,100 للتصويت، وتم الإدلاء بأكثر من 34 مليون صوت. وركزت المقترحات على إصلاح وتجهيز المدارس والمرافق الصحية والطرق ودور الحضانة وإضاءة الشوارع. وتم تمويل 4,115 مشروعًا بإجمالي 4.183 تريليون سوم أوزبكي بحلول نهاية 2023.
ويظهر نجاح هذه المبادرات أهمية مشاركة المواطنين في حل القضايا الاجتماعية، إذ يتيح هذا النظام للمجتمعات دورًا فعالًا في تشكيل تنميتها، من خلال المشاركة المباشرة في تخصيص الأموال العامة. ويعكس التوسع المستمر لهذه البرامج، المدعوم من الحكومة من خلال المراسيم الرئاسية المختلفة، التزامًا بتحسين جودة حياة المواطنين في أوزبكستان من خلال تعزيز المشاركة العامة والمساءلة في عملية الموازنة.
وأصبحت عملية الموازنة الاستباقية الآن جزءًا أساسيًا من جهود الحكومة لمعالجة التحديات الاجتماعية وتعزيز التنمية الاقتصادية. ولا يقوي هذا النهج العلاقة بين المواطنين والدولة فحسب، بل يمنح الأفراد القدرة على امتلاك مستقبل مجتمعاتهم، إذ يمكن للمواطنين في أوزبكستان من خلال هذه المشاركة النشطة توجيه الأموال العامة نحو المشاريع والخدمات التي تهمهم، مما يؤدي إلى تحسينات ملموسة في حياتهم اليومية.