شنّت الولايات المتحدة الأميركية ضربات نوعية باستخدام طائرات «B-2 spirit» المعروفة باسم «القاذفة الشبح»، لأول مرة ضد جماعة «أنصار الله» الحوثية في خطوة حملت رسالة تحذير مبطنة لإيران، التي تتبادل التهديدات مع إسرائيل يومياً، وسط ترقب لضربة انتقامية تحضّرها الدولة العبرية ضد الجمهورية الإسلامية رداً على القصف البالستي الذي شنته الأخيرة مطلع أكتوبر الجاري.

وصرح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أمس، بأن القوات الأميركية نفذت ضربات دقيقة ضد 5 مواقع تخزين أسلحة محصّنة تحت الأرض في مناطق تابعة للمتمردين الحوثيين، الذين يسيطرون على مساحات واسعة من اليمن وينفذون منذ أشهر هجمات ضد إسرائيل والسفن، التي يعتبرون أنها مرتبطة بها، ويقولون، إن ذلك يأتي دعماً للفلسطينيين في غزة.

Ad

وقال في بيان: «استهدفت القوات الأميركية، بما في ذلك قاذفات B-2 التابعة للقوات الجوية، العديد من المرافق تحت الأرض التابعة للحوثيين، التي تضم مكونات أسلحة مختلفة من الأنواع، التي استخدمها الحوثيون لاستهداف السفن المدنية والعسكرية في جميع أنحاء المنطقة».

ووصف الضربة بأنها «عرض فريد لقدرة الولايات المتحدة على استهداف المرافق التي يسعى خصومنا إلى إبعادها عن متناولنا، بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض أو تحصينها».

وأكد أن «استخدام قاذفات الشبح بعيدة المدى يوضح القدرات الأميركية لاتخاذ إجراءات ضد هذه الأهداف عند الضرورة، في أي وقت وفي أي مكان».

وتابع: «منذ أكثر من عام، هاجم الحوثيون المدعومون من إيران، والمصنفون على أنهم إرهابيون عالميون، السفن الأميركية والدولية التي تمر عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن بشكل متهور وغير قانوني، وتستمر هجمات الحوثيين غير القانونية في تعطيل التدفق الحر للتجارة الدولية، وتهديد الكارثة البيئية، وتعريض أرواح المدنيين الأبرياء وأرواح القوات الأميركية والشريكة للخطر».

وذكر أن بلده لن تتردد في «اتخاذ إجراءات للدفاع عن الأرواح والأصول الأميركية وردع الهجمات ضد المدنيين وشركائنا الإقليميين».

في موازاة ذلك، قالت القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم»، إن الضربات شاركت بها القوات الجوية والبحرية، وأضافت أن «تقييم الضربات لا يزال جارياً».

أهداف إسرائيل

في غضون ذلك، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منظومة «ثاد» الدفاعية الأميركية، التي نشرتها واشنطن برفقة 100 جندي لتشغيلها، في بئر السبع والنقب بهدف زيادة تأمين إسرائيل بمواجهة الرد الإيراني المحتمل على الضربة الوشيكة التي يتوقع أنها لن يسبق لها مثيل ضد الجمهورية الإسلامية.

وتزامن ذلك مع كشف مصدر إسرائيلي لشبكة «أي بي سي» أن نتنياهو وافق على مجموعة من الأهداف لمهاجمة إيران دون الإفصاح عن نقاط محددة أو جدول زمني لتنفيذ الرد الانتقام ضد هجوم طهران الذي نفذ بنحو 200 صاروخ بالستي.

ولم يذكر المصدر ما إذا كانت جميع الأهداف عسكرية بحتة أم لا في ظل استمرار المخاوف من أن تطال الضربات أهدافاً نفطية أو مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني رغم التسريبات الأميركية عن تلقي تطمينات إسرائيلية بتفاديها.

كما توقع مسؤولون أميركيون، أن تنفذ إسرائيل ردها قبل الانتخابات الأميركية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل.

وعيد إيراني

على الجهة المقابلة، ذكرت أوساط يمنية، أن الضربات استهدفت العاصمة صنعاء ومدينة صعدة، فيما توعّدت «أنصار الله»، المتحالفة مع إيران، بأنّ الهجمات الأميركية، «لن تمرّ دون ردّ»، مؤكدة أن الغارات لن تثنيها عن «مواجهة الغطرسة الإسرائيلية ومساندة غزة وفلسطين».

وفي طهران، حذر قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، إسرائيل من مهاجمة بلده، مخاطباً إياها بالقول: «إن ارتكبتم خطأ وهاجمتم أهدافاً لنا في المنطقة أو في إيران فسنوجه مجدداً ضربة موجعة لكم».

وأتى كلام سلامي خلال مراسم تشييع اللواء في «الحرس الثوري» عباس نيلفروشيان في أصفهان، بعد مقتله مع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.

وفي خطابه، ندد سلامي بتسليم الولايات المتحدة منظومة ثاد المضادة للصواريخ إلى إسرائيل، مؤكداً أنها لا تشكل درعاً «موثوقة» لصد هجوم إيراني.

وقال «انتبهوا، نحن نعرف نقاط ضعفكم وأنتم تعرفونها أيضاً جيداً».

السيسي وعراقجي

على الصعيد الدبلوماسي، شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بحضور نظيره المصري بدر عبدالعاطي على الموقف المصري الداعي لعدم توسع دائرة الصراع وضرورة وقف التصعيد للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، ستكون ذات تداعيات خطيرة على أمن ومقدرات جميع دول وشعوب المنطقة.

وأكد السيسي ضرورة استمرار وتكثيف الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، ووقف الانتهاكات والاعتداءات في الضفة الغربية، وإنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة والكافية لإنهاء المعاناة المتفاقمة للمدنيين.

واستعرض السيسي مع عراقجي، الذي يعد أرفع مسؤول إيراني يزور القاهرة منذ عام 2014، التطورات الجارية بالمنطقة، واستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين الدولتين.

وتضمن جدول اجتماعات الوزير الإيراني، بالإضافة إلى التحركات الرامية إلى تهدئة الوضع إقليمياً، في ظل احتمال اندلاع المواجهة الشاملة بين إيران وإسرائيل، مباحثات بشأن ملف الوضع في البحر الأحمر واليمن وغزة ولبنان وسورية. ومن المقرر أن يختتم عراقجي جولته الدبلوماسية المكثفة التي شملت العديد من الدول الخليجية والعربية من تركيا.

تحذير روسي

في هذه الأثناء، أفادت الخارجية الروسية بأنها تتبادل وجهات النظر بشأن الوضع في الشرق الأوسط مع طهران، لافتة إلى أن «موسكو تحذر إسرائيل من توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية».