لأنها دولة لا تنتمي إلى منطقتنا العربية بصلة، لا تاريخياً، ولا دينياً، ولا ثقافياً، ولا أخلاقياً، ولأن سكانها عبارة عن عصابة وحثالة صهيونية جاءت مهاجرة من قارات وثقافات ولغات متنوعة، مؤسسين دولة احتلال واستيطان وتوسع على أشلاء أبناء الشعب الفلسطيني قتلاً وإبادةً جماعية وتطهيراً عرقياً وتهجيراً.

ومن العجيب، أن تعتبر هذه العصابة نفسها أنها السلالة المباشرة لقبائل إسرائيلية قديمة عاشت بالمنطقة منذ أكثر من أربعة آلاف عام!! ومنذ «وعد بلفور» عام 1917م الذي لم يرد فيه ذكر أو مكانة أو أهمية لمستقبل الشعب الفلسطيني، حتى قال بلفور في مذكراته: ليس في نيتنا مراعاة مشاعر سكان فلسطين، إن القوى الأربع الكبرى ملتزمة بالصهيونية، سواء كانت الصهيونية على حق أم على باطل، إن أهمية الصهيونية تفوق كثيراً رغبات وميول 700 ألف عربي يسكنون على هذه الأرض. لهذا تفجرت عملية طوفان الأقصى وأصابت الأسطورة المقدسة للصهيونية في مقتل معنوي أولاً قبل أن ترجف بالكيان العسكري لجيش الاحتلال، فعملية طوفان الأقصى تسببت باهتزاز المشاعر والمعتقدات عند الصهاينة بمصداقية النبوءات التوراتية ويحاولون نسيان ذلك اليوم المشؤوم عليهم وإعادة شعور الثقة والاعتبار للتوراة من خلال عقيدة الانتقام الوحشي بإبادة الشعب الفلسطيني والتغطية على كذب التوراة بأنهم شعب الله المختار، وأن الله يرعاهم ويحارب معهم وخوفهم عن قرب نهاية المشروع الصهيوني الذي خططوا وعملوا واستعدوا له لما يربو على أربعة قرون.

Ad

إن العقيدة الأمنية العسكرية الإسرائيلية تقتضي خوض الصهاينة حروباً قصيرة المدة مع تحويل القتال لساحة العدو بأسرع وقت، بينما فرضت عملية طوفان الأقصى معادلة صراع جديدة، فلأول مرة تقع الحرب داخل الساحة الإسرائيلية لا خارجها، ولأول مرة نرى لاجئين صهاينة يتجاوز عددهم 70 ألف مستوطن، ولأول مرة تتجاوز الحرب عامها الأول وما زالت، ولأول مرة تواجه إسرائيل خطراً وجودياً حقيقياً، ولأول مرة تتدخل دولة غير عربية– جمهورية إيران الإسلامية– بالقتال المباشر مع إسرائيل، ولأول مرة تُقْصف إسرائيل من قِبل دولة لا تشاركها الحدود– الجمهورية اليمنية– وثبت بالواقع أنه لا «قبة حديدية» تحميها، وأنها دولة مكشوفة وليست محصنة كما كان إعلامها المضلل يروج دائماً ذلك الأمر. علينا نحن العرب أن نعي أننا أمام شعب ونظام صهيوني متوحش، يقول مناحيم بيغن: أنا أحارب إذاً أنا موجود، وتقول إحدى شخصياتهم: نريد أن ننضم لنادي الزعماء الأقوياء الذين لا يراعون المبادئ ولا الأخلاق، ليصفونا بأننا كلاب مسعورة، فكل محرم مسموح في سبيل البقاء، ماذا لوقتلنا مليون عربي أو ستة ملايين، سيكتب التاريخ روايات عظيمة عن مذابحنا ضد العرب.

وتضيف عالمة نفس إسرائيلية قائلة: إن التعايش مع الحرب كان ولا يزال جزءاً رئيساً من حياتنا، الحرب في إسرائيل جزء من الماضي والحاضر والمستقبل، لابد من الاستعداد للحرب القادمة، نحن فقط نسأل متى تحين الحرب القادمة، الحروب حقيقة وجودية وإسرائيل ثكنة عسكرية.

نعم، هكذا هم يرون أنفسهم، دولة على شاكلة معسكر، ونحن نراها دولة مؤقتة لشعب سيرحل يوماً ما.