استثمار شوارعنا الداخلية رؤية مختلفة
سرعة الشوارع الداخلية الرئيسة المسموح بها للسيارات 45 كم، إلا أن السيارات بمختلف أحجامها تصل سرعتها من 60 الى 80 مما يحول هذه الشوارع الى شيء مرعب، ونحن نعلم أن البيوت تصطف على هذه الشوارع وبعضها يلامس الشارع نتيجة غياب المخططات والمساحات التي يجب أن يراعى فيها توفير الأمان، فضلا عن غياب فلسفة تحويل المدن الإسكانية كما هي الحال في المدن الإسكانية لدى المملكة العربية السعودية الجديدة في الرياض، مثل ضاحيتي الفرسان والخزام الى مدن يكون فيها المشي على الأقدام وصولاً للمراكز الخدمية المختلفة على مسافة خمس دقائق، والبعيد منها على مسافة 15 دقيقة، ويرتكز هذا الاستهداف الى صياغة الشوارع، وكل مكونات هذه المدن من البيوت والمرافق والأبعاد بحيث تقل الشوارع الداخلية والممرات التي تسمح للسيارات بالتنقل بين أجزاء المدينة، للدفع بالسكان الى ممارسة المشي، وهنا سنجد المدن آمنة للأطفال والكبار بعد أن تم حصر الشوارع في حدود الضرورة مع سهولة التحكم في سرعات المركبات.
لا بد من الأخذ بالمخطط السعودي في المدن الإسكانية الجديدة كتجربة تراعي حماية الإنسان وتراعي صحته بالمشي وتسهم في إحداث التواصل المجتمعي نتيجة المشي، وخصوصاً تواصل الأطفال وإحياء قيم الجيرة والصداقة والتفاعل الإيجابي بين الأطفال، ففي كل قطعة تقريبا لا توجد حديقة مغلقة كما هي حالنا بل هناك مساحة خضراء مفتوحة فيها كل الألعاب للأطفال وفيها المقاهي والسوبرماركت والمطاعم.
إذاً ما العمل في مناطقنا وشوارعنا المرعبة؟
الحل الأمثل وضع مطبات متقاربة على شكل لا يضر بالمركبات، ووضع كاميرات رصد للمخالفين سواء في السرعات أو استخدام الهاتف أثناء القيادة وهو الأخطر، إذ يؤدي الى الدهس والحوادث القاتلة في ظل كثرة المارَّة من مختلف الأعمار، ووجود المدارس، وقبل ذلك وجود الاستهتار في القيادة وعدم الالتزام بالسرعات المطلوبة كما أسلفنا، فتحولت الشوارع الداخلية الى خطوط سريعة (highway) مرعبة.
كذلك تحقيقا للأمان وتحفيز السكان على المشي وخروج الأطفال لا بد من إزالة الأشجار بين الشوارع، وتحويل ما بين نهري الشارع الى ممر آمن ذي مسارين منفصلين واحد لممارسة المشي والثاني للدراجات الهوائية أو للسكوترات ما أمكن ذلك بعد التحكم في سرعات السكوترات ومنع العبث بها لأن البعض يمارس تغيير سرعاتها الطبيعية.
ويجب استغلال المساحات الفضاء في المناطق وتحويلها الى رئة ترفيهية للمناطق في شكل ساحات مكشوفة منظمة يكون فيها ألعاب الأطفال ومختلف الأعمار والمقاهي في شكل أكشاك جميلة وشاحنات طعام (food trucks) توفر لها الحكومة الكهرباء والماء مجانا فضلا عن الصرف الصحي وكل المتطلبات لهذه الأنشطة.
وتدار كل هذه الفعاليات بنظام دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وهي أنشطة في معظمها غير مكلفة، وتُدر دخلاً مُجْزِياً، وفيها حافز يدفع الشباب الطموح وذوي الهوايات المميزة الى هذا المجال، وتوفر فرص عمل تقلل من البطالة المقنعة التي وصلت إلى حدود ما بعد التضخم.
ما طرحناه يعتبر منظومة تستهدف الأمان والصحة الجسدية بالحركة والمشي والصحة النفسية بالتواصل وإحياء قيم الصداقة بين أهالي المنطقة، ووجود الترفيه والتفاعل المجتمعي، وتستهدف تحقيق تطوير اقتصادي بتوفير فرص عمل خارج القطاع الحكومي العام المتورم بالبطالة المقنعة، وزرع جماليات المكان، فهل يكون لهذه الأطروحات الجميلة وقع على آذان المسؤولين؟؟