بعد حديث الرئيس الأميركي جو بايدن عن «فرصة لإطلاق مسار السلام» بمقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، في ضربة اعتبرها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «بداية نهاية» العدوان على غزة، أرسلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جنوداً «كوماندوز» إلى إسرائيل، للمشورة في جهود استعادة الرهائن المحتجزين بالقطاع منذ هجوم 7 أكتوبر 2023.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين أن «البنتاغون ضمت ضباط استخبارات لاحقاً إلى جنود الكوماندوز في إسرائيل»، موضحين أن «6 طائرات مسيرة من طراز إم - كيو - 9 نفذت مهام للمساعدة في تحديد موقع الرهائن».
لا إفراج
وفي بيان نعيها للسنوار، والذي تلاه أمس، عضو مكتبها خليل الحية، شددت «حماس» على أنها لن تفرج عن الرهائن المحتجزين منذ أكثر من سنة، قبل أن توقف إسرائيل عدوانها، الذي تسبب في مقتل 42 ألفاً و519، ودمار القطاع بشكل شبه كامل.
وقال الحية، في رد غير مباشر على موجة الدعوات الدولية، التي أعقبت مقتل السنوار، لإطلاق سراح الرهائن، «نقول للمتباكين على أسرى الاحتلال لدى المقاومة إنهم لن يعودوا لكم إلا بوقف العدوان على شعبنا في غزة، والانسحاب الكامل منها، وخروج الأسرى الأبطال من سجون الاحتلال».
ومن أصل 251 شخصاً أخذوا رهائن خلال هجوم 7 أكتوبر، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول جيش الاحتلال إنهم لقوا حتفهم.
نقطة تحول
وفي وقت اعتبر قادة غربيون أن مقتل السنوار، الذي كانت تنظر إليه إسرائيل على أنه أكبر عقبة أمام أهدافها بغزة، قد يشكل فرصة لإنهاء الحرب، إلا أن مقتله زاد من تعقيد المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
وفي حين شكل خسارة «حماس» ثاني زعيم لها بعد إسماعيل هنية في أقل من 3 أشهر ضربة قوية للحركة، وجعل أمور المرحلة المقبلة أكثر ضبابية، كلفت إسرائيل أجهزتها الاستخبارية متابعة المفاوضات مع الوسطاء، الولايات المتحدة وقطر ومصر، لكن مهمة هؤلاء لن تكون أسهل من ذي قبل، خصوصاً أن السنوار كان يمسك جميع ملفات التفاوض بيده.
5 مرشحين
ومع رحيل السنوار، بات يتعين على «حماس» أن تختار قائداً جديداً لها سيكون على الأرجح من المقيمين خارج غزة، وفي مقدمتهم زعيمها السابق خالد مشعل، ورئيس مجلس الشورى محمد درويش، إلى جانب خليل الحية كبير مفاوضيها، وسط توقعات بأن يتولى شقيقه محمد السنوار دوراً أكبر في الحرب مع إسرائيل من داخل القطاع.
ويُنظر إلى درويش والحية على أنهما قريبان من طهران، على عكس مشعل الذي باتت فرصه غير واضحة، بسبب علاقته المضطربة بها منذ دعمه الاحتجاجات ضد الرئيس السوري بشار الأسد في 2011.
وسيتعين على «حماس» في مداولات القيادة ألا تأخذ في الاعتبار الخيارات المفضلة لإيران فحسب، بل يتعين أيضاً مراعاة مصالح دول يقيم فيها حالياً جميع المرشحين الرئيسيين لتولي منصب رئيس مكتبها السياسي، خصوصاً قطر.
ولا يمكن إغفال قوة محمد نزال، التي ظهرت في الانتخابات الأخيرة. ونزال من الضفة الغربية، لكنه ولد ونشأ في العاصمة الأردنية عمّان، ثم درس في الكويت، ثم التحق بـ«حماس» مع بداية تأسيسها، قبل أن ينتخب عضواً في المكتب السياسي عام 1996 وحتى الآن، ويعد أحد صقور «حماس».
ومن بين الأسماء المطروحة أيضاً موسى أبومرزوق، وهو أحد مؤسسي حركة حماس عام 1987، وكان الرئيس الأول لمكتبها السياسي، وهو حالياً نائب رئيس الحركة في الخارج، وهو من مواليد عام 1951 في مخيم للاجئين بمدينة رفح (عائلته تهجرت من قرية بقضاء الرملة)، ويتوقع في كل الأحوال أن يتم اختيار قائد «حماس» من بين هؤلاء، وليس أي أحد داخل قطاع غزة، بعد السنوار، وفي ظل انقطاع بالاتصالات مع بعض قادة المكتب السياسي في غزة.
ولدى «حماس»، التي أسسها الشيخ أحمد ياسين 1987، تاريخ طويل في استبدال قادتها بسرعة وكفاءة، لوجود مجلس الشورى، أعلى هيئة لصنع القرار في الحركة، المكلف باختيار زعيم جديد، الذي يضم ممثلين عن حركة حماس في غزة والضفة والسجون والشتات، وهذا يعني أن الزعيم الجديد ستكون لديه سلطة الدخول في محادثات وقف إطلاق النار حتى لو لم يكن في غزة.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط، عن مصادر، أن «حماس» تتجه إلى إخفاء هوية رئيس مكتبها السياسي الجديد، بعد اغتيال إسرائيل رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار في قطاع غزة، بعد أقل من 3 أشهر على اغتيال الرئيس السابق إسماعيل هنية في طهران.
خامنئي وجباليا
وفي أول رد فعل له قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن «خسارة السنوار مؤلمة بلا شك لمحور المقاومة، لكن هذه الجبهة لم تتوقف عن التقدم باستشهاد قادتها وحماس حية وستبقى حية»، وتابع: «السنوار كان رمزاً بارزاً للمقاومة والجهاد، وقد صمد بعزيمة فولاذية في وجه العدو المعتدي والظالم».
وعلى الأرض، شددت القوات الإسرائيلية حصارها على مستشفيات جباليا، وشنت المزيد من الغارات على أنحاء غزة، أسفرت عن مقتل 32 شخصاً على الأقل اليوم.
وأعلن الدفاع المدني اليوم، مقتل أكثر من 400 فلسطيني منذ إطلاق جيش الاحتلال حملته على محافظة شمال غزة، التي تضم جباليا ومخيمها وبيت لاهيا وبيت حانون، في 6 أكتوبر. وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) اليوم انقطاعاً كاملاً لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».