رخصة المحلل... مهنة ضائعة في السوق العقاري
وسائل التواصل تعجّ بالتوصيات والشائعات... دون رقابة
يعاني القطاع العقاري المحلي العديد من الإشكاليات والممارسات السلبية، منها، على سبيل المثال لا الحصر، وجود وسطاء غير معتمدين أو ما يسمى بالمتجولين، الذين تعرض العديد من المواطنين بسببهم لعمليات نصب واحتيال، وأيضاً نقص المعلومات المتوافرة عن الصفقات العقارية، وتضمن بعضها أخطاء أربكت السوق خلال فترات معينة، وآخر الممارسات السلبية، التي طفحت على السطح خلال الآونة الأخيرة... التحليل العقاري.
فوسائل التواصل الاجتماعي تعجّ بالعديد ممن يسمون أنفسهم «خبراء العقار»، ومن خلال حساباتهم أو مقاطع مصورة يقومون بتحليل السوق العقاري، ويصدرون التوصيات دون وجود صفة رسمية أو رخصة تسمح له بالتحليل، ويتركز معظم تحليلاتهم وتوصياتهم على العقارات السكنية.
التحليل العقاري من المفترض أن تكون له رخصة كغيره من الأنشطة العقارية مثل الوساطة العقارية أو التقييم العقاري والتطوير وغيرها الكثير، وأيضاً كما هو معمول في سوق الأوراق المالية، إذ لا يسمح للأشخاص أو المؤسسات تحليل الأسهم أو إصدار توصيات دون وجود رخصة معتمدة، ويتم التحليل أو التوصية وفق ضوابط معينة.
وتأتي أهمية وجود رخصة للتحليل العقاري حتى لا يستغل البعض مناصبهم أو شهرتهم في تضليل الشارع أو تحقيق منفعة شخصية أو الضرر بأشخاص آخرين، حيث أصبح البعض يصدر توصيات بالشراء أو البيع، وبلا شك له تأثير على الأقل على نفسيات الراغبين في التعامل.
الدول الخليجية أوقفت التحليلات العشوائية وأطلقت تراخيص بشأنها
وينقسم المحللون في وسائل التواصل الاجتماعي إلى فريقين، أحدهما ينذر بانهيار قادم لأسعار العقارات معتمداً على بعض الصفقات التي تمت في الفترة الأخيرة، إضافة إلى عوامل أخرى، ويوصي بعدم الشراء في الوقت الحالي، أما الفريق الآخر فيطلق توصيات بضرورة الشراء بأسرع وقت ممكن، وأن الأسعار مقبلة على ارتفاعات جنونية معتمداً أيضاً على عدة عوامل، منها الانخفاض القادم في أسعار الفائدة.
ويفتقد القطاع العقاري إلى توافر المعلومات الكافية والوافية عن الصفقات العقارية التي تمت، وهذا يعتبر عاملاً مساعداً للراغبين في إصدار توصيات بحسب أهوائهم، فهناك العديد من الصفقات يتم تسجيلها بأسعار مرتفعة وأخرى منخفضة، دون وجود معلومات كافية عنها، ولماذا هي مرتفعة أو منخفضة السعر.
ويوضح العديد من العقاريين أن هناك صفقات يتم تسجيلها بأسعار متراجعة، إذ تكون عادة بالاتفاق بين الورثة، أي لا يمكن الاستناد عليها في تحليل الصفقات، وأيضاً هناك صفقات تتم بأسعار مرتفعة جداً، لوجود رغبة لدى المشتري.
وعند مقارنة القطاع العقاري بالقطاعات الخليجية، فقد شهدت الأخيرة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الماضية تطورات لافتة على جميع الصعد، وساهمت القرارات المتخذة من الحكومات في تنظيم القطاع، انعكست إيجاباً سواء على الراغبين في السكن أو في الاستثمار.
وأصدرت دول الخليج اللوائح التنظيمية لنشاط الاستشارات العقارية والتحليلات العقارية، وميّزت بين المفهومين، فالاستشارات العقارية هي التوصية أو الرأي أو المشورة المتصلة بالقطاع العقاري، التي تقدم للمستفيد بأي وسيلة، سواء مكتوبة أو مرئية أو مسموعة أو نحوها.
أما التحليلات العقارية، فهي الرأي أو التحليل المتصل بالقطاع العقاري، الذي يقدم للعموم عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي أو نحوها.
كما وضعت العديد من الضوابط للحصول على أحد الترخيصين، ومنها ألا تقل خبرة المتقدم عن 10 سنوات في القطاع العقاري، وأن يكون حاصلاً على شهادة جامعية في تخصصات ذات علاقة بالعقار، كما أطلقت برامج تأهيلية للحصول على ترخيص مزاولة الاستشارات والتحليلات العقارية.
ويعتبر القطاع العقاري المحلي من أنشط القطاعات الموجودة، إذ بلغت سيولته خلال فترة 9 أشهر المنتهية من العام الحالي 2.56 مليار دينار، مقارنة بسيولة قيمتها 2.28 مليار، خلال الفترة ذاتها من العام 2023، بارتفاع 12.2 في المئة.
ومن المتوقع أن تصل في نهاية العام الحالي إلى ما قيمته 3.23 مليارات دينار، أي أعلى بما نسبته 11.6 في المئة، عن مستوى تداولات العام السابق البالغة نحو 2.89 مليار.