«دخيلكن كرمال الله حلوا عنا»
نبدأ حيث انتهينا أغسطس العام الماضي بمقال وقف مساعدات لبنان: «علينا عدم جعل ملايين الكويت كالأكسجين يبقي الإرهاب بلبنان على قيد الحياة ليعود فيضربنا مرة أخرى»، فزعماء الأحزاب هناك على ثقة بتعويضنا لخسائرهم بعد كل جريمة يرتكبونها بحق لبنان، وهو ما نذكر به سمو رئيس الوزراء الذي تواصل منذ عشرة أيام مع نظيره اللبناني لإغاثتهم.
فالقصف الإسرائيلي موجه للضاحية الجنوبية، معقل حزب الله الخاضع لإيران، وإن قدمنا مساعداتنا للنازحين من الجنوب فإنها ستذهب لحزب إيران وأعوانه، الذي أجرم بإرهابنا منذ الثمانينيات وحتى آخرها بخلية العبدلي! مما يؤكد حقنا بطلب وقف المساعدات، ولندع إيران تقدمها كما صرح زعيمهم الهالك: «موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران».
ولقد تساءلنا بالسابق إلى متى ستبقى الكويت وصية على بقاء تعقيد غير منسجم يضم ثمانية عشر مزيجاً عرقياً وطائفياً بعض ولاءاتهم خارجية ومنها لإسرائيل؟! فُرقاء متقاتلون بمجازر وحشية بحربهم الأهلية وباغتيالات بشعة كداني شمعون وعائلته، وتمر ذكراها غداً عام 1990، وكذلك طوني فرنجية وعائلته ورفيق الحريري، وأكثر من ثلاثين اغتيالاً منها لرؤساء، وبعض مرتكبيها ما زالوا أحياء! فعلى أي رهان خاسر نعول ككويتيين لننقذ هذه الفوضى التي يسرقها سياسيوها، ويأتوننا كل مرة ليشحتوا بينما «مصريّاتهم» المليارية كفيلة بإعادة إعمار لبنان.
وعلى أي ديموقراطية نتكل ورئيس برلمانها يتوسل الآن للعرب لتسوية توافقية وإعادة إعمار، وبالنقيض يؤيد بلطجة حزب الله الذي يسميه الأخ الأكبر قائلاً «إن موقف حزب الله في الميدان جيد جداً، ويمكنه أن يساعد في وقف إطلاق النار»!! وكيف سيتوقف مسيو نبيه حين يطلقون صاروخين على تل أبيب لترد إسرائيل وتمحو قرى بأكملها ولديها كل الذرائع لسحق لبنان. ناهيك عن أن زعيم البرلمان لا يعترف بكل القرارات الدولية ومنها 1559، أي يماطل لعدم عودة الدولة اللبنانية، لذلك نقول للرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ما قلناه لوليد جنبلاط مارس العام الماضي «حِل عنّا»، فأنتم لن تتفقوا على شيء، وتطلبون المساعدات وتتناحرون في آن واحد؟! فلم ينفعكم اتفاق الطائف ولا الدوحة ولا باريس 1 ولا 2 و3 ولا قرارات مجلس الأمن، بينما تدير طهران رحاكم بالحرب وتقلّب شؤونكم! حتى خرج اللبنانيون بمظاهرات شعبية منذ خمسة أعوام، ذكراها الخميس الماضي، مطالبين برحيل رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان.
أوضحنا بالسابق أنه من المؤسف ملامسة مساعداتنا للبنان حاجز المليار دولار، ثم يأتي أحد مديري الصندوق الكويتي السابقين وبكل سذاجة ليقول «إن مساعدات الكويت لا ترتبط بفرض سياسات معينة»، وهي خطيئة سياسية علينا تفاديها ففلسفة الدول العظمى لا تقدم دولاراً واحداً دون فرض مصالحها، لذلك طالبنا بعدم تقديم مساعدات للبنان حتى يُنزع سلاح حزب الله وبعد الحفاظ واسترجاع مصالح الكويتيين كمن اقتحمت عقاراتهم من قبل النازحين وسرقت ممتلكاتهم.
إن الإغاثة العينية للمتضررين غير الموالين لإيران ممكنة إنسانياً، دون مساعدة الدولة وفيها حزب إرهابي ووزير سابق عميل، مسحنا به الأرض أبريل الماضي بمقال «سد نيعك وئام بيك» تدخل بقرارنا حل مجلس الأمة، ليهددنا الآن ببذاءة لنعمر لبنان وأرجلنا على رقابنا؟! فلا يجب مد أيدينا على حساب كرامتنا ولا وصايتنا على بلد متناحر حله الوحيد برأينا أن ينقسم إلى ثلاث دويلات، سنية ومسيحية وشيعية، وتستسلم حكومته رسمياً، ويستغل شعبه هذه الفرصة التاريخية للتخلص من حزب الله بدعم دولي، لذلك نقول للرئيسين بري وميقاتي، حتى تستعيدوا شتاتكم «دخيلكن وكرمال الله حلّوا عنا»!
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.