لم يكن مستغرباً رد الفعل العفوي الذي شعر به العرب، وفي سورية تحديداً، عندما ضُرب الحزب الإيراني في لبنان، واستُهدفت قياداته واحداً واحداً على يد العدو، فلم يكن حباً في الصهاينة إطلاقاً وبتاتاً، ولكنه كرهاً فيهم وفي النظام الإيراني الذي زرعهم في ديارنا، وهناك مثل تاريخي قديم ومؤلم يجب أن يستوعبه الغافلون عن مجريات ما يحدث في بلادنا، فهو «ليس حباً في علي ولكن كرهاً في معاوية» وعلى الحر هنا أن يفهم.
رد الفعل على ما حصل لذلك الحزب لم يكن تأييداً للعدو الصهيوني، كما يحلو لبعض المرتزقة والموالين للميليشيات تصويره، حاشا لله، بل هو للتخلص من هؤلاء المجرمين الذين ارتكبوا مجازر في حق العرب لم يرتكبها العدو، لقتلهم ملايين العرب أكثر مما قتلت إسرائيل منذ تأسيسها، ولتهجيرهم عشرات الملايين، ولتدميرهم مدناً بأكملها.
الآن، نود أن نسأل الدولة الصهيونية أولاً وأميركا والغرب ثانياً، عن سبب منع أميركا لإسرائيل عن النيل من المفاعلات والبرنامج النووي الإيراني، أليس هذا غريباً؟ ولماذا إذاً هذه الضجة المفتعلة عليه، ألا يجعلنا ذلك نتوجس من تأكد أميركا أن هذا البرنامج موجه ضد العرب تحديداً وليس لإسرائيل والغرب؟
ولماذا ضُرب المفاعل الفرنسي في العراق حتى قبل أن يستكمل؟ ولماذا ضُرب مقر علمي متواضع في سورية وهو في طور الإنشاء؟ ولماذا مُنعت مصر من تطوير صواريخها، وقُضي على برنامجها المتواضع وهو في مهده، بينما تُركت إيران تطوّر وتصنع ما تشاء من سلاح بشتى أنواعه؟ أليس هذا دلالة أكيدة على أن كل ما يجري في منطقتنا هو مخطط متعمد ضد العرب؟
ألا يثير التساؤل أن إسرائيل لا تضرب ولا تدمر إلا الدول العربية التي تسيطر عليها الميليشيات العميلة لإيران، وكأنها تستكمل ما تم فيها من دمار مالي واقتصادي وعسكري؟ إسرائيل وأميركا والغرب، والعالم أجمع يعلم من الذي وراء تلك الميليشيات ومن أين تأتيهم الأوامر.
نحن لسنا بعسكر ولا بدول عظمى، ولكننا نعلم أن القضاء على الأفعى لا يتم إلا بقطع رأسها، ولن نصدق أبداً أن لا أحد من دول الغرب وإسرائيل يعلم من هي رأس الأفعى، وأنه لا يعلم أنه لا نفع من ضرب ذيولها.
لا تهمنا كمية الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل مِمَن يسمّون أنفسهم بمحور المقاومة، ولا تهمنا الخسائر الإسرائيلية مهما بولِغ فيها، نحن كعرب يهمنا أن أربع دول عربية تعرّضت لهجمات مميتة ومدمرة ومكلفة من ذلك العدو، كرد فعل على تلك الصواريخ، وأن من أمر بإطلاقها لم تصبه شظية واحدة.
تساؤلات لابد منها:
هل محاولة اغتيال نتنياهو الفاشلة هي الضوء الأخضر لبدء اغتيالات للصف الأول الإيراني؟
وهل تمرد السيد ميقاتي على تدخل رئيس البرلمان الإيراني في الشأن الداخلي هو بداية النهاية على انحسار الهيمنة الإيرانية على القرار الوطني اللبناني؟