إسرائيل تستقبل بلينكن بمقترحات جديدة حول غزة
الاحتلال يشدد حصار المستشفيات ويعتقل الرجال في مخيمات النازحين
بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة في الشرق الأوسط، هي الحادية عشرة له إلى المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023، في محاولة جديدة، وقد تكون الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقررة في 5 نوفمبر المقبل، للدفع نحو وقف لإطلاق النار في غزة، عقب مقتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار بنيران إسرائيلية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، إن «بلينكن سيناقش، في أنحاء المنطقة، أهمية إنهاء الحرب في غزة، وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وسيواصل المناقشات حول التخطيط لفترة ما بعد الصراع، ويؤكد ضرورة رسم مسار جديد للمضي قدماً يتيح للفلسطينيين إعادة بناء حياتهم وتحقيق تطلعاتهم بعيداً عن طغيان حماس».
وأضاف ميلر، أن بلينكن سيؤكد أيضاً ضرورة العمل على زيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة بشكل كبير، وهو الأمر الذي أوضحه بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن في رسالة إلى المسؤولين الإسرائيليين الأسبوع الماضي، تضمنت تذكيراً لإسرائيل بأن إدارة بايدن قد تضطر بموجب القانون الأميركي إلى تقليص بعض أشكال المساعدات العسكرية إذا استمرت إعاقة تسليم المساعدات الإنسانية.
وتزامناً، كشف الإعلام الإسرائيلي أمس عن مقترح جديد لصفقة تبادل مع حركة حماس يتضمن إطلاق سراح 5 رهائن أحياء مقابل هدنة لأسبوعين. وعشية وصول بلينكن، ناقش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع للمجلس الوزاري المصغر (الكابينت) امتد حوالي 8 ساعات، «أفكاراً جديدة» لصفقة تحرير المحتجَزين في غزة.
ووفق صحيفة معاريف، فإن وزراء الدفاع يوآف غالانت والخارجية يسرائيل كاتس، والعدل ياريف ليفين، دعموا مقترح الهدن مقابل الرهائن، إلا أن وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير عارضاه.
وأوضح مكتب نتنياهو، في بيان أمس الأول، أنه «خلال الاجتماع في مقر وزارة الدفاع طُرحت أفكار جديدة من أجل دراسة جدواها بشأن إطلاق سراح المحتجزين».
وقال مسؤول إسرائيلي، لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، إن اجتماع «الكابينت» جاء بعد زيارة رئيس الشاباك رونين بار للقاهرة أمس الأول، ومناقشته مع رئيس المخابرات المصرية الجديد حسن رشاد سبل إحياء مفاوضات صفقة الرهائن بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار.
وصرح مسؤول إسرائيلي، قبل الاجتماع، بأن إسرائيل كانت تبحث عن فرصة لإنهاء حرب غزة، من خلال صفقة تبادل أسرى، مؤكدا أن جثمان السنوار سيكون «ورقة تفاوضية أخرى».
ورغم تبادلهما الانتقادات العلنية خلال الأسابيع القليلة الماضية، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، نتنياهو بأنه يرى في مقتل السنوار فرصة لمرحلة جديدة محتملة من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. إلى ذلك، ألقى زعيم «حماس» بالخارج خالد مشعل كلمة أبّن فيها السنوار، وشدد خلالها على «صمود المقاومة الفلسطينية في نضالها ضد الكيان الصهيوني حتى تحرير فلسطين».
وقال مشعل: «خسرنا خلال عملية طوفان الأقصى عدداً كبيراً من قادة المقاومة في غزة والضفة والخارج وأبناء المخيمات»، وتابع: «القادة والقيادات الشهداء هم رموز الأمة الفلسطينية، واغتيال يحيى السنوار لن يثني المقاومة عن هدفها المنشود، وهو التحرر من الاحتلال الصهيوني».
ميدانياً، ذكر سكان ومسعفون أن القوات الإسرائيلية نسفت منازل وحاصرت مدارس ومخيمات للنازحين، أمس، مع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في جباليا بشمال قطاع غزة، وأضافوا أن القوات جمعت الرجال وأمرت النساء بمغادرة المخيم.
وذكر مسعفون في المستشفى الإندونيسي، لـ«رويترز»، أن القوات الإسرائيلية اقتحمت مدرسة واحتجزت الرجال قبل إشعال النار في المنشأة، وأضافوا أن الحريق وصل إلى مولدات المستشفى وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي.
وأفاد مسؤولون في وزارة الصحة الفلسطينية بغزة بأنهم رفضوا أوامر من الجيش الإسرائيلي، الذي بدأ توغلاً جديداً في شمال القطاع قبل أكثر من أسبوعين، بإخلاء المستشفيات الثلاثة في المنطقة أو ترك المرضى دون رعاية، وأضافوا أن القوات الإسرائيلية بقيت خارج المستشفى دون أن تقتحمه. وذكر مسعفون في مستشفى ثانٍ، مستشفى كمال عدوان، أن القوات الإسرائيلية أطلقت نيراناً كثيفاً بالقرب من المستشفى خلال ساعات ليل الاحد ـ الاثنين.
وأشار مسؤولون في وزارة الصحة إلى أن 18 شخصاً قتلوا في جباليا، و8 في أماكن أخرى بقطاع غزة جراء غارات إسرائيلية.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن قواته تواصل العمليات البرية في جميع أنحاء قطاع غزة، مضيفاً، في بيان، أنه خلال اليوم الماضي، قامت القوات بتفكيك بنية تحتية لمسلحين، ودمرت فتحات أنفاق وقتلت مقاتلين في منطقة جباليا. ولم يعلق الجيش على الوضع الحالي فيما يتعلق بالمستشفيات والمخيمات. وذكرت الأمم المتحدة أنها لم تتمكن من الوصول إلى المستشفيات الثلاثة في شمال غزة، مطالبة بالسماح لها بإدخال المساعدات إلى مناطق الشمال.
وأفادت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: «نشعر بقلق متزايد من أن الطريقة التي يدير بها الجيش الإسرائيلي الأعمال القتالية في شمال غزة، إلى جانب التدخل غير القانوني في المساعدات الإنسانية، والأوامر التي تؤدي إلى النزوح القسري، قد تكون سبباً في القضاء على الفلسطينيين شمال غزة (سواء) بالموت أو التهجير».
وتقول إسرائيل إنها تسمح بإدخال كميات كبيرة من الإمدادات الإنسانية إلى غزة، من خلال عمليات التوصيل البري والإسقاط الجوي. وتقول أيضاً إنها يسرت إجلاء المرضى من مستشفى كمال عدوان. ويقول الفلسطينيون إنه لم تدخل أي مساعدات إلى مناطق شمال غزة، حيث تواصل قوات إسرائيلية حملتها.
وذكر سكان ومسعفون أن القوات الإسرائيلية شددت حصارها على جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في القطاع، والذي طوقته بإرسال دبابات إلى بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا المجاورتين وإصدار أوامر إخلاء للسكان.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن أوامر الإخلاء تهدف إلى فصل مقاتلي حماس عن المدنيين، ونفي وجود أي خطة منهجية لإخراج المدنيين من جباليا أو غيرها من المناطق في شمال قطاع غزة، وأضافوا أن القوات المنتشرة في الشمال قتلت العشرات من مسلحي حماس ودمرت بنية تحتية.
واتهمت «حماس» إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق سكان شمال غزة لإجبارهم على الرحيل. وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، إن مقاتليها هاجموا القوات الإسرائيلية هناك بصواريخ مضادة للدبابات وقذائف مورتر، وفجروا قنابل مزروعة بالفعل مستهدفة قوات داخل دبابات وأخرى متمركزة في المنازل.
وفي أماكن أخرى من القطاع، قال مسعفون إن القصف الإسرائيلي أودى بحياة خمسة أشخاص على الأقل في رفح بجنوب قطاع غزة وأربعة آخرين في هجومين منفصلين بمدينة غزة.