خاص

نفطيون لـ «الجريدة•» : فائدة نقل الخبرات الأجنبية للقطاع النفطي بالبلاد تؤول إلى الصفر!

أكدوا أن أغلبها ينحصر في ابتعاث الكوادر الوطنية إلى دورات خارجية «أقرب إلى النزهة»
• بهبهاني: 33 ألف موظف بالقطاع النفطي الأميركي لإنتاج 15 مليون برميل يومياً ولدينا 25 ألفاً لإنتاج 3 ملايين
• بودي: الحفاظ على الكوادر الوطنية من أهم أولويات القطاع النفطي الكويتي
• الحرمي: ضرورة تحديد موعد للانتهاء من مشروع الهيكلة... ولماذا يُنجز على مراحل؟

نشر في 22-10-2024
آخر تحديث 21-10-2024 | 19:31
No Image Caption
أكد عدد من الخبراء والمختصين في القطاع النفطي، أنه رغم أعداد العمالة الوطنية في مؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة لها في كل القطاعات، علاوة على ارتفاع عدد العمالة المسجلة على عقود المؤسسة وشركاتها التابعة لها «المقاولين»، فإننا نجد انخفاض الكفاءة التشغيلية المؤثرة بذلك على كلفة الإنتاج. وقال الخبراء، في تحقيق أجرته «الجريدة» حول مشروع إعادة هيكلة القطاع النفطي، إنه على الرغم من أن عقود المقاولين تشتمل على نقل التكنولوجيا والخبرة إلى الكوادر الوطنية، فإنه في أكثر الأحيان هناك نسبة عالية من هؤلاء الكوادر تُحجب عنهم الخبرة، وتكتفي الشركات بابتعاثهم إلى دورات خارجية شبه معدومة الفائدة، لذلك نجد أن الفائدة من هذه الخبرات تؤول إلى الصفر! وبالنسبة للشراكات الأجنبية، أشاروا إلى أن توجّه القطاع النفطي إلى فتح المجال أمام شركاء أجانب يمكن أن يتم بعد الانتهاء من عمليات إعادة الهيكلة واستقرار التنظيم الجديد للقطاع، وأضافوا أنه، على ما يبدو، لا يوجد توجه لدى قطاعي الإنتاج النفطي والتكرير داخل الكويت حالياً إلى إدخال شركاء أجانب فيهما. وفيما يلي التفاصيل:

بداية قال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني، إن مشروع إعادة هيكلة القطاع النفطي لم يتطرق إلى الشراكات الأجنبية، مضيفاً أن من الأمور الأساسية التي أدت إلى إثارة موضوع شراكة الأجنبي بنظام الشراكة في مخزون (JV، PSC) بواقعها الأساسي، هو الفشل في زيادة المخزون الهيدروكربوني (نفط وغاز) وإطالة عمر المخزون، واستراتيجية موازنة الإنتاج برفع قيمة المنتج.

وتابع من جهة أخرى، أنه يفترض أن الأساسيات التقليدية التي تستوجب دعوة الشركات الأجنبية ذات الخبرة في تحقيق استراتيجيات النفط من خلال نظام الشراكة في المخزون، وليس نظام الخدمات (PSS) هي، مكامن المخزون المعقدة فنياً، وكلفة استكشاف وإنتاج المخزونات المعقدة، وجلب الخبرة والتكنولوجيا لبقائها، وليس رحيلها مع المستثمر، وتقليص مخاطر الاستكشاف والتطوير.

بهبهاني: يجب عزل مجالس الإدارات التي أقرت مشاريع فاشلة والتركيز على الكفاءة لا المحسوبية

وفنّد بهبهاني مشاكل القطاع النفطي التي عرقلت استراتيجيته حسب تقارير ديوان المحاسبة، والتي تتضمن:

• سوء الإدارة مما أدى إلى خسائر فادحة في مشاريع ذات جدوى عالية، مما أثر على الإنتاج وقيمة الشركات.

• تضخم الوظائف، حيث يعمل 33 ألف موظف في القطاع النفطي الأميركي لإنتاج 15 مليون برميل يومياً، بينما ينتج أكثر من 25 ألف موظف كويتي 3 ملايين برميل.

• تضخم الميزانيات، حيث ترتفع الكلفة التشغيلية بسبب العطاءات السخية للمقاولين، والتغاضي عن أخطائهم المكلفة.

• نظام حوكمة شكلي، لا يحقق الرقابة المطلوبة على أداء الشركات.

وأشار بهبهاني إلى أنه بعد 39 سنة من اكتشاف النفط الكويتي تم تأميمه (في عام 1975) اعتقاداً بأن الأساسيات السابقة من الشراكة تحققت، ويفترض فنياً أنها كذلك.

وذكر أن المخزونات الهيدروكربونية (نفط وغاز)، في بقعة الكويت أسهلها استكشافاً، وتطويراً، وإنتاجاً، واستثماراً، في العالم، ولكن بعد 49 سنة من التأميم، تظهر أخطاء وعثرات ابتدائية فنياً، جعلت إثارة موضوع الشراكة في المخزون تطرح مرة أخرى.

وأوضح أن أسباب العثرات، التي ذكرها لتحقيق استراتيجية المؤسسة لن يحلها نظام الشراكة في المخزون (JV، PSC).

انخفاض الكفاءة التشغيلية

وقال إنه على الرغم من الأعداد الكبيرة في التوظيف بمؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة لها في كل القطاعات، علاوة على ارتفاع عدد العمالة المسجلة على عقود المؤسسة وشركاتها التابعة لها، فإننا نجد انخفاض الكفاءة التشغيلية المؤثرة بذلك على كلفة الإنتاج.

وأضاف أنه رغم أن عقود المقاولين تشمل نقل التكنولوجيا والخبرة، وهذا نص واضح في بنود العقود مع المقاولين، ولكن في أكثر الأحيان فإن انخفاض المستوى العلمي للموظف الوطني لا يستوعب الخبرة، ولا نقول الأغلبية، لأن هناك نسبة عالية من الكفاءات تُحجب عنها الخبرة، وتكتفي الشركات بابتعاثها الى «كورسات» أقرب إلى النزهة منها للتعلم.

ولفت إلى أنه رغم ذلك، هناك أقلية تمتلك الخبرة والقدرة العلمية، تكفي لاستيعاب أي تطور تكنولوجي وتطبيقاتها، من خلال تخرجهم من جامعات كبيرة معترف بها كمرجعيات في مجال الاستكشاف والتصنيع البترولي، لكننا نجد هذا الصنف في عالم خفي ليتصدى لنا متحدثون نكتشف بين سطور أحاديثهم، أنهم غير مستوعبين لما يجري في القطاع النفطي.

وبين أن هناك عدة خيارات قد طرحت لخصخصة القطاع النفطي، كخيار المحاصصة، وخيار الشراكة بنسب مختلفة (بنسبة للقطاع العام لا تزيد على 20 في المئة)، وخيار الاستثمار المالي خلال سوق المال (IPO) بنسبة للقطاع العام لا تزيد على 20 في المئة، ومشروع خيار الملكية الكاملة للمرفق أو الشركة، وتساهم خدمات القطاع الخاص بما يعادل بين 70 و80 في المئة من كلفة البرميل.

وذكر أنه من خلال تقديره الشخصي، فإن خيار الشراكة (JV) الأقرب لتحقيق أطر رؤى 2035 لاستكشاف وإنتاج مخزونات عالية المخاطر بنظام اعادة الشراء (Buyback)، كمشروع النفط الثقيل والعميق، لافتاً إلى أن مستوى الخصخصة في قطاع الطاقة هو الغالب دائماً لجدوى المردود العالي.

وأوضح بهبهاني، أن القطاع الخاص حالياً يغطي لشركات التكرير والبتروكيماويات والناقلات والشركات الاخرى، في الصيانة الدورية وتطوير المحطات والبيئة وجزءاً من التشغيل بنسبة 70 في المئة من كلفة المنتج، مشيراً إلى أن ذلك لا يحقق أكثرمن 20 في المئة من غايات رؤى 2035، للأسباب التالية:

• ضعف جهاز الرقابة من شركات المؤسسة.

• عدم الالتزام بأطر رؤى 2035.

• تحايل القطاع الخاص على توظيف العمالة الوطنية الهامشية المجمدة.

• الاحتكار للشركات كبرى مما أدى إلى صعوبة وجود البدائل في حال العثرات المكلفة.

وتطرق بهبهاني الى سعي المؤسسة من خلال هذا الدمج إلى تحقيق أهداف خطة 2040، والتي تهدف لزيادة إنتاج الزيت الخام والغاز والبتروكيماويات، موضحاً أن من بين الأهداف الأخرى خفض الكلفة التشغيلية وزيادة فرص التوظيف، مما يعزز القدرة التنافسية مع الشركات العالمية.

وأكد أن الأرقام تشير إلى أن كلفة برميل النفط الكويتي مرتفعة، وتنفرد الكويت، عالمياً، بزيادة الكلفة التشغيلية للبرميل الكويتي بأكثر من 60 في المئة من المعدل الرأسمالي، معرباً عن اعتقاده بأن الدمج سيؤدي إلى تضخيم الميزانيات وصعوبة التحكم فيها.

وشدد على وجوب قيام المؤسسة بتقييم أداء الشركات الصغيرة قبل الكبيرة، كما يُنصح بعزل مجالس الإدارات التي أقرت مشاريع فاشلة، ويجب أيضاً التركيز على اختيار القيادات بناءً على الكفاءة لا المحسوبية، مضيفاً أنه لا يرى للدمج أثراً على العمالة الوطنية، والنسبة والكفاءة، لأن توظيف هذه العمالة له مقاييس استراتيجية أخرى «في نظري أنها فاشلة».

واختتم بهبهاني بالقول، إن الوضع الحالي يتطلب من القطاع النفطي في الكويت تقييماً شاملاً للأداء قبل اتخاذ خطوات كبيرة مثل الدمج، موضحاً أن المخاطر والآثار السلبية المحتملة تجعل من الضروري إعادة النظر في هذه الخطط، وتجنب اتخاذ قرارات مستعجلة قد تؤدي إلى تفاقم المشاكل الحالية.

شركاء أجانب

من جانبه، قال الخبير النفطي د. خالد بودي: بالنسبة للشراكات الأجنبية، وعند توجه القطاع النفطي إلى فتح المجال أمام شركاء أجانب، يمكن أن يتم ذلك بعد الانتهاء من عمليات إعادة الهيكلة واستقرار التنظيم الجديد للقطاع، علماً أنه بالنسبة لقطاعي الإنتاج النفطي والتكرير داخل الكويت، فلا يبدو، أنه يوجد توجه حالياً لإدخال شركاء أجانب فيهما، مضيفاً أن الخبرات والكوادر المحلية في القطاع النفطي لديها كفاءات في معظم التخصصات داخل القطاع النفطي، وهذا لا يعني الاستغناء عن الخبرات الدولية في بعض الجوانب الفنية والتخصصات، وهذا معمول به في العديد من المؤسسات والشركات النفطية في العالم.

بودي: خصخصة القطاع النفطي توجه استراتيجي يمكن أن يتم على مراحل بعد إنجاز إعادة الهيكلة

وأشار بودي إلى أن الخصخصة توجه استراتيجي ويمكن أن يتم في مراحل لاحقة بعد إنجاز عمليات إعادة الهيكلة، عدا قطاعي الإنتاج والتكرير المحليين كما ذكرنا آنفا.

وأعرب عن اعتقاده بأن الحفاظ على الكوادر الوطنية من الأولويات في القطاع النفطي، ومن المعروف أن القطاع النفطي الكويتي من القطاعات التي تستوعب أعداداً كبيرة من العمالة الوطنية، وليس من المتوقع أن يتم الاستغناء عن كوادر وطنية في هذا القطاع نتيجة عمليات الدمج، عدا من اقتربوا من سن التقاعد أو من يرغبون في الاستقالة أو ترك القطاع النفطي لأسباب خاصة بهم.

غير مكتملة

من ناحيته، قال الخبير والمحلل النفطي كامل الحرمي، إن مشروع إعادة هيكلة القطاع النفطي تعتبر غير مكتملة، وما تم هو نقل تصنيع الغاز من ناقلات النفط إلى شركة البترول الوطنية فقط، لافتاً الى أنه من الطبيعي نقل «كيبك» الى «البترول الوطنية»، ولا جديد في ذلك، وإنشاء «كيبك» يعد غلطة كبيرة جاءت بدون دراسة.

وأضاف الحرمي أن لبّ وصلب الموضوع يجب أن يكون في إطار الخصخصة، موضحاً أنه لا يوجد حتى الآن أي قرار بخصخصة محطات البنزين، ويجب على «البترول الوطنية» أن تبيع محطة البنزين، كما يجب أن يمتلك القطاع الخاص 3 محطات بنزين على الأقل.

الحرمي: يجب معرفة الهدف من إعادة الهيكلة... أهي لخفض المصروفات أم خفض العمالة أم لهدف آخر؟

وتساءل الحرمي، ماذا عن خصخصة الصناعات البتروكيماويات؟ وماذا عن خصخصة الناقلات البحرية والوكالة البحرية؟

وشدد على ضرورة أن يكون هناك وقت محدد نعرف منه في النهاية متى ستنتهي المؤسسة من إعادة الهيكلة وفي خلال كم سنة، ولماذا على مراحل؟ مؤكداً أن الأهم من ذلك أن نعرف ما الغرض من إعادة الهيكلة؟ وهل هي خفض المصاريف أم خفض العمالة أم إعادة المؤسسة الى مركز متقدم بين الشركات النفطية الوطنية والخليجية؟ وهل سنحصل على أداء متقدم لموظفي القطاع وإنتاجيتهم، باعتبار ذلك هو الهدف والمقياس والمعيار الحالي؟.

back to top