حاولت الدكتورة الحبشي الأخذ بأدق التفاصيل التي من خلالها تم الحصول على المعلومات وتجميعها، وتحليلها، والقيام بالاستنتاجات اللازمة، واستخراج النتائج التي تقوم عليها. وكان هدفها من ذلك أن تكون دراسة ذات قيمة حقيقية خارج الأطر التقليدية، وتمثل إضافة استثنائية لتاريخ البلدين، اللذين تفاعلا مع ما شهدته المنطقة والإقليم، فالكويت البلد الصغير حامل هموم الأمة العربية، ورافع لواء العروبة، وفرنسا حاملة لواء أوروبا، ومعقل القارة العجوز وإرثها، لهذا كانت العلاقات بينهما مهمة جداً، والأهم حضورها كقيمة ملموسة تمت ترجمته في هذا الكتاب. أرادت من ذلك أن تكون وجهة وطريقة وأسلوباً، ومعنى للأجيال القادمة، لتستطيع قراءة هذه الحكاية، والتعرف على معاني ومفردات العلاقات الدولية، من خلال علاقة الكويت الدولة الصغيرة بفرنسا الدولة العظمى.

وثائق غير منشورة

Ad

تمثل هذه الدراسة التاريخية طرحاً جديداً بحكم ما اعتمدت عليه من وثائق ومعلومات غير منشورة، وذلك من خلال ما تم اعتماده من وثائق عثرنا عليها في الأرشيف الفرنسي، والتي صورت المواقف المتباينة، وتناولت الأحداث المختلفة خلال الحقبة المدروسة، ومن خلالها تتبعنا ملامح تشكل هذه العلاقات الثنائية دولتين مختلفتين في الفضاء الجغرافي والثقافي والنفوذ الجيوسياسي. من جهة الكويت الدولة صغيرة الحجم والكبيرة في تأثيرها، والتي تقع في شمال غرب الخليج العربي، ومن جهة ثانية، الجمهورية الفرنسية إحدى أبرز القوى الأوروبية في الفترتين الحديثة والمعاصرة.

هذه الدراسة التي جاءت بعنوان: «العلاقات الكويتية - الفرنسية 1778-1991م»: نشأتها وتطورها، تبرز من خلالها الأبعاد التاريخية بشكل عميق، حيث تشمل فترة تمتد على قرنين من الزمان تقريباً. وقد شهدت الفترة المدروسة تجذر الروابط الاقتصادية، والعلاقات السياسية بين البلدين الصديقين، كما كانت ذات طبيعة مختلفة عن العلاقات التي نسجتها الكويت مع عدة دول أخرى، وبذلك فقد مثلث نموذجاً فريداً للعلاقات مع الدول العظمى في العالم.

بداية العلاقات

تنطلق الدراسة من عدد من الأحداث الرمزية لتتبع مسيرة العلاقات الثنائية، من أبرزها ظهور اسم الكويت على الخرائط الفرنسية في عام 1652م، إضافة إلى قدوم أول فرنسي إلى الكويت عام 1778م، وتوثق مثل هذه الأحداث إلى بداية هذه العلاقات واستمرارها في الفترات اللاحقة خصوصا مع ما شهدته مواقف الكويت وأدوارها من تطور دعمته التحولات الاقتصادية والسياسية. فقد توصلت الوساطة الكويتية لحلول كثير من الأزمات الإقليمية والدولية. كما مثلث الزيارات المتبادلة عاملا آخر مساعداً في توطيد عرى التعاون بين الطرفين، وإيجاد طرق للتواصل خصوصا في ظل ما شهده العالم من أزمات وصراعات أثناء الحرب البادرة، وفي ظل الصراع الثنائي بين القطبين الأميركي والسوفياتي.

رغم توقيع الكويت لمعاهدة الحماية البريطانية التي استمرت من 1899م إلى 1961م، تاريخ إعلان الاستقلال، إضافة إلى النفوذ البريطاني القوي في المنطقة، فإن فرنسا سجلت حضورها في الإقليم بشكل مختلف عن الإنجليز، فقد كان الصراع بينهما طويلا على منطقة الخليج لما تشكله من قيمة استراتيجية بالغة الأهمية.

زيارة ميدانية لباريس

لتتبع مراحل هذا الصراع كان من الضروري الرجوع للأرشيف البريطاني، والاطلاع على الأرشيفين الأميركي والفرنسي، في محاولة لكشف ملامح هذا الصراع، ومعرفة أبعاده يندرج ذلك ضمن عملنا المنهجي الموثق أكاديميا، والذي يتناول العلاقة بين البلدين منذ نشأتها وتطورها على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية. وبهدف تحقيق مصداقية أكثر في دراستنا، كان لابد من زيارة المراكز والمكتبات ودور الوثائق والأرشيف في باريس والمدن الفرنسية. وقد اعتمدنا في هذه الدراسة بشكل رئيسي على الأرشيف الفرنسي. وتتوزع مراجعنا الأساسية على الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي المحفوظ بمركز لاكورناف la courneuve، الواقع في ضواحي العاصمة باريس. وقد تتبعنا من خلاله البرقيات الدبلوماسية المرسلة من القنصليات الفرنسية المعتمدة في مدن مثل البصرة ومسقط في الفترة الممتدة ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين، إذ يعد هذا المركز جامعًا للوثائق الدبلوماسية فقط، وقد فتح أبوابه للعموم لأول مرة عام 2009م، بعد أن كانت هذه الوثائق موزعة ما بين مقرات اللوفر القديم بباريس وفرساي ومقر وزارة الشؤون الخارجية بباريس في كي دور سي. ومع بداية القرن العشرين ثم خلال الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945 تم نقل جزء من هذا الأرشيف إلى مركز الأرشيف الوطني في منطقة بييريفيت Pierrefitte خارج باريس والمكتبة الوطنية بباريس، وذلك بسبب التلف الذي تعرضت له الكثير من الوثائق بسبب المعارك الحربية. كما قمنا بزيارة كل من مركز الأرشيف الدبلوماسي بمدينة نانت Nantes، وأرشيف وزارة الخارجية الفرنسية كي دور سي، وأرشيف قصر فانسان Chateau de Vincennes بالمصالح التاريخية في الجيش البري الفرنسي، والأرشيف الوطني لأقاليم ما وراء البحار إكس أن بروفانس Aix-en-Provence في جنوب فرنسا، وملحق أرشيف وزارة الشؤون الخارجية بمدينة نانت Archives Du Ministère Des Affaires‏ Etrangères et Annexe de Nantes

وبعد الاطلاع على هذا الكم الهائل من الوثائق الأرشيفية الدبلوماسية المحفوظة بهذه المراكز، آثرنا لأسباب منهجية أخذ بعض منها كنماذج «ارتأينا» أنها ستقدم الإضافة العلمية المميزة للفترة المدروسة.

صعوبات ومراجع

على صعيد الصعوبات التي واجهتنا خلال إنجاز هذا البحث، نشير إلى أن الصعوبة الأولى كانت أثناء جمع المادة العلمية المطلوبة، فعلى سبيل المثال لم تكن في الكويت قنصلية فرنسية معتمدة، وهو ما دفعنا إلى الاطلاع على عدد كبير من مراسلات القنصلية الفرنسية في البصرة ومسقط، وجدة بدرجة أقل. كما وقفت في طريقنا عوائق أخرى كثيرة تتعلق بوجود عدد لا بأس به من الوثائق غير المعروضة على الجمهور، وتحديداً في مركز الأرشيف الوطني الفرنسي. وقد تقدمنا بطلبات متكررة للاطلاع عليها، ولكن تعذر ذلك بسبب عدم انقضاء المدة الزمنية المطلوبة للإفراج عن هذه الوثائق، أو لأسباب تتعلق بالأمن القومي الفرنسي. ورغم هذه الصعوبات تمكنا من الخروج بحصيلة مهمة تسهل على الباحثين الراغبين في مواصلة دراسة هذه المسألة استكمال ما بدأنا به.

ومن الصعوبات أيضًا قلة الدراسات السابقة التي تتحدث عن العلاقات بين البلدين، إذ لم نحصل إلا على كتيب للسيد يعقوب الإبراهيم نشره في جريدة «القبس» الكويتية. ويعد أول محاولة لكتابة تاريخ العلاقات بين البلدين، رغم غياب التفاصيل عنه. هذا الأمر جعلنا عازمين أكثر على خوض هذه التجربة، والتطلع لأن تكون هذه الدراسة حجر زاوية للباحثين والمهتمين بعلاقات الكويت مع الدول العظمى الأخرى، أو بعلاقة دول الخليج مع الدول الأوروبية. وأن تكون دراستنا مرجعا للمهتمين بالشؤون والعلاقات الدولية بين بلدين مختلفين في الموقع والجغرافيا.

ومن الصعوبات الأخرى أيضا الاطلاع على أهم الرسائل العلمية المنجزة في هذا المجال، لذلك قمنا بزيارة جامعة السوربون، والبحث في مكتبتها عن كل ما يتعلق أو يشير للموضوع المدروس، حيث تم الاعتماد على أبرز المراجع العلمية المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها لأي باحث في تاريخ المنطقة، ولعل أبرز هذه المؤلفات التي تطرقت لتاريخ المنطقة في الفترة الحديثة والمعاصرة، كتاب دليل الخليج لمؤلفه جون جوردن لوريمر John Gordon Lorimer. وقد تضمن هذا الكتاب مادة تاريخية وجغرافية مهمة لا غنى لأي باحث في تاريخ الخليج عنها. ويعد هذا العمل الضخم عملا موسوعيًا أنجزه موظف دبلوماسي بريطاني قدم من خلاله تقارير سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة عن المنطقة.

فصول الكتاب

توزعت الدراسة على أكثر من جزء، حيث تناول التمهيد الذي قدم لمحة عن جذور العلاقات الكويتية- الفرنسية، كما تطرق إلى الأهمية الاستراتيجية والجغرافية للخليج العربي، ووصول أول فرنسي إلى الكويت عام 1778م، والمشاريع الفرنسية في منطقة الخليج، وتناول أيضا آثار الحربين العالميتين الأولى والثانية، وانعكاساتهما على البلدين.

وتناول الفصل الأول الجذور التاريخية للعلاقات بين الكويتي وفرنسا 1950 - 1974م، وتحديدا أثناء عهدي الشيخ عبدالله السالم الصباح والجنرال شارل ديغول، ثم في عهدي الشيخ صباح السالم وشارل ديغول والزيارات التاريخية المتبادلة، إضافة إلى موقف فرنسا من مطالبات عبدالكريم قاسم عام 1961م، وموقف الكويت من استقلال الجزائر عام 1962م. كما بحث أوجه العلاقات الثنائية وتبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. وتحدث عن عهد الرئيس جورج بومبيدو، وتأثيرات حربي 1967م و1973م وأزمة النفط.

الفصل الثاني الذي تناول تطور مسار العلاقات بين الكويت وباريس 1974 - 1989م، بداية من قمة باريس بين الأمير الشيخ صباح السالم، والرئيس جيسكار ديستان، وقمة الكويت بين الشيخ جابر الأحمد وديستان، إضافة إلى إنشاء غرفة تجارة كويتية فرنسية، والمساهمة في نمو قطاعات النفط والبنوك، ومشروع المفاعل النووي، وخطة بناء محطة لتحلية مياه البحر، ناهيك عن القطاع العسكري، كما تتبع هذا الفصل من الدراسة الاتفاقيات اللاحقة الموقعة إثر تلك الزيارة، وعهد الرئيس فرانسوا ميتران، والتطور الذي حدث على جميع الصعد في جميع القطاعات وزيارة الشيخ جابر الأحمد التاريخية لباريس. واهتم هذا الفصل أيضا بمسألة نشر الثقافة الفرنسية من خلال البعثات التعليمية كإحدى أهم الأدوات الداعمة للعلاقات بين البلدين.

أما بالنسبة للفصل الثالث فقد جاء بعنوان «الكويت وفرنسا ما بين الأزمات والقضايا الدولية 1955 - 1988م»، متناولا عددا من القضايا البارزة مثل حلف بغداد، والاتحاد الهاشمي، والثورة الإسلامية في إيران وحادثة اقتحام الحرم المكي، والغزو السوفياتي لأفغانستان، والحرب العراقية- الإيرانية، وتأسيس مجلس التعاون الخليجي.

بينما تطرق الفصل الرابع لموضوع فرنسا ما بين غزو وتحرير الكويت 1989 - 1991، وتناول المحطات السابقة للغزو العراقي والمواقف الفرنسية تجاه ذلك. ودور ميتران ومؤتمر جدة 1990م، ونتائج الوساطة الفرنسية مع العراق، والقوات العسكرية وعملية تحرير الكويت عام 1991م، كما تضمن الفصل الدور الفرنسي في إعادة إعمار الكويت، وقضية الأسرى الكويتيين، والاتفاقية الأمنية عام 1991م. ورصدت الخاتمة أهم النتائج التي توصلت لها الدراسة.

أهم الخلاصات

تصل إلى استناج مفاده أن العلاقات بين البلدين اتخذت اتجاهات سياسية واقتصادية، وثقافية عميقة. وقد سعت فرنسا من خلالها التأكيد على أنها صديق وحليف يعول عليه، وأنها بتاريخها وإرثها الثقافي تشكل منارة علم مستحقة.

ومن جانبها، كانت الكويت تؤكد اهتمامها وتقديرها لفرنسا الأوروبية ذات المكانة المميزة، والصوت الحقيقي المختلف عن أي قوة عظمى لها كرسي دائم في مجلس الأمن، فرنسا ذات الصورة الإنسانية بأبعادها الجديدة، بعيدة عن صورة المستعمر.

هنا لابد من الاعتراف بأن الكويت بسياستها المتوازنة كانت حجر زاوية لسياسة فرنسا في المنطقة، فالاعتدال وتحقيق التوازن كان محل تقدير وترحيب كبيرين من قبل الساسة الفرنسيين. كما أن الاهتمام بالقضايا المشتركة ساعد على بلورة فكر مشترك، وتقديم الحلول المناسبة، وتسخير جميع الإمكانات من أجل حل المشكلة، أو دعم فكرة معينة.

ولعل من أعمق المواقف وأجلها كان الموقف الفرنسي أثناء الاحتلال العراقي للكويت عام 1990م، فمشاركة فرنسا في قوات التحالف كان تتويجا لعلاقة سنوات طويلة بين البلدين صحيح أن هناك بعض الرافضين للمشاركة العسكرية في الداخل الفرنسي إلا أن فرنسا شاركت بفعالية ونجاعة، وسجلت اسمها بأحرف من ذهب في حرب تحرير الكويت، أو حرب الخليج الثانية كما تسمى في بعض الأدبيات. ويكفي هذا الموقف فخراص وتقديراً لدى الشعب الكويتي بكل أطيافه، ولايزال الكويتيون يذكرون ذلك في كل مناسبة، أو زيارة أو موقف ويتم استحضار الموقف الفرنسي مقرونا باسم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران.

محمد جاسم الصقر وسفيرة فرنسا السابقة لدى الكويت كلير لوفليشر

رئيس الجانب الكويتي في لجنة الصداقة الكويتية - الفرنسية محمد جاسم الصقر:

علاقة الكويت مع فرنسا قائمة على التكامل في مفهوم الأمن القومي

قال رئيس الجانب الكويتي في لجنة الصداقة الكويتية - الفرنسية محمد جاسم الصقر: «في البداية أجد من واجبي التأكيد على أن العلاقات الكويتية- الفرنسية لا يمكن أن تبحث بواقعية، إلا في إطار علاقات دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، والعلاقات العربية الأوروبية على وجه العموم».

وأضاف الصقر «أما وقد قلت ذلك، فإن من الجدير أن نلاحظ أن التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي - وبالتالي بين الكويت وفرنسا كان يتركز حتى مطلع القرن الواحد والعشرين على مجالات ثلاثة: الطاقة والتجارة والاستثمار. غير أن تداعيات الربيع العربي، فرضت على هذا التعاون - بعد 2011 - أن يعطي مساحة واسعة لمجالين اثنين هما: الأمن والهجرة، وفي الوقت ذاته أدى الازدياد المتسارع في الثقل الاقتصادي والتجاري والسياسي لدول الشرق الأقصى الى تغيير كبير في دور البحر المتوسط باعتباره بحيرة أوروبية - عربية كبيرة، إذ أصبح على شواطئه وعبر مياهه مدن وطرق وقواعد وقوى تحمي مصالح دول أخرى ذات قدرات تنافسية عالية».

وتابع، تجاوباً مع كل هذه التغيرات الاستراتيجية، وفي ضوء حوار ونتائج منتدى الأعمال لدول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، الذي انعقد في دولة الكويت يوم 19 مارس 2019 تحت شعار «واحة من الفرص».

وأشار إلى أنهه نظراً للأهمية المركزية لفرنسا في أوروبا، ودورها التاريخي في إغناء التراث الإنساني فكراً وثقافة وفنونا، ودورها العصري في التقدم التقني والصناعي والعلمي، ونظراً لموقع الكويت المركزي في المنظومة الخليجية والعربية، وفي الإطار الدولي التنموي والإنساني، فضلاً عن تماثل الرؤى الفرنسية والكويتية تجاه قضايا السلام والتنمية والبيئة والمناخ والتعاون الدولي... لكل هذه الحقائق مجتمعة، وانطلاقاً منها، وبناء عليها، تأسست «لجنة الصداقة الكويتية- الفرنسية» مطلع عام 2023، بمباركة وتشجيع حكومتي البلدين.

وأوضح أن اللجنة ليست تجمعاً اقتصادياً يقاس نجاحه بحجم التعاون الاقتصادي بين البلدين، كما أنها ليست منصة ثقافة وفن تركز جهودها على التفهم والتفاهم المجتمعي بين الشعبين، بل هي في منزلة بين المنزلتين تجمع بين هذا وذاك، وتعرف التفاعل الكبير والمباشر بينهما، كما أنها ليست ندوة سياسية تضمر أكثر مما تظهر، بدبلوماسية أتقن الفرنسيون فنونها، ولم يقصر الكويتيون في باعها، بل هي في منزلة بين المنزلتين تقف على حافة السياسة بدعمها لاحترام حقوق الإنسان، وحرية الشعوب، وهي تلتزم دبلوماسية الحوار في دعم كل هذه القضايا، خصوصا بعد أن ثبت تماماً أن التنمية الاقتصادية والازدهار الثقافي رهينان بكل هذه الأبعاد.

وذكر أنه في لقاء عربي أوروبي استضافته باريس يوم 24 مارس 1983، تحدث عميد الحوار العربي الأوروبي حينذاك، الوزير ميشال جوبيه، كما تحدث عميد الدبلوماسية العربية وزير خارجية دولة الكويت حينذاك، سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، واتفقت رؤية العميدين على ان «العلاقة بين أوروبا والعالم العربي - وبالتالي بين فرنسا والكويت - ليست مجرد تزويد بالنفط أو بحث عن الأسواق، كما أنها لیست مجرد علاقة بين دولة متقدمة ودول نامية، بل هي أساساً علاقة تكامل في مفهوم الأمن القومي للجانبين، سياسياً واقتصادياً وحضارياً».

وبين أن «لجنة الصداقة الكويتية- الفرنسية» ستعمل في إطار هذه الرؤية، صحيح أن التعاون الكويتي- الفرنسي لم يترك مجالاً من مجالات التعاون بكل أبعاده إلا وسبر غوره، إلا أن كل مجالات التعاون هذه - وبكل أبعادها - مازالت تزخر بفرص غنية وأنشطة ثرية يجب العمل على تطويرها كماً وكيفاً وعمقاً.

وأكد «إني على ثقة بأن الجمعية ستنجح في تقديم مساهمة مؤثرة لتحقيق هذا التطوير الممكن والمأمول والخلاق في تعاون الدولتين».

وذكر الصقر: «إني إذ أرجو أن يكون هذا الكتاب خطوة في هذا الطريق، يسرني أن أشكر المؤلفة الفاضلة، د. نور محمد الحبشي، على فكرتها وفكرها، كما أشكر كل من ساهم بجهده ومساعيه وتعاونه في إصدار هذا الكتاب».

لوفليشر: منهج ومقاربة غير مسبوقة لدراسة العلاقات الدولية

قالت السفيرة الفرنسية السابقة لدى الكويت كلير لوفليشر: «يسرني أن أرى نجاح نشر البحث الذي أنجزته الدكتورة نور محمد الحبشي، الأستاذة بكلية الآداب بجامعة الكويت، والتي لها العديد من المؤلفات حول تاريخ الكويت المعاصر، وبالإضافة إلى نشاطها الأكاديمي تشارك بفعالية في عدد من الهياكل والمؤسسات العلمية والتعليمية، من أبرزها معهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية الكويتية، واتحاد المؤرخين العرب». وأضافت لوفليشر أن آخر أعمال المؤرخة خصص لدراسة العلاقات بين فرنسا والكويت منذ بداية القرن السادس عشر وصولا إلى الحقبة الراهنة. ومن خلال اختيار إجراء هذا البحث على امتداد فترة طويلة نسبيا من الزمن، بدءاً من الإشارات الأولى للكويت على الخرائط الفرنسية وصولا إلى توقيع اتفاقيات التعاون الثنائية بين البلدين، يجعل من هذه الدراسة التي أنجزتها الدكتورة الحبشي منهجا ومقاربة غير مسبوقة.