لبنان: زيارة هوكشتاين لا تحقق اختراقاً... وبري يتمسك بوقف النار أولاً
واشنطن تقترح أفكاراً لتطبيق القرار 1701 وأبوالغيط يدعو من بيروت لوقف التدخلات الخارجية
زيارة سابعة وقد تكون الأخيرة التي يجريها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، فهو بحسب المعلومات سينتقل إلى عمل جديد في إحدى الدول العربية نهاية الشهر الجاري. كانت زيارته محاولة لإحياء المفاوضات في سبيل وقف إطلاق النار، وسط تشاؤم لبناني من إمكانية تحقيقه في ظل إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب وتوسيعها. وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري حذراً في قوله، إن اللقاء كان إيجابياً «ولكن العبرة بالنتائج»، لأنه يعلم أن نتنياهو يتعمد إفشال كل المسارات التفاوضية.
وفي اللقاء الذي استمر قرابة الساعتين بين هوكشتاين والرئيس بري، جرى النقاش في ملفات مختلفة، بين اقتراحات جديدة وأخرى قديمة حول آلية وقف النار، وكيفية تطبيق القرار 1701 وإعادة تشكيل السلطة وغيرها من الأفكار. كان بري واضحاً في طروحاته، وأولها ضرورة وقف إطلاق النار قبل أي مسار آخر، وبعده يمكن الانتقال للبحث بكل النقاط العالقة، ويمكن لوقف النار أن يفسح المجال أمام انتخاب رئيس للجمهورية. قدّم بري عرضاً شاملاً حول مسار المفاوضات على مدى 11 شهراً، وتوقف كثيراً عند محطّة البيان الرئاسي الدولي، الذي دعا إلى وقف النار وتطبيق القرار 1701 والقرار 2735 حول غزة، وأن نتنياهو هو الذي أجهض كل الصيغ والحلول من خلال عملياته التصعيدية. قدّم بري طروحاته وفق مسارين، أولاً وقف إطلاق نار دائم، وثانياً إعادة تجديد المبادرة السابقة التي كانت تنص على وقف إطلاق النار على مدى 3 أسابيع، يتم خلالها البحث في كيفية وضع إطار سياسي وزمني لتحقيق الأهداف الأخرى وتطبيق القرارات الدولية، وفي حال تم التوافق على ذلك يمكن إطلاق ورشة انتخاب رئيس للجمهورية خلال الأسبوع الأول من هذه الهدنة، مع توفير ظروف عقد جلسات في المجلس النيابي.
من ناحيته، قال هوكشتاين إن «الالتزام الذي لدينا هو حلّ الصراع على أساس القرار 1701، وهذا هو الشكل الذي ينبغي أن يبدو عليه الحل». ونبّه في الوقت ذاته إلى أن «التزام الطرفين ببساطة بالقرار 1701 ليس كافياً»، مضيفاً «كان (القرار) 1701 ناجعاً في إنهاء حرب 2006 ولكن يجب أن نكون صريحين بأن أحداً لم يفعل شيئاً لتطبيقه».
وأضاف أن «ربط مستقبل لبنان بصراعات أخرى في المنطقة لم يكن - وليس الآن كذلك - في مصلحة الشعب اللبناني»، مضيفاً أن بلاده تريد «إنهاء النزاع بشكل دائم وفي أقرب وقت ممكن».
الخارجية الإيرانية: إيران لم تكن تنوي التدخل في شؤون لبنان أبداً والحل الأفضل هو محادثات بين اللبنانيين
موقف نتنياهو
وفي النقاشات التفصيلية حول وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، تؤكد كل المعطيات أن الأمور مرهونة بالموقف الإسرائيلي الحقيقي، لا سيما أن كل الجهود المبذولة لا يمكن أن تصل إلى نتيجة من دون موافقة إسرائيل عليها ومن دون الضغط على نتنياهو الذي يرفض كل الحلول، وهنا طالب برّي بضرورة الضغط على نتنياهو لمنعه من استكمال الحرب وتوسيعها. في هذا السياق يفترض أن يتواصل هوكشتاين مع الإسرائيليين أو يتوجه إلى تل أبيب، وفي حال تقدّمت الأمور مع الإسرائيليين يمكن الحديث حينها عن إحراز تقدم. وتقول إسرائيل إن الـ 1701 لم يعد كافياً لإعادة الأمن الى المنطقة الحدودية.
وذكرت تقارير نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن إسرائيل قدمت للولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة تتضمن شروطها للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان.
ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن إسرائيل طالبت السماح لقواتها بالاضطلاع «بدور فعّال» لضمان عدم إعادة تسليح جماعة حزب الله وعدم إعادة بنيته التحتية العسكرية بالقرب من الحدود.
وأضاف التقرير، أن إسرائيل طالبت أيضاً بحرية عمل قواتها الجوية في المجال الجوي اللبناني.
ومن بين الأفكار المطروحة لتعزيز الـ1701 تعزيز ثكنات الجيش على الشريط الحدودي لا أن تكون الثكنات عند نهر الليطاني، وتعزيز فعالية نشر الجيش وقوات اليونيفيل بالمعنى الفعلي وليس صورياً وهذه جزء من نقاشات ومفاوضات سابقة كانت قد حصلت بين هوكشتاين وبرّي سابقاً وقد تم نقاشها تفصيلياً على الخرائط.
وأكد بري أن لبنان يرفض التعديل على القرار 1701، فأجاب هوكشتاين بأن المطروح ليس التعديل لأنه لا إمكانية في مجلس الأمن للتعديل على قرار، ويستند لبنان في ذلك على الفيتو الروسي والصيني، ولكن ما شدد عليه هوكشتاين هو اتفاق ترعاه أميركا يكون ملحقاً للقرار 1701 ويحدد النقاط التفصيلية والمباشرة لكيفية تطبيقه.
في المقابل، هناك جهات دبلوماسية تعتبر أن المقصود والمخفي في الحديث وراء الضمانات لتطبيق القرار 1701 هو الوصول إلى بعض البنود المتعلقة بالقرار 1559 ولكن من دون ذكره كي لا يحدث ذلك استفزازاً للبنانيين.
في السياق حضر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت في زيارة اهتمام وتضامن، وقد جال أبوالغيط على المسؤولين مؤكداً وقوف الجامعة العربية إلى جانب لبنان. وشدد على «ضرورة التوصل لوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من أي أرض لبنانية احتلتها أو دخلت إليها، وتنفيذ القرار 1701 حرفياً وفي أقرب وقت ممكن، والعمل بأقرب وقت على انتخاب رئيس لأن الرئيس التوافقي سيؤدي إلى استعادة الدولة اللبنانية لهيبتها ويعيد لبنان لممارسة دوره العربي والإقليمي».
وندد أبوالغيط بالاعتداءات الإسرائيلية على اليونيفيل، وقال إنه من المحزن أن نرى «عدم اتخاذ مجلس الأمن الدولي رداً رادعاً على اعتداء إسرائيل على اليونيفيل». وتابع: «ضروري أن يحصل لبنان على ضمانات بأن لا تعاود إسرائيل هجماتها. كما نرفض أي تدخلات أجنبية على الأرض اللبنانية». وكان أبوالغيط عبر عن دعمه لموقف ميقاتي الرافض «للتدخل الإيراني في لبنان ومحاولة فرض الوصاية عليه».
الخارجية الإيرانية
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الإيرانية أمس، إن «ما تم ترويجه» عن تصريحات رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) محمد باقر قاليباف حول استعداد ايران للتفاوض مع فرنسا على تنفيذ القرار 1701، «كان ناتجاً عن سوء الفهم»، مضيفة: «نحن نتحدث مع أي دولة لديها مبادرة ومقترح لوقف الجرائم والعدوان على لبنان وغزة، وإيران ستواصل مشاوراتها لوقف الحرب عليهما ونرحب بكل الجهود لتحقيق هذه الغاية ونحن لا نستثني أي دولة من مشاوراتنا وهذا واجب الجميع للحفاظ على السلام والأمن في المنطقة».
وتابعت: «قلنا إن الانتخابات الرئاسية هي شأن يخص الشعب اللبناني، والمقاومة وحزب الله قوتان مؤثرتان في لبنان، ولم تكن إيران تنوي التدخل في شؤون هذا البلد أبداً وبالتالي فإنّ الحل الأفضل هو المحادثات اللبنانية- اللبنانية».
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال في مقابلة تلفزيونية أمس الأول: «لقد أبلغت القيادات الإيرانية أن يخففوا العاطفة تجاه لبنان، كما راجعت حوار قاليباف بنفسي وأبلغت اعتراضي والرسالة وصلت». وأضاف:«أتفهم أن تدعم إيران التفاوض، لكن لا أحد يتحدث نيابة عن الدولة اللبنانية».
ويأتي الحراك الدبلوماسي تجاه لبنان على وقع تصعيد اسرائيلي على لبنان، ومع شن الجيش الإسرائيلي غارات ليل الأحد ـ الاثنين ويوم أمس على فروع مؤسسة «القرض الحسن» التابعة لحزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية وفي مناطق عدة في شرق البلاد، بينها بعلبك. وبعد إنذارات إخلاء إسرائيلية، ذكر شهود أن حشوداً في حالة ذعر ملأت الشوارع ليلاً مما أدى إلى اختناقات مرورية في بعض مناطق المدينة أثناء محاولتهم الانتقال إلى أحياء يعتقدون أنها أكثر أماناً.
وتصاعدت المواجهات البرية على الحافة الحدودية للحدود الجنوبية بين القوات الإسرائيلية المتوغلة ومقاتلي حزب الله، خصوصاً على محور عيتا الشعب في القطاع الأوسط ومركبا في القطاع الشرقي.