في أول زيارة من نوعها منذ 2007، أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، زيارة لافتة للبحرين، ضمن جولة إقليمية واسعة تناقش التطورات الإقليمية واحتمالات تعرض إيران لضربة إسرائيلية، وسبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.

وفي ظل انقطاع العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين منذ عام 2016، ثارت عاصفة غضب شعبية في المنامة ضد تصريح أطلقه رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي، الذي يقدم استشارات لمكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، شكك فيه بعروبة البحرين وبالاستفتاء التاريخي الذي أجمع فيه الشعب البحريني على عروبة المملكة، حيث ادعى أنها «انفصلت عن الوطن الأم إيران».

Ad

وأكد نواب البرلمان البحريني، في بيان، أمس، استنكارهم للادعاءات الإيرانية، ووصفوها بأنها محض افتراء، ومحاولة لطمس الحقائق وتزييف التاريخ، ومحاولة واضحة لتصدير الأزمات إلى الخارج، بدلاً من التركيز على الواقع المؤسف الذي تعيشه إيران وشعبها.

وأوضح النائب أحمد صباح السلوم أن الشعب البحريني بكل مكوناته وطوائفه يرفض رفضاً قاطعاً الادعاء الصادر عن خرازي، مشدداً على أن الادعاءات الإيرانية محض افتراء وتدليس، وأن تلك التصريحات تقوض كل التحركات الرامية لاستئناف العلاقات بين البلدين، وأنه من الأولى والأجدر، وفي ظل الأوضاع المتصاعدة في المنطقة، أن يكون الخطاب الإيراني يحترم التاريخ والحقائق الدامغة، ويحترم دول الجوار، بدلاً من إطلاق التصريحات المرفوضة غير المسؤولة.

ورأى النائب علي صقر الدوسري أن «مملكة البحرين عربية إسلامية الطابع والمضمون، قبل أن تكون جمهورية إيران إسلامية»، واصفاً تصريحات خرازي بأنها «خارج نطاق التاريخ والعقل والمنطق والواقع، وعلى النظام الإيراني أن يلجم تلك التصريحات والأوهام التي ليس لها محل ولا مكان».

دبلوماسي ووعيد

من ناحيته، صرح المتحدث باسم خارجية، إيران إسماعيل بقائي، بأن طهران لن تستثني أي دولة من مشاوراتها واتصالاتها الإقليمية لاحتواء التصعيد، في إشارة إلى البحرين التي تستضيف مقر القيادة الأميركية الوسطى (سنتكوم).

وتوعد بقائي بأن بلاده ستوجه «ضربة حازمة ومؤلمة للكيان الصهيوني إن اعتدى عليها»، محملاً واشنطن مسؤولية أي اعتداء في ظل إعلان رئيسها جو بايدن قبل أيام أنه مطلع على خطة الهجوم الإسرائيلي المرتقب ضد طهران وموعده. وأضاف بقائي إن «أولوية إيران في مشاوراتها الإقليمية هي منع التصعيد في المنطقة، والحفاظ على سلامها وأمنها الإقليمي، وذلك رغم بعض الخلافات مع دول في المنطقة».

كما اعتبر أن إعلان الولايات المتحدة نشر وتشغيل منظومة «ثاد» المضادة للصواريخ البالستية المتطورة في إسرائيل خطوة تظهر مواصلة واشنطن والدول الأوروبية لدعمها للدولة العبرية «وهو ما يزيدها جرأة» على توسيع توسيع الحرب والفوضى بالمنطقة.

وهدد متحدث الخارجية الإيرانية أي دولة تشارك أو تدعم الهجوم الإسرائيلي المحتمل على إيران، بتحمل عواقب ذلك، وقال: «نحن سعداء أن دول المنطقة قد بلغت درجة من الوعي والرؤية المشتركة لدعمها الأمن والسلام في المنطقة»، مشيراً إلى أن «دول المنطقة لن تسمح باستخدام أجوائها للاعتداء على أي دولة إسلامية».

وقال المتحدث الإيراني في معرض رده على سؤال حول اقتراح روسيا الوساطة بين إيران وإسرائيل، إن «الحديث عن الوساطة لا معنى له حقوقياً، لكننا نرحب بالجهود التي ستبذل بحسن نية لوقف الحرب وجرائم الكيان الصهيوني»، مشدداً على أن إيران سترحب بأي مبادرة ومساع لتحقيق ذلك، ومعتبراً أن «حماس حية ومحترمة ولن يؤثر عليها استشهاد رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار».

كما بين أن طهران نبهت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن التهديدات الإسرائيلية لمواقعها النووية.

وتابع بقائي: «التهديدات بمهاجمة المواقع النووية تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، وهي مدانة».

مفاجأة إيرانية

في موازاة ذلك، قال مصدر عسكري لوكالة «تسنيم» الدولية للأنباء: «إنه إذا كان في إجراء الصهاينة المحتمل استهداف المواقع عسكرية، فإن الرد الإيراني سيكون مؤكداً ويفوق تقديراتهم».

وأضاف: «أما إذا كان الإجراء المحتمل استهداف المواقع الذرية، فإن إيران إلى جانب ردها ستأخذ بعين الاعتبار مراجعة السياسات والعقيدة النووية».

وتابع: «إذا كان الإجراء الصهيوني المحتمل، التأثير بطرق مختلفة على المنشآت والبنى التحتية، فمن المؤكد أن إيران لم تقدم أي تعهد بشان أن تلتزم بنطاق ونوع وشدة إجراءاتها بناء على الوضع السابق».

واختتم بالقول: «إيران لن تتلكأ ولن تتسرع، إلا أن انزال العقاب بحق المجانين سيكون بطريقة تأتيهم في كل مرة بالمزيد من المفاجآت».

حسم وكشف

على الجهة المقابلة، كشفت «يديعوت أحرونوت» أن «قرار الموافقة على ضرب إيران سيتم في اللحظة الأخيرة وليس في نقاش تم تحديده مسبقاً»، وذلك غداة فتح الولايات المتحدة تحقيقاً بشأن تسريب وثائق استخباراتية سرية عن التحضيرات المتسارعة من قبل الدولة العبرية لها، وسط تقديرات بأن التسريب الذي تم عن طريق منصة إيرانية يهدف إلى تعطيل الخطوة التي يخشى من اشعالها حرب إقليمية كبرى.

من جهة ثانية، كشفت النيابة العامة الإسرائيلية أن السلطات الأمنية ألقت القبض على شبكة تجسس من 7 مهاجرين جدد من أذربيجان جنّدتها إيران.

وبحسب «الشاباك»، نقل المتهمون معلومات حساسة وصوروا قواعد عسكرية ومنشآت أمنية استهدفت خلال الحرب، واعتقلوا في سبتمبر الماضي، على أن يتم تقديم لائحة اتهام ضدهم خلال الأسبوع الجاري.

‏وأوضح «الشاباك» أن المتهمين «عملوا لصالح إيران منذ قرابة عامين مقابل مئات آلاف الدولارات نقدا وبعملات مشفرة».