نتنياهو يُسمِّي الحرب الدائرة بيوم القيامة
وقد أعلن ذلك في الأسبوع الماضي أثناء حضوره جلسة الكنيست، والتي طالب فيها جميع الأعضاء بالاستعداد لإعلان يهودية الدولة رسمياً. وهذا الإعلان تترتب عليه إجراءات كثيرة، أولها إجلاء عرب 48 خارج الأراضي اليهودية، وفقاً لما جاء في الكتاب الذي قام بتأليفه.
**
ولما قرأتُ ذلك الكتاب، الذي صدر عام 1993 بعنوان «مكان تحت الشمس»، ويقع في 438 صفحة، وقامت بترجمته ونشره دار الجليل الأردنية، لأقف على ما جاء فيه من أفكار، إذا بي أجد نفسي أمام كائن هو الأكثر خسةً وتعصباً ونذالةً وحقارةً، لأنه انسلخ عن كل ما يمتُ للإنسان والإنسانية بأي صلة.
***
فهو يستعرض في الفصلين الأول والثاني النشأة التاريخية للفكر الصهيوني، والذي اعتبره صاحب الفضل الأعظم في الحفاظ على الهوية اليهودية، ويحذِّر اليهود في العالم من خطورة التخلي أو التراخي في التمسُّك بالمبادئ الصهيونية.
**
ثم يتكلم عن الحق الموضوعي لليهود في فلسطين، التي كانت قبل قدوم اليهود إليها يسكن فيها أُناس كُسالى عديمو المنفعة، لأنهم جعلوها جدباء رغم خصوبة الأرض ووفرة المياه، لكن بعد استيطان اليهود فيها جعلوها تنطلق، لتغدو أكثر الأراضي استثماراً في الدنيا.
***
وفصول الكتاب الأخرى كلها كُتبت بمدادٍ من السموم والأحقاد والكراهية، فهو يرفض بشدة مبدأ التفاوض مع الفلسطينيين، والعرب عموماً، ويسخر من فكرة الأرض مقابل السلام، لأنه يؤمن بمبدأ السلام مقابل السلام، وهو يرى الجولان تشكِّل لإسرائيل عُمقاً استراتيجياً، وكذلك يُصرُّ على جعل القدس تحت السيادة الإسرائيلية، ويحرص على ضم غور الأردن إلى إسرائيل، ولا يعتقد أن إسرائيل ستتنازل عن الضفة الغربية أبداً.
**
ثم يفرد فصلاً لاستمرار التفوق العسكري والتكنولوجي لإسرائيل، بحيث يبز الجميع في كمية السلاح ونوعيته في المنطقة، ويرى ضرورة الاستعداد الدائم للمواجهات مع العرب، لأنهم - كما يقول - لابد من التعامل معهم بالقوة الرادعة، ولا يمكن الوثوق بهم، فالعرب متلونون، يبدِّلون آراءهم ومواقفهم بسرعة. ويرى نتنياهو أن قادة العرب يتخذون من فلسطين فزاعة لتحقيق أهدافهم الشخصية.
**
وفي الفصل الأخير، يرى نتنياهو أن الصيغة الوحيدة التي يمكن من خلالها العبور إلى واقع السلام، هي صيغة لا تنسجم مع الدول العربية، باعتبار أن أنظمتها استبدادية، وهي بالضرورة صيغة مغايرة تماماً للصيغة التي تعتمدها إسرائيل في تعاملها مع الأنظمة الديموقراطية، ثم يسرد علاقات إسرائيل مع أميركا ودول أوروبا، وينهي الكتاب بأنه سوف يتصدَّى لكل حركات التطرُّف في المنطقة، ويقضي عليها.