يستخدم الأستاذ صلاح الغزالي كلمتي «الكاتب والمؤلف» على إصداراته ليوحي للقارئ أنه هو من كتب وأنتج الفكرة في دلالة على الثقة بالنفس أولاً وبالاستقلالية التي ينشدها ثانياً، فكان اختياره أن «يتخصص» في الكتابة عن «مكافحة الفساد» وقد نجح في ذلك، فعلى مدى سنتين تقريباً توالت مؤلفاته الأربعة عن الحوكمة، وهي سلسلة تبدأ بمكافحة الفساد ثم الشفافية، ثم حوكمة القطاع العام، وبعدها «حوكمة الديموقراطية».
وبخلاف ذلك كانت له جولة في كتاب خاص تحت عنوان «مسيرتي مع جمعية الشفافية... من الشهد إلى الشّد» وهو أقرب إلى أن يكون مذكرات متطوع في العمل الأهلي لكن بنكهة سياسية، بعد أن تطوع للعمل في السياسة ومع السياسيين فصارت جعابه ممتلئة بالسهام، إلى أن قرر أن يفرغها في كتاب ليجيب عن سؤال: هل الإصلاح ممكن من داخل النظام وبالتعاون مع القائمين عليه؟ وهذا ما آمن به وبحث عنه وقضى في كنفه نحو 15 عاماً.
أول كتاب في سلسلة الحوكمة، جاء للمشاركة في الإجابة عن جملة أسئلة، لماذا تتعطل التنمية في الدول العربية؟ وكيف تنهض هذه الأمة من بين أمم العالم؟ وماذا ينقصنا؟ وكيف نتلافى ذلك؟ وهل هناك فرصة للحاق بالآخرين أم فات الوقت؟
يعتقد أن الطريق إلى وطن عربي متقدم منافس للأمم الأخرى يبدأ بمكافحة الفساد، فهذا بات علماً وصناعة، إن لم نُتقنها فإن مصير المنطقة هو الفشل.
ثاني كتاب بعنوان «الشفافية» يتضمن شفافية المعلومات، وكشف المصالح، والذمة المالية، وينظر إلى الشفافية باعتبارها ركناً أساسياً من أركان الحوكمة لا يمكن أن تتحقق من دونه، جاء الكتاب ليستكمل فيه خريطة الإصلاح التي يأمل كما غيره أن تقود إلى التنمية المنشودة، فالشفافية كما يراها قيمة جميلة في الحياة البشرية، كما أنها حق أصيل من حقوق الإنسان.
جهوده في مجال التأليف عن الحوكمة بشكل عام والشفافية بشكل خاص سبقت الآخرين، وإن وجدت قبله فيغلب الجانب الأكاديمي، لذلك عمل على التوثيق والتحليل والتقييم لما قدمه المجتمع المدني في هذا الشأن.
أما الكتاب الثالث فجاء تحت عنوان «حوكمة القطاع العام» وخص فيه، حوكمة الوزارات، وتعيين القادة، والمشتريات العامة، والسبب في اختياره القطاع العام هو خلو الدراسات بشأنه، ولم يحظ إلا بالاهتمام القليل، لذلك يرى أن الحوكمة في القطاع العام لا تقل أهمية عن الحوكمة في القطاع الخاص إن لم تفُقه أهمية، وقد آن الآوان للانخراط في هذا القطاع، باعتباره المدخل المناسب لتحقيق النجاح في الخطط التنموية، بل تزيد في رضا الشعوب ورفاهيتهم، وتعزز استدامة أوطانهم، وفي هذا الكتاب قدم نماذج لثلاثة قوانين ينبغي إقرارها وهي: قانون الحوكمة في الجهات العامة، وقانون التعيين في الوظائف القيادية، وقانون المشتريات العمومية.
وكان الإصدار الرابع في السلسلة كان أكثرها أهمية كونه يتعرض لثقافة الديموقراطية وأدواتها والانتخابات والبرلمان تحت عنوان «حوكمة الديموقراطية»، وجميع الأبواب تحتاج إلى حوكمة، فيوضح «المؤلف والكاتب» أن النماذج المعمول بها في أعرق الديموقراطيات حول العالم تؤكد وجود خصوصية في كل بلد، فهناك في العالم العربي ديموقراطيات، لكنها مشوهة ومنقوصة ولا تعدو أن تكون شكلاً أو ديكوراً جميلاً من الخارج، لذلك فالديموقراطية كلٌّ متكامل، لا يصلح معها ربع ديموقراطية ولا نصفها، وإلا فسيكون تطبيقها مشوهاً يؤدي إلى تململ الشعوب وتراجع المواطنة.