هذا حديث شريف، قاله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسأله أحد الصحابة، قائلا، ننصره إذا كان مظلوما فكيف ننصره إذا كان ظالما؟ فقال عليه الصلاة والسلام، تأخذ على يده وتحجزه عن ظلمه، أي حاول أن تتدخل وتمنعه من الوقوع بالظلم سواء بالنصيحة أو بالقوة إذا استطعت، المهم ألا تدعه يقع في الظلم، فالظلم ظلمات يوم القيامة.
فإن تمكنت من منع أخيك أو صديقك من الوقوع في الظلم تكن قد أعنته على الانتصار على الشر الكامن في نفسه، فالله غفور رحيم ويكره الظلم، وفي الحديث القدسي «يا عبادي لقد حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا»، «إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون». فالله لا يظلم أحدا، ولكن الناس بارتكابهم المحرمات يعرضون أنفسهم لعقوبات الله.
هذه هي القيم التي غرسها الإسلام في المسلم، وكانت تتعارض مع قيم العصر الجاهلي، الذي كانت تنتشر فيه الحمية الجاهلية، حيث يناصر الأخ أخاه ظالما أو مظلوما، أي يعينه على ارتكاب الظلم.
ومن المستغرب أن قيم الجاهلية التي حاربها الإسلام قبل أربعة عشر قرنا، بدأت بالظهور في عصرنا الحاضر، إذ نرى أميركا، وهي دولة عظمى من أقوى دول العالم وأغناها، ومن المؤسسين الأوائل للأمم المتحدة التي أقيمت بعد الحرب الثانية، وكان من اهتمام تلك المنظمة الدولية، حماية العالم من الوقوع في شرور الحروب مرة أخرى، إلا أننا اليوم نرى إسرائيل، ترتكب المجازر ضد الشعب الفلسطيني واللبناني، وتدمر مدنهما، بدعم وتشجيع أميركي، التي تمدها بالسلاح والمال، وتدافع عن جرائمها، وتمنع اتخاذ أي قرار يصدر عن مجلس الأمن، أو من المحكمة الدولية، يطالب بوقف العدوان الإسرائيلي أو يجرمه.
يقول ترامب، الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي للرئاسة الأميركية، إن إسرائيل دولة قوية ومن حقها التوسع، التوسع على حساب من؟ طبعا على حساب جيرانها العرب، وفي هذا خرق واضح للمواثيق الدولية التي تجرم الاعتداء على أراضي الآخر، وضمها بالقوة، لأن ذلك هو روح الفكر النازي، وكان من أهم الأسباب التي أدت إلى اشتعال الحرب الثانية، وما نجم عنها من شرور، حمى الله البشرية منها.