كلما جاءت سيرة دوري الدرجة الأولى لكرة القدم تملَّكتني حسرة، لأن هذه المسابقة تحديداً، ومنذ مدة طويلة، شاهدة على حالة التراجع والانحدار التي تعانيها رياضتنا بشكل عام وكرة القدم على وجه الخصوص، وليس أدل على ذلك سوى ما تمرُّ به أي المسابقة هذا الموسم من صعوبات، حتى في انطلاقتها، فلكم أن تتصوَّروا أن الدوري بدرجته الممتازة انطلق في التاسع من أغسطس الماضي، فيما ما زلنا بانتظار بداية مشوار دوري الدرجة الأولى أو المظاليم، كما يُطلق عليه في بعض الدول مجازاً. أما بالكويت، فهو دوري مظاليم فعلاً، بل و«متاعيس بعد».
طبعاً هذا الوضع لن يتعدَّل، وحالة التدهور ستستمر، لتقضي على ما تبقى من أمل في إمكانية التطور، لأنه لا يمكن لعاقل أن يصدِّق أن هناك مسابقة دوري في أي دولة بالعالم تُقام بمشاركة 4 أندية فقط، أو خمسة أندية، والقائمون عليها أو الدولة التي ترعاها تسعى إلى التطور ورفع المستوى، أو تعي اهتماماً بالرياضة، وحتى لا نضع النقاط على الحروف ونحمِّل المسؤولية لمن يستحقها، فيجب أن نقول إن الاتحاد الكويتي للعبة لا يمكن أن يتحمَّل المسؤولية، بل إنها تقع وبشكل جلي وكامل ومنذ الأزل على عاتق الحكومة والهيئة العامة للرياضة على مدار سنوات خلت، وأخرى قادمة، ما لم يكن هناك قرار جدي بحل المعضلة، والتي تتجلَّى بأوضح صورها في كرة القدم ودوري الدرجة الأولى، لكنها في الحقيقة تمتد إلى بقية الألعاب، وبدرجات متباينة، فليست كرة اليد أو السلة أو الطائرة، وحتى بعض الألعاب الفردية، ببعيدة عن حال كرة القدم، لكن الاهتمام الجماهيري والإعلاني كان رحيماً بهم.
وحتى نكون عمليين في طرح الحلول، نقول إن الحل الأمثل هو إشهار أندية جديدة تتوزع على مناطق متعددة، وتمثل بأغلبية متنوعة، فكل المجتمعات تكبر تعداداً، وتتمدَّد عمرانياً، وهو ما يجعل هناك حاجة أيضاً إلى مواكبة ذلك رياضياً، من خلال إنشاء وإشهار أندية جديدة تتناسب في عددها ومواقعها مع زيادة التعداد السكاني والتوسع العمراني، وهو الأمر المفقود منذ أمد طويل، لذلك كنا نُمني النفس بأن تشتمل أي خطة استراتيجية لتطوير الرياضة على إعلان التوجه إلى إشهار أندية في المدن الجديدة، وعدم الاكتفاء بالتبشير بمنشآت واستادات رياضية دون أن يكون للجانب البشري نصيب في هذه المدن، فمن غير المعقول ولا المقبول أن ندَّعي أننا نعمل على تطوير الرياضة والاهتمام بها، ثم نحرم قاطني هذه المناطق أو المدن من ممارسة هواياتهم في أندية قريبة منهم، أو نجبرهم على الانضمام إلى أندية بعيدة أو مسيطر عليها من قِبل شلل أو جماعات أو عائلات أو قبائل لا همَّ لأغلبها إلا المكاسب والمصالح الشخصية الضيقة.
بنلتي
إشهار أندية جديدة، وترك مَنْ يتولى مسؤوليتها ليديرها بحسب المزاج، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور وعدم الفائدة، وليس أدل على ما أقول إلا نادي القرين، المشهر منذ 2011، ولا يزال لا يشارك في مسابقات كرة القدم، بحجة عدم وجود مقر دائم أو امتلاكه لملاعب تدريب، لذلك خطوات الإشهار يجب أن تتم وفق شروط وحزم بالمتابعة والمحاسبة والرقابة، ويجب أن يفرض على كل الأندية أن تشارك في الألعاب الجماعية، وتتخلَّى عن الألعاب الفردية لمصلحة الاتحادات ومراكز الشباب، غير ذلك «فلا طبنا ولا غدا الشر»، وسنظل مكانك راوح دون أن نتقدم قيد أنملة.