معركة نصف النهائي بين «الأسود» و«الديوك»
بعد المسيرة الأسطورية والتاريخية لمنتخب المغرب في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، المقامة حالياً في قطر، تتعاظم آمال الجماهير العربية في تحقيق منتخب «أسود الأطلس» للمزيد، بحثاً عن تحقيق الفريق لإنجاز أسطوري جديد حينما يواجه اليوم المنتخب الفرنسي على استاد البيت في الدور نصف النهائي لمونديال 2022 بقطر.
وكتب المنتخب المغربي اسمه بحروف من ذهب في سجلات كأس العالم، بعدما أصبح أول فريق عربي وإفريقي يبلغ الدور قبل النهائي في المونديال.
مشوار صعب للمغاربة
ورغم المجموعة الصعبة التي تواجد فيها فريق المدرب الوطني وليد الركراكي، التي ضمت منتخب كرواتيا، وصيف النسخة الماضية للبطولة في روسيا عام 2018، والمنتخب البلجيكي، صاحب المركز الثالث بنفس النسخة، إضافة إلى منتخب كندا، الباحث عن تحقيق الأفضل في ظل استضافته النسخة المقبلة للمونديال عام 2026 برفقة الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك، تربع المنتخب المغربي على الصدارة برصيد 7 نقاط، عقب تحقيقه انتصارين وتعادلا وحيدا. وفي دور ال16، واصل المنتخب المغربي مشواره الرائع بعدما تخطى عقبة المنتخب الإسباني، بفوزه عليه 3 - صفر بركلات الترجيح، عقب انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل بدون أهداف.
وكان منتخب المغرب على موعد مع إنجاز تاريخي جديد ببلوغ المربع الذهبي في المونديال، إثر فوزه 1 - صفر على منتخب البرتغال، بقيادة نجمه كريستيانو رونالدو، علما بأنه أنهى المباراة بعشرة لاعبين عقب طرد لاعبه وليد شديرة في الوقت المحتسب بدلا من الضائع للشوط الثاني.
وصار منتخب المغرب، الذي يشارك في المونديال للمرة السادسة في تاريخه، ثالث منتخب من خارج قارتي أوروبا وأميركا الجنوبية يتواجد في المربع الذهبي لكأس العالم، بعد منتخبي الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية، اللذين حققا الإنجاز ذاته في نسختي 1930 و2002 وبات التحدي الجديد لأبطال المنتخب المغربي يتمثل في عبور عقبة منتخب فرنسا، الذي يحلم بأن يصبح أول فريق يحتفظ بلقب كأس العالم في نسختين متتاليتين، منذ منتخب البرازيل، الذي فاز بالبطولة عامي 1958 بالسويد و1962 في تشيلي.
وعلى الرغم من تولي الركراكي المسؤولية قبل 3 أشهر فقط على انطلاق كأس العالم خلفا للمدرب البوسني وحيد خليلودزيتش، لكنه نجح في حل جميع الأزمات التي عانى منها الفريق، الذي ودع كأس الأمم الأفريقية بالكاميرون مطلع العام الحالي من دور الثمانية، ليظهر بشكل مغاير تماما في مونديال2022 وأثبت المنتخب المغربي أنه يمتلك الشخصية القوية ورباطة الجأش للمضي قدما في البطولة، ليصبح قادرا على مقارعة عمالقة كرة القدم في العالم.
وبينما تأكد غياب شديرة بداعي الإيقاف، فإن الشكوك تحوم بقوة بشأن مشاركة قلبي الدفاع غانم سايس ونايف أكرد في مواجهة فرنسا بسبب الإصابة، وكذلك نصير مزراوي، الذي غاب عن مواجهة البرتغال للإصابة أيضا. ويأمل منتخب المغرب أن يكون ثاني فريق عربي يتغلب على منتخب فرنسا في النسخة الحالية للبطولة، بعد المنتخب التونسي، الذي انتصر 1 - صفر على منتخب (الديوك) في الجولة الأخيرة من دور المجموعات.
فرنسا أثبتت جدارتها
وتصدر منتخب فرنسا ترتيب المجموعة الرابعة، عقب فوزه 4 - 1 على أستراليا في الجولة الافتتاحية، و2 - 1 على منتخب الدنمارك بالجولة الثانية، قبل أن يخسر أمام منتخب تونس في المباراة التي دفع خلالها ديشان بمجموعة من العناصر البديلة في البداية، بعد تأكد تأهل فريقه للأدوار الإقصائية. وانتصر المنتخب الفرنسي 3 - 1 على نظيره البولندي في دور ال16، قبل أن يتغلب 2 - 1 على منتخب إنكلترا في دور الثمانية، محققا فوزه الأول في تاريخه على منتخب (الأسود الثلاثة) في كأس العالم، خلال المواجهة الثالثة بينهما بالمونديال، ليبلغ الدور قبل النهائي في البطولة التي توج بها عامي 1998 و2018 وفي ظل غياب العديد من النجوم عن المنتخب الفرنسي قبل انطلاق البطولة بسبب الإصابة مثل كريم بنزيمة ونجولو كانتي وبول بوجبا، لكن الفريق شق طريقه بنجاح نحو بلوغ المربع الذهبي بكأس العالم للمرة السابعة، ليتطلع الآن للظهور في المباراة النهائية للمرة الرابعة بالمونديال.
وتمكن الثلاثي كيليان مبابي وأوليفيه جيرو وأنطوان غريزمان من ملء هذا الفراغ، حيث يقدم الثلاثي أداء استثنائيا في المونديال حتى الآن.
ويتصدر مبابي قائمة هدافي النسخة الحالية للبطولة قبل انطلاق الدور قبل النهائي برصيد 5 أهداف، متفوقا بفارق هدف وحيد أمام أقرب ملاحقيه جيرو، وكذلك الساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي. وبينما سجل مبابي وجيرو مجتمعين 9 أهداف من إجمالي 11 هدفا أحرزها المنتخب الفرنسي في البطولة حتى الآن، وصنع غريزمان 27 هدفا خلال مسيرته الطويلة مع المنتخب الفرنسي، ليصبح اللاعب الأكثر صنعا لأهداف الفريق خلال آخر 50 عاما، متفوقا على النجمين المعتزلين زين الدين زيدان وتيري هنري، حيث قام كل منهما ب 26 تمريرة حاسمة.
وعلى عكس منتخب المغرب، يعاني منتخب فرنسا من بعض الهشاشة الدفاعية، حيث تلقى الفريق 5 أهداف خلال حملته في البطولة الحالية. وعجز منتخب فرنسا عن الحفاظ على نظافة شباكه خلال لقاءاته الخمسة في المونديال القطري حتى الآن.
مواجهات المنتخبين السابقة
ورغم أن المنتخبين الفرنسي والمغربي سبق أن التقيا في 7 مباريات من قبل، لكنها ستكون المواجهة الأولى بينهما في كأس العالم. وخلال اللقاءات السابقة، حقق منتخب فرنسا 5 انتصارات، وفرض التعادل نفسه على لقاءين.
وترجع آخر مواجهة بين المنتخبين إلى نوفمبر 2007، حينما تعادلا 2 - 2 وديا.
الركراكي: واثقون بأنفسنا
أكد مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي، أن طموحه مع لاعبيه هو بلوغ المباراة النهائية لكأس العالم قطر 2022، لافتاً إلى أن لاعبيه «سيقاتلون من أجل ذلك» عندما يواجهون فرنسا في دور الأربعة على ملعب البيت في الخور.
وقال الركراكي: «نتمنى ألا يحترمنا خصمنا، لأنهم إذا احترمونا مثلما فعلت المنتخبات التي واجهناها حتى الآن في هذه البطولة، وكانوا في قمة مستواهم، فستكون مهمتنا صعبة. نحن واثقون بأنفسنا، ومتحمسون، بفضل مشوارنا الصعب في هذه البطولة، فقبل كل مباراة تعتبرون أننا سنودع المسابقة، لكننا ما زلنا هنا، وسنخوض نصف النهائي».
وشدد على أن مفتاح الفوز بالمباراة هو «الروح، روح الفريق، نحن نلعب من أجل المنتخب الوطني، وليس النادي. الكل يعمل ويقاتل، ويقدم أفضل ما لديه في كل مباراة يلعبها. لعبنا بروح عالية في المباريات السابقة، وهذا أهم شيء في كرة القدم».
وفيما أمل أن يكون الطموح والتعطش للفوز كافياً، عبَّر عن ثقته في مؤهلات المغرب، الراغب في «إعادة كتابة التاريخ، وأن نضع إفريقيا على قمة العالم. لكنني لست مجنوناً، فأنا أعرف أن ذلك سيكون صعباً، كما أعرف أن كل هذه الروح والمعنويات والمحفزات ستكون مهمة، وستجعل مهمة فرنسا أيضاً صعبة في الفوز علينا». وأضاف: «أعرف أن كل التوقعات ضدنا، لكن نحن على ثقة. ربما نحن مجانين، لكن من الجيد أن تكون مجنوناً، إذا كانوا سيفكرون إننا متعبون، وهذا ما قالته منتخبات أخرى سابقاً، فسيكونون مخطئين، أريد القول إننا لسنا متعبين، وإننا جاهزون للمباراة».
وأردف: «نحن جاهزون للفوز باللقب ودخول التاريخ، من أجل المغرب وإفريقيا والدول في طريق النمو، من أجل إخوتنا الجزائريين والتونسيين والمصريين والليبيين، كل أولئك الذين حلموا برؤية منتخب إفريقي في نصف النهائي والنهائي، هذه فرصتنا، ويجب ألا نضيعها، يجب ألا ننتظر 40 عاماً لتحقيق ذلك، غداً سنقوم بذلك، أنا ربما مجنون، لكننا لذلك نحن هنا، ولدينا فرصتنا، ونواجه فرنسا أفضل منتخب في العالم».
وعن المواجهة بين الصديقين، أشرف حكيمي وكيليان مبابي، قال: «إذا كان هناك لاعب يعرف كيليان أفضل مني، فهو حكيمي، لأنه يتدرَّب معه يومياً، ولديه فكرة دقيقة عن هذا اللاعب، لكن ذلك لن يغيِّر الكثير بالنسبة لنا، ولن نلجأ إلى خطة تكتيكية خاصة بكيليان».
وأعرب الركراكي عن أسفه، لكثرة الإصابات في صفوف فريقه، وقال: «لدينا مصابون، لكننا نتعافى جيداً بسرعة، ولدينا جهاز طبي رفيع المستوى، كل يوم يحمل لنا أخباراً سارة».
ديشامب يشدد على صعوبة المواجهة
شدد المدير الفني لمنتخب فرنسا، ديدييه ديشامب، على صعوبة مواجهة فريقه لنظيره المغربي اليوم، في الدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم، المقامة حالياً في قطر، مشيراً إلى أن منتخب «أسود الأطلس» محظوظ بامتلاكه مؤازرة جماهيرية كبيرة في المونديال.
وقال ديشامب في المؤتمر الصحافي، أمس: «واجهنا صعوبات كبيرة خلال مسيرتنا في البطولة، وتمكنا من تجاوزها. نتحلى بروح جيدة، وأظهرنا أننا جاهزون للتحديات التي نواجهها، والآن نخوض مباراة بالغة الأهمية».
وردا على سؤال عمّا إذا كان قد فوجئ بمستوى لاعبيه بالبطولة، قال: «بالتأكيد كنت أثق بهم. لم يفاجئوني على الإطلاق». وأضاف: «يجب عليّ أن اختار اللاعبين الذين اخترتهم وقد كنت أتابعهم يوما بيوم. إنهم يتعايشون مع بعضهم، وفي نهاية المطاف النتيجة هي كل ما يهم».
وزاد: «كانت لدينا بعض اللحظات التي امتلكنا فيها روحا إيجابية في معسكر التدريب، وكل يوم من الأيام التي أقضيها مع هذا الفريق هي أيام سعيدة، وإضافة إلى اللاعبين هناك الطواقم الفنية الأخرى الداعمة، لكن الأمر الذي يحقق اللحمة بين كل هذه العناصر هي النتائج التي نحققها».
وعن رأيه في فلسفة مدرب المغرب، وليد الركراكي، قال: «أود أن اقول إن الركراكي قام بعمل وإنجاز استثنائي أهنئه عليه. لقد كان إنجازا مذهلا أن يصل إلى نصف نهائي كأس العالم، وهذا يثبت أنه مدرب قوي».
وكشف ديشامب: «فيما يتعلق بالبيانات لدينا تكنولوجيا حديثة توفّر لنا هذا النوع من البيانات والإحصاءات، وتقدّم لنا معطيات أكثر مما كان متاحا لنا في الماضي حول عناصر فريقنا وعناصر الخصوم».
واستدرك: «ولكن تلك البيانات ليست دائما مفيدة ومثيرة للاهتمام، لأن المشكلة بالإحصاءات انها تقول لك شيئا ونقيضه، والأمر يعتمد على تحليلك لها، ولكنها مهمة».
وعن تحضيراته لمواجهة المؤازرة الجماهيرية المغربية، قال ديشامب: «نعم المغرب لديه قاعدة جماهيرية داعمة كبيرة جدا، وهذا أمر مفيد، وهنيئا لهم بذلك. يمكن أن تكون الأجواء صاخبة وطواقم العمل عندي، وأنا شخصيا راعيت ذلك المشهد».
دور غريزمان
وحول دور غريزمان مع المنتخب، أوضح ديشامب «لقد لعب بطولة رائعة، ولكن نحن بحاجة إليه لأن يتحلى بنفس القدر من الكفاءة في مباراة اليوم أيضا. إنه لاعب قادر على تغيير الفريق بأكمله، لأنه مجتهد وهو موهوب بالفطرة».
وأكد ديشامب: «في تلك النسخة من كأس العالم يؤدي جريزمان دورا مختلفا، لكن حتى الآن أداؤه متميز، كما قلت سابقا. إنه يحب أن يدافع بقدر حبه للمهاجمة، وأن يصنع اللعب، لأنها مسؤوليته الأولى».
وتطرّق ديشامب للحديث عن طريقة لعب منتخب المغرب، حيث قال: «إنه فريق يركز على التحولات السريعة والهجمات المرتدة. نحن سندافع، كلّ منّا سيلزم خطه ونترك الكرة في الوسط».
وألمح ديشامب إلى أن «كلا المنتخبين لديه خطته في المباراة القابلة للتعديل. كل فريق يحاول تحقيق أعلى نسبة استحواذ. ليست الغاية هي الاستحواذ، ولكنها وسيلة لتخلق فرصا للتسجيل».
5 مواجهات فردية... مَنْ سيتفوق على الآخر؟
تتواجه فرنسا والمغرب اليوم الأربعاء على مقعد في نهائي مونديال قطر 2022، وستكون هناك مواجهات فردية بين لاعبين يعرف بعضهم بعضا جيدا في الدوري الفرنسي، وكذلك ثنائيات بين عدد من اللاعبين على أرض الملعب.
وبالإضافة إلى المواجهة بين كيليان مبابي وأشرف حكيمي، الصديقين في باريس سان جرمان، هناك خمس مواجهات أخرى في هذه المباراة.
بونو - لوريس
أصبح ياسين بونو بطل المغرب، وهو في طريقه لأن يصبح الحارس الأقل استقبالا للأهداف في المسابقة، اهتزت شباكه مرة واحدة فقط، بفضل الدفاع الكبير لفريقه، ولكن بفضل موهبته أيضا، وتألق في ركلات الترجيح أمام إسبانيا أيضا في ثمن النهائي.
ويمتلك حارس إشبيلية أفضل معدل تصديات في الدوري الإسباني وأوروبا.
أما هوجو لوريس فهو ليس في مستواه الذي ظهر به قبل أربع سنوات، حين أصبح أحد العناصر الأساسية لفوز فرنسا بمونديال روسيا. ويملك أقل معدل تصديات في هذا المونديال، ولكن إحصائياته تحسنت بشكل واضح في هذا المونديال.
أوناحي - غريزمان
أبرز لويس إنريكي اسم أوناحي على خريطة كرة القدم العالمية، حين اعترف بقدرة اللاعب في التضحية في مواجهة ثمن النهائي.
ويجسد لاعب آنجيه (22 عاما) الروح السائدة في المنتخب المغربي، فهو أكثر من جرى في الملعب خلال المباريات الأخيرة، وسيكون المسؤول عن تضيق الخناق على إخراج الكرة الفرنسية للأمام، حيث يتواجد غريزمان.
وأصبح اللاعب الفرنسي الذي يلعب متأخرا في الهجوم لنقل الكرة للأمام، قائدا بلا منازع في صنع الخطورة والألعاب للديوك، وستتوقف قدرته على تغذية الهجوم الفرنسي على تجاوز أوناحي.
بوفال - ديمبيلي
كلاهما مسؤول عن كسر خطوط الخصم، المغربي على الجهة اليسرى، والفرنسي على اليمنى، ويتميزان بسرعة كبيرة. وغابت الفاعلية عن اللاعب الفرنسي في الأمتار الأخيرة في بدايات المباريات، ولكن إسهاماته كانت تتحسن مع مرور الوقت، ولم يكمل أي مواجهة لآخرها.
أما بوفال، الذي يلعب في آنجيه، فأداؤه خلال المباريات من الأعلى إلى الأسفل، ولكن نظرا لأسلوب اللعب المغربي، فيتركز معظم عمله على إحباط الألعاب الفرنسية عن صنع الهجمات.
أمرابط - تشواميني
تعتمد خطة كل فريق على أداء هذين اللاعبين، اللذين أصبحا رئة خط الوسط. ظهر لاعب فيورنتنيا أمرابط كعنصر أساسي في خطة الدفاع المغربي.
أما تشواميني فهو يمد وسط ملعب فرنسا بالصلابة، وكان عنصرا أساسيا في وصول فرنسا إلى المحطة قبل الأخيرة.
النصيري - جيرو
سجل أوليفيه جيرو أربعة أهداف في المونديال، جعلته يتجاوز تييري هنري كهداف تاريخي لفرنسا، وهو في ال 36 من عمره، يتطلع لأن يصبح أكبر لاعب يسجل خمسة أهداف في كأس العالم.
أما يوسف النصيري فبهدفه في مرمى البرتغال في ربع النهائي، أصبح الهداف التاريخي للمغرب في كأس العالم، وإذا سجل هدفا فسيصبح رابع لاعب إفريقي يسجل ثلاثة أهداف في مونديال.
لوريس: نلعب في أجواء معادية!
اعتبر حارس وقائد منتخب فرنسا هوغو لوريس أن المباراة أمام المنتخب المغربي ستجمع «فريقين قويين»، معتبراً أن الأجواء الجماهيرية داخل الملعب ستكون «معادية» لمصلحة أسود الأطلس.
وقال لوريس، في مؤتمر صحافي، أمس، «إنها مباراة بين فريقين قويين، فريقين موهوبين، وكل منتخب لديه هدفه، وهو التأهل للنهائي»، مضيفاً: «لقد تغلبوا على بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، وتأهلوا من دور المجموعات في المركز الأول في مجموعة صعبة جداً، هذا يخبرك أنهم فريق جيد وسيكونون خصوماً أقوياء».
واعتبر أن «الأجواء ستكون معادية داخل الملعب، أغلبية المشجعات والمشجعين سيكونون ضدنا، لكننا جاهزون لأي شيء. علينا أن نظهر أننا على استعداد لرفع المستوى، إلى أن نكون في قمة مستوانا».
وتابع: «إنه نصف النهائي. إنه نجاح للمغرب بأن يكونوا هنا، ولكنهم لن يتوقفوا ويريدون أن يصبحوا أبطالاً من أجل بلدهم، وكما قلت سابقاً نحن نحضّر للمباراة على أنها نصف نهائي، ونصبّ جام تركيزنا عليها كي نضمن ألا نندم في النهاية».
وعن مواجهة مواطنه كيليان مبابي مع زميله في باريس سان جرمان أشرف حكيمي، قال لوريس الذي بات اللاعب الأكثر خوضاً للمباريات الدولية مع بلاده (143)، إنه «قد يكون من الصعب مواجهة زميل لك في الفريق، لأنكما تعرفان بعضكما جيداً، لكن هذه فرنسا ضد المغرب. هناك لاعبون آخرون أيضاً، لديك لاعبون مثل (حكيم) زياش الذي يمكنه أن يحدث الفارق، هناك أيضاً الحارس ياسين بونو الذي يلعب في إشبيلية، وهو حارس كبير وسيقدم دافعاً كبيراً لزملائه»، مضيفاً: «في مقاربة المباراة، نحن صبورون، ولكننا نريد أن نحسم الأمور في أبكر وقت ممكن».
عرين الأسود يحرسه بونو
تعلم ياسين بونو التحلي بالصبر في مسيرته، لكن حارس المرمى المغربي الذي بات اسمه على كل لسان، أثبت في مونديال قطر 2022 أنه رجل المراحل الكبيرة.
هذا الحارس الذي كان بديلاً في الظل خلال كأس أمم إفريقيا 2017 وكأس العالم 2018 في روسيا، صار عنصراً رئيساً ومحورياً في مساعدة المغرب على إرساء معايير جديدة لكرة القدم الإفريقية والعربية خلال مونديال قطر.
وأبقى بونو منتخب كرواتيا، وصيف بطل 2018، في مأزق بباكورة مبارياته في المونديال، واختفى فجأة قبل انطلاق مباراة الفوز 2 - صفر على بلجيكا بعد أداء النشيد الوطني.
وحل بدلاً منه حينها منير القجوي المحمدي، قبل أن يعلن المدرب وليد الركراكي لاحقاً أن بونو شعر بتوّعك إثر ضربة تعرّض لها في مباراة كرواتيا.
ولم يخطئ بونو، البالغ 31 عاماً، منذ عودته ضد كندا، البلد الذي ولد فيه، ورغم هدف عكسي من نايف أكرد، فإن انتصار المغرب 2-1 حمله إلى الدور الثاني متصدراً المجموعة السادسة.
وأقصى المغاربة إسبانيا بركلات الترجيح التي صد فيها بونو ركلتين، فبلغوا ربع النهائي وأطاحوا البرتغال وأحلام كريستيانو رونالدو، وكان بونو رجل المباراة في المناسبتين، وهو يعرف أكثر من أي شخص آخر أن هذا التألق هو نتيجة رحلة طويلة وشاقة.
واكتشفت كرة القدم الأوروبية اسمه خلال مسيرة إشبيلية المذهلة في مسابقة الدوري الأوروبي. في ذلك الصيف، برز بونو بأداء رائع جداً في ربع النهائي ضد ولفرهامبتون الإنكليزي (تصدى لركلة جزاء) وخاصة في نصف النهائي ضد مانشستر يونايتد الإنكليزي، حيث سمحت تصدياته الرائعة للنادي الأندلسي ببلوغ المباراة النهائية، ثم التتويج باللقب.
وفعَّل إشبيلية بند الشراء في عقده مقابل أربعة ملايين يورو ليضمه نهائياً، ثم مدده في أبريل الماضي حتى يونيو 2025 مع زيادة راتبه.
واحتاج بونو، الذي يتميز باللعب بقدميه، إلى الوقت أيضاً لترك بصمته مع منتخب بلاده، واستدعي إلى صفوف المنتخب الأول منذ عام 2012 بعدما دافع عن ألوان جميع فئاته العمرية، وخاض مباراته الدولية الأولى عام 2014، وانتظر حتى 2019، تحت قيادة البوسني وحيد خليلودجيتش، ليصبح الرقم واحد في عرين «أسود الأطلس».
تشواميني... لاعب الظل الهائل
ثمينٌ مثل نغولو كانتي، وناضج على غرار بول بوغبا، هو لاعب الوسط الدفاعي أوريليان تشواميني، الذي ملأ فراغ شيوخ خط الوسط الفرنسي في مونديال قطر 2022، حيث تولى مسؤولياته في سن الثانية والعشرين برصانة وكرم وشغف لا يزال مطلوباً في بعض الأحيان.
أمام إنكلترا السبت (2-1) في ربع النهائي، سرق لاعب الظل «الهائل» هذا، كما يصفه صديقه يوسف فوفانا، الأضواء كلها، أولاً بإيجابية افتتاح التسجيل من تسديدة رائعة بعيدة المدى (17)، ثم بسلبية منح واحدة من ركلتي جزاء تحصّل عليهما الإنكليز، وسجلها هاري كين ليدرك بها التعادل (53).
ورغم ذلك، فإن تلك الغرابة لن تثير الشكوك حيال الثقة التي منحه إياها ديدييه ديشان منذ ظهوره الأول مع المنتخب في سبتمبر 2021، ولعب تشواميني 19 مباراة من أصل 20 ممكنة، وكان أساسياً في 14 منها.
وفي كأس العالم بقطر، شارك أساسياً في كل المباريات، وهو تفرّد مرجعه إلى موهبته أولاً أكثر منه إلى النقص في مقاعد البدلاء، ومنذ بداية المونديال لعب الشغوف بكرة السلة الأميركية دوره كحارس أمام الدفاع ب «رصانة»، وهي كلمة استخدمها هو، مع احترام تعليمات ديشان بدقة.
ويغلب على نسخة «الزرق» الحالية في مونديال قطر 2022 وجه ذو طابع هجومي، مع الرباعي كيليان مبابي وعثمان ديمبلي وأنطوان غريزمان وأوليفييه جيرو، مع دعم من المدافع تيو هيرنانديز وحتى أدريان رابيو.
ضد إنكلترا، تدفقت الأضواء على تشواميني بافتتاح التسجيل في واحدة من تجاوزاته النادرة.
وسيطر «لا ماكينا» (الآلة) وهو لقبه في إسبانيا، بهدوء على تمريرة من أنطوان غريزمان، وبتوازن مثالي أطلق العنان لتسديدة قوية على بعد 24 متراً من المرمى الإنكليزي، تسديدة صاروخية بأسلوب «بوغبوم».
وباحتفاليته الجدية بالهدف واضعاً إصبعه على صدغه، باتت المقارنة أعمق مع بوغبا، وتبقت له مباراتان ليسير على خطى «معلمه» أحد أعمدة لقب عام 2018، والذي أُرغم قسراً على الغياب في هذه البطولة.
غياب عن التدريبات
من جانب آخر، غاب لاعبا المنتخب الفرنسي دايو اوباميكانو وأوريليان تشواميني عن التمارين الجماعية أمس الأول في الدوحة، قبل يومين من مباراة نصف نهائي مونديال 2022 أمام المغرب، حسبما لاحظ صحافيو وكالة فرانس برس.
واستُهلت الحصة التدريبية بفترة إحماء تحت قيادة المعد البدني سيريل موين خلال فترة الربع الساعة الاولى المخصصة للصحافيين.
وكان لاعب وسط ريال مدريد الاسباني تشواميني تعرض لكدمة في ربلة الساق أمام إنكلترا السبت في ربع النهائي، وهو ما يفسر الاحتياطات المتخذة.
وذكرت صحيفة ليكيب اليومية أن مدافع بايرن ميونيخ الالماني اوباميكانو يعاني من التهاب في الحلق.
أوناحي... صناعة محلية بمؤهلات عالمية
عز الدين أوناحي منتوج محلي بمؤهلات عالمية «هكذا علّق مدرب المنتخب المغربي على تألق صانع ألعاب أسود الأطلس، وفريق أنجيه الفرنسي الواعد في مونديال قطر 2022 لكرة القدم، ومساهمته الكبيرة في بلوغه نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخه.
وانهالت الإشادات على أوناحي، إحدى الركائز الأساسية للركراكي في وسط الملعب، إلى جانب سفيان أمرابط وسليم أملاح، من كل صوب وحدب، وأبرزها من مدرب إسبانيا لويس إنريكي، الذي أبدى فريقه السابق برشلونة اهتمامه بالتعاقد مع الواعد المغربي حسب صحيفة موندو ديبورتيفو الإسبانية.
وتألق أوناحي ومواطنه سفيان بوفال في المونديال دفع مالك ورئيس أنجيه الجزائري الأصل إلى الاستعداد لبيعهما في فترة الانتقالات الشتوية أو الصيفية طالما ارتفعت قيمتهما التسويقية، وكشف أوناحي مرات عدة أنه يستلهم لعبه من النجمين السابقين الإسباني أندريس إنييستا والبرازيلي كاكا. بنيته الجسدية النحيفة وطوله البالغ 1.82 يجعلانه عرضة للإصابات، خصوصاً بسبب فنياته العالية والتدخلات القوية لمنافسيه.
وولد أوناحي في 19 أبريل 2000 في الدار البيضاء لعائلة كروية، فشقيقاه الأكبر والأصغر يلعبان أيضاً على مستوى الهواة في المغرب، كما أنه ابن خالة مدافع الجيش الملكي رضا مهناوي (21 عاماً)، وبدأ مداعبة الكرة في سن مبكرة، وتحديداً بالخامسة من عمره، وانضم إلى صفوف الرجاء البيضاوي للصغار، قبل أن ينتقل عام 2015 إلى أكاديمية محمد السادس بضواحي مدينة القراصنة، التي يفصلها نهر أبي رقراق عن العاصمة الرباط.
وفي عام 2018، انتقل إلى صفوف ستراسبورغ الفرنسي، لكنه لم يلعب أي مباراة فانضم إلى فريق رديف (أو إس) أفرانش بالدرجة الخامسة في 3 أغسطس 2020 في صفقة انتقال حر، وأثبت نفسه صانع ألعاب الفريق من خلال إظهار مهاراته الفنية ومراوغاته وتمريراته الحاسمة، ولعب معه 27 مباراة بالدوري وسجل 5 أهداف.
وانتقل أوناحي إلى صفوف أنجيه في 14 يوليو 2021 لمدة 4 سنوات، وفرض نفسه في تشكيلته لتُوجّه له الدعوة من المدرب وحيد خليلودجيتش للدفاع عن ألوان أسود الأطلس في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، وخاض مباراته الأولى ضد غانا بالجولة الأولى في 10 ديسمبر 2021، وسجل هدفين حتى الآن، كانا ثنائية غالية في مرمى الكونغو الديموقراطية في إياب الدور الحاسم المؤهل لمونديال قطر.
فاران: لن نستخف بقوة المغرب
أصر مدافع منتخب فرنسا رافايل فاران على أنه لن يكون هناك أي تهاون من قبل أبطال العالم عندما يواجهون المغرب، مفاجأة البطولة، في الدور نصف النهائي من مونديال قطر 2022.
بعد الفوز على إنكلترا في الدور ربع النهائي 2-1، يُعد المنتخب الفرنسي مرشحاً قوياً للتأهل إلى المباراة النهائية وإحراز اللقب، رغم أن المنتخب المغربي نجح في إقصاء إسبانيا والبرتغال توالياً خلال الأدوار الإقصائية في قطر.
وقال فاران، الفائز بكأس العالم 2018، عندما سُئل عن خطر الثقة الزائدة: «لدينا خبرة كافية في الفريق، حتى لا نقع في هذا الفخ».
وأضاف: «نحن نعلم أن المغرب ليس هنا بالصدفة. الأمر متروك لنا كلاعبين مخضرمين للتأكد من أن الجميع مستعد لمعركة أخرى».
وصلت فرنسا إلى الهدف الذي حدده الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بالوصول إلى دور الأربعة، لكن فاران، مدافع مانشستر يونايتد الإنكليزي، قال إن الفريق متعطش لمكان في المباراة النهائية، الأحد، ضد الفائز بين الأرجنتين وكرواتيا.
وأضاف: «ليس من السهل الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم، لذا نحن سعداء جداً، لكن الهدف الحقيقي الوحيد هو الفوز بها. هذا هو الهدف دائماً».
بدوره، أشاد زميله في المنتخب الفرنسي جول كونديه بالفريق المغربي، الذي صنع التاريخ، بعدما أصبح أول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم.
وقال لاعب برشلونة الإسباني: «إنه فريق متلاحم جداً، ويلعب بخطوط متقاربة جداً، ويمنحون اللاعب القليل من الوقت مع الكرة لتنظيم أموره».
وتابع: «يركضون أيضاً بسرعة كبيرة، لذا نحتاج للعب بلمسات قليلة، وأن نحرك الكرة سريعاً لزعزعة توازنهم».