«من وراء التنظيم الدستوري لمسؤولية الوزراء السياسية، توجد كذلك، وبصفة خاصة، رقابة الرأي العام التي لا شك أن الحكم الديموقراطي يأخذ بيدها ويوفر مقوماتها وضماناتها، ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في شعبية الحكم. وهذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية فتكفل لهم ــ إلى جانب حق الانتخاب ــ مختلف مقومات الحرية الشخصية في المواد 30، و31، و32، و33، و34، من الدستور وحرية الرأي المادة 36، وحرية تكوين الجمعيات والنقابات المادة 43... وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتماً الوعي السياسي ويقوى الرأي العام، وبغير هذه الضمانات والحريات السياسية تنطوي النفوس على تذمر».
الفقرة أعلاه هي جزء من المذكرة التفسيرية لدستور الكويت، وهي، كما هو معلوم، جزء من الدستور ملزمة ومفسرة.
ولا شك أن كل حكومات العالم تحرص على الشعبية وما يؤدي إليها، لكي تمارس عملها في جو من الدعم الشعبي، وهو الدعم الذي خسرته مجالس الأمة الأخيرة بسبب انتهاكاتها الخطيرة للدستور وللمصلحة العامة.
وهذه الحريات هي الحريات المنضبطة بأحكام الدستور والقانون وليست الحريات المطلقة أو الفوضوية، لكن اليوم هناك من يتخوف من محاولات حكومية لتقليل مساحة هذه الحريات، مما سيؤثر على شعبية الحكومة، ومنها ما نشرته جريدة «الجريدة» على صفحتها الأولى الثلاثاء الماضي بعنوان «الشؤون تخنق المجتمع المدني»، ولم تعقّب «الشؤون» أو توضح الموضوع، كما لم تُصدِر أي توضيح عن سبب حلها لمجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر رغم أن أعضاء الجمعية ينفون أي تجاوز، كما أنهم يؤكدون أنهم خاطبوا «الشؤون» لعقد الجمعية العمومية عدة مرات خلال السنتين الماضيتين، ولكنها التزمت الصمت، والغريب أنه لم يُتخَذ أي إجراء مماثل لجمعية الإخاء الوطني رغم عدم انعقاد جمعيتها العمومية ثلاث سنوات، ورغم مقابلة ومخاطبة عدد من المؤسسين لوزيرة الشؤون بكتب تفيد وقوع المخالفات والمبررات القانونية لحلها.
وهناك خشية أن تؤثر بعض الأخبار الأخرى، التي تتهم الحكومة بتقييد بعض الآراء والجهات الأخرى، على شعبية الحكومة.
إن الحرص على شعبية الحكومة كما أمر الدستور يقتضي الشفافية والبيان الواضح المقنع لجميع أعمالها، كما يقتضي رد الحكومة المعلن على أي استفسار أو اعتراض على أي عمل من أعمالها، وذلك لإزالة الغموض، وتحقيق الإصلاح والشعبية، وهو من أسهل الأمور إذا كان عملها موافقاً للقانون ومحققاً للمصلحة العامة.