افتتح الفنان والمنتج خالد المظفر حديثه عن المسرح بإلقاء الضوء على بداية الحركة المسرحية في الكويت منذ أن قدم الفنان الراحل محمد النمشي مسرحيات كوميدية أواخر الثلاثينيات بالتعاون مع صالح العجيري، وكانوا ينتقدون بعض سلوكيات الفرد في المجتمع، كالواسطة وإهمال الأسرة، وغيرها من القضايا، ثم قام حمد الرجيب بالمساهمة في تأسيس المعهد العالي للفنون المسرحية بالتعاون مع المخرج زكي طليمات وتمت الاستعانة بالفنانين الرجال لصعوبة مشاركة المرأة في ذلك الوقت على خشبة المسرح، ثم نشأ جيل جديد من الرواد، مثل سعد الفرج وحياة الفهد وعبدالحسين عبدالرضا ومريم الصالح، وانطلقوا بالمسرح الكويتي من خلال تقديم أعمال جميلة راسخة حتى اليوم، لما حملته من رسالة ووعي واستشراف للمستقبل، ومنها «الكويت 2000»، وغيرها من أعمال كوميدية وذات رسالة هادفة في نفس الوقت.
الحركة الشبابية
وبالعودة إلى الحركة المسرحية الشبابية الآن، قال المظفر: «تدرجت في العمل المسرحي والتدريب على يد الكبار، حتى استطعت أن أضع بصمة خاصة على أعمالي، ولكني لم أكن أتوقع أن يصل بي الجمهور إلى هذه المكانة الكبيرة التي أتمتع وأفتخر بها اليوم، ويعود الفضل في ذلك إلى أساتذتي وتوجيهاتهم لنا بالقراءة لكبار الكتاب ومنها مسرحيات شكسبير وبرنارد شو وآرثر ميلر وغيرهم من رواد المسرح البريطاني، ولكني كنت أبحث دائماً في أعمالهم وفي نفسي عن الضحكة والسخرية والكوميديا، حتى جاء يوم وقال لي أستاذي عبدالعزيز صفر إنه سيأتي يوم وأطبق ما تعلمته من فنون المسرح، ولكنه نصحني قائلاً: يوماً ما ستتخرج ولكن كثرة الضحك لن تخلق منك فناناً، ولكني لم أستوعب نصيحته في ذلك الوقت، وبدأت بالعمل مع الفنان طارق العلي وعرفت معنى هذه النصيحة، وأدركت أن المسرح ليس فقط للضحكة ولكن للرسالة وللقيمة التي يقدمها، حيث يشكل هويتنا».
وأضاف أن المكانة التي وصل لها اليوم كنجم أو منتج وصاحب مسرح وفنان كوميدي يتصدر بطولة الأعمال في سن 28 لم تكن متوقعة، ولكن الجمهور هو من وضعه في هذه المكانة كفنان كوميدي، «ولكن من باب المسؤولية أعترف اليوم لجمهوري ومن وضعني في صورة النجم أني لم أقدم شيئاً جديداً كما يتصور البعض، ولكن أنا رجعت للأصل وهو تقديم القصة وفقاً لأصولها من بداية ووسط ونهاية وحبكة ورسالة، وهو ما جعلني نجم اليوم في عيون الناس».
وأشار إلى أن صديقاً نصحه في عمر 14 عاماً بقوله: إذا كنت تتجه إلى هدف ما فلا تغرك المغريات التي تجدها على الطريق، «واستوعبت هذه الفكرة مؤخراً حين وجدت المغريات من حولي، ولكن سبب نجاحي اليوم هو تركيزي على الهدف وليس التفاصيل».
حلم صعب
وتحدث المظفر عن حلمه قائلاً: «حلمت بأن تعود العائلة إلى المسرح الكويتي، وكان حلما صعباً، ولكنه تحقق في أعمالي، وما زاده صعوبة أنني أيضاً حلمت بالغناء وأنا مصنف عند الجمهور ممثل كوميدي، فكان من المتوقع أن الجمهور لن يتقبل عملاً رومانسياً من كوميديان، ولكن إيماني بقوة الكوميديان على التأثير، وربما أستطيع أن أؤثر وأقنع جمهوري بأعمالي الرومانسية وأقدم من خلالها رسائل قوية كالتي نجح في تقديمها الكوميديان العالمي تشارلي تشابلن رغم صمته».
وحول تعاونه مع المخرج عبدالعزيز صفر، قال: «منذ 2009 تعلمت على يديه، وكان له تأثير كبير علي، ومن هنا وجدنا أن هناك خطاً يجمعنا، وهو تقديم عمل مسرحي بشعور السينما، حيث يستغرق المشاهد في العمل دون كسر الحاجز الرابع مع الجمهور، مثل الأعمال التي نشاهدها في أوروبا وأميركا».
ولفت المظفر إلى دور الفنان المجتمعي ودور المسرح في المجتمع، وهو موضوع الندوة، قائلا:«قدمت أول مسرحية لي بعنوان مطلوب، وتناولت قصة إرهابي يخطط لتفجير سفارة أجنبية، وانتابني شعور بالواجب الوطني وتقديم مسرحية حول أثر الإرهاب في مجتمعاتنا، وخاصة بعد قضية تفجير أحد المساجد بالكويت، وكيف يتم اختيار الأشخاص الجهلاء الضعفاء لتجنيدهم وتنفيذ هذه الأعمال الإرهابية، وكانت المسرحية من تأليف وإخراج اللبناني جورج خباز، نتيجة ضعف النصوص الموجودة في الكويت فأغلبها سطحي يفتقد العمق».
وتابع: «كنت حريصاً في أول إنتاج مسرحي لي على أن أنجح فنياً وجماهيرياً وإنتاجياً، ونجحت المسرحية بقوة، وهو ما جعلني أحتار في العمل التالي، وأن يكون خطوة للأعلى وليست للوراء، فتناقشت مع المخرج عبدالعزيز صفر في إعادة مسرحية عزوبي السالمية لشدة تعلقي بها، وجمال تفاصيلها».
وأردف: «بعدها قدمنا مسرحية عزوبي السالمية في فترة كورونا كمسرحية تلفزيونية في فترة الحجر، وبعد عودة الأمور إلى طبيعتها قدمنا مسرحية موعد مع معاليه، التي عكست معاناتي الشخصية مع المسؤولين الذين تواصلت معهم في رحلة البحث عن مسرح لعرض أعمالي، لذلك فقد خرجت من القلب، وحققت النجاح المتوقع منها بواقع 104 عروض، منها 90 عرضاً بالكويت، إلى جانب الجولات الخارجية».
وأكد المظفر أن «الجميع توقع استمرار نجاحي على نفس المستوى، فقدمت مسرحية المحترمين، التي تناولت ضباطاً فاسدين عام 1930 في مدينة وهمية، وكنت أحد هؤلاء الفاسدين، ونجح العمل ولكن ليس بالقدر المتوقع له، ربما لأسباب تتعلق بالديكور أو الأزياء، وأن الحقبة بعيدة ولا تلامس الجيل أو الموسيقى السيمفونية، ورغم ذلك فقد قدمت المسرحية في الكويت 85 عرضاً، مما حقق لي النجاح المادي كمنتج، وهو ما فرض عليّ قدراً أكبر من المسؤولية المجتمعية تجاه جمهوري الذي يدعمني في كل أعمالي، سواء كانت وفقاً للتوقعات أم لا».
واستدرك: «تواصلت مع عبدالعزيز صفر، باعتباره شريك النجاح والمؤلف والمخرج، وقلت له أريد تقديم مسرحية شعبية في المرة المقبلة، من أجل إسعاد الجمهور ومكافأته على دعمهم لي، وكانت مسرحية الأول من نوعه، التي تجاوزت عروضها 220 عرضاً».
وأضاف: «واجهنا عدة معوقات، لكن خرجت المسرحية من القلب للقلب، وهي مسؤوليتي تجاه المجتمع والمسرح».